- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ستّة أشهر من المذبحة المستمرة في غزّة، بتسهيل من الأنظمة الخائنة في بلاد المسلمين
(مترجم)
الخبر:
لقد عانى مسلمو غزة الآن من ستة أشهر من القصف المتواصل وتكثيف الحصار الوحشي على يد كيان يهود الذي يمارس الإبادة الجماعية والذي خلق كارثة إنسانية مروّعة لا مثيل لها ومستويات لا توصف من المعاناة. وقد تمّ ذبح أكثر من 34 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال. وقد ارتكبت مجزرة تلو الأخرى، راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد في مستشفى الشفاء. وتعرّض أكثر من 70% من المنازل في غزّة للأضرار أو للتدمير. لقد تمّ تدمير نظام الرعاية الصحية بالكامل. ويموت سكان غزة من الجوع والجفاف والأمراض الناجمة عن الحصار المفروض على الغذاء والدواء والمياه النظيفة والوقود. لقد ارتكب كيان يهود كل جريمة ضدّ الإنسانية، وانتهك كل القوانين الدولية لحقوق الإنسان، شجّعه على ذلك الدعم الذي تلقاه من الحكومات والقادة الاستعماريين الغربيين، فضلاً عن التقاعس التام لحكام وأنظمة البلاد الإسلامية عن وضع حدّ لانتهاكات حقوق الإنسان وحمّام الدّم هذا.
التعليق:
لم يكن لأي من هذا أن يحدث لولا تسهيلات الحكام الجبناء في البلاد الإسلامية الذين وقفوا دائماً - في الماضي والحاضر - باعتبارهم العقبة الرئيسية أمام تحرير فلسطين. وفي خضم هذه المذبحة الجماعية، واصلوا علاقاتهم واتفاقيات السلام والتطبيع والعلاقات التجارية والتعاون مع كيان يهود المجرم، ولم يحركوا ساكنا لحماية المسلمين الفلسطينيين من الإبادة. رغم كلام الرئيس التركي أردوغان الناري ضدّ كيان يهود، إلاّ أنّ 40% من نفط الاحتلال ما زال يتدفق عبر ميناء جيهان التركي، ما يغذي آلته الحربية، ويمكّنه من مواصلة حملة الإبادة الجماعية. علاوةً على ذلك، صرّح إلهان أوزغل، خبير العلاقات الدولية وكاتب العمود في بوابة كيسا دالغا الإخبارية التركية، قائلاً: "يمكن لتركيا أن توقف عمل محطة رادار كوريسيك في ملاطية في تركيا، والتي تعتبر بالغة الأهمية لنظام الدفاع الصاروخي التابع لحلف شمال الأطلسي، وبقدر ما نحن أعلم أنها تحمي المجال الجوي لـ(إسرائيل) أيضاً"، إلاّ أنّ الحكومة فشلت في القيام بذلك. كما تحافظ القيادة التركية على علاقاتها التجارية مع هذا الكيان الوحشي. واستمرت حكومات السعودية والإمارات والبحرين وقطر في السماح للولايات المتحدة باستخدام القواعد العسكرية في أراضيها لتوفير الحماية أو إمداد كيان يهود بالسلاح لتنفيذ حمام الدم هذا ومواصلة احتلاله.
لقد حافظت الأردن ومصر على اتفاقات السلام المذلة مع الاحتلال، وتنتظران بلا خجل الضوء الأخضر من كيان يهود لإرسال المواد الغذائية وغيرها من الضروريات إلى مسلمي غزة. لقد ساعدوا الحصار على الناس، وسمحوا ليود بإملاء ما يدخل إلى غزة، بدلاً من هدم الحدود والمعابر التي فرضها الاحتلال وإغراق القطاع بالمساعدات الإنسانية. تواصل الإمارات والبحرين والمغرب والسودان التمسك باتفاقات أبراهام التي تسهل العلاقات الدبلوماسية الكاملة والتعاون الاقتصادي والأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية والعسكرية مع الاحتلال القاتل. وخلال الأشهر الستة الماضية، أرسلت الإمارات شحنة تجارية محملة بالمواد الغذائية الطازجة من دبي، عبر السعودية والأردن إلى كيان يهود، باستخدام جسر بري جديد بديل للتغلب على الحصار الذي يفرضه الحوثيون في البحر الأحمر. كما سمحت الحكومة الأردنية بمواصلة تصدير الفواكه والخضروات الطازجة إلى الاحتلال الذي يمارس الإبادة الجماعية. وهذا على الرغم من أن الأطفال الفلسطينيين يموتون في غزة بسبب الجوع بسبب الحصار الوحشي. في هذه الأثناء، لا يزال النظام في السعودية يعرب عن رغبته في مواصلة التطبيع مع هذا الاحتلال المتعطش للدماء. ففي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية كانون الثاني/يناير، أكدّ سفير المملكة العربية السعودية لدى المملكة المتحدة أنه "بالتأكيد هناك اهتمام" بين قادة بلاده للتوصل إلى اتفاق مع كيان يهود، على الرّغم مما وصفه هو نفسه بأرقام الضحايا "المؤسفة" و"فشل الإنسانية" في غزة.
وإلى جانب هذا المستوى الإجرامي من الخيانة للمسلمين الفلسطينيين، فشلت الأنظمة في بلاد المسلمين في إرسال جندي واحد لحماية إخواننا وأخواتنا من الذبح. بل منعوا جيوشهم من التحرك للدفاع عن أمتهم، وحاولوا بدلاً من ذلك تهدئة غضب جيوشهم تجاه ما يحدث في هذه الأرض المباركة، بدلاً من تعبئتهم كما أمر الله سبحانه وتعالى لتحرير فلسطين من هذا العدو الوحشي. قد يدعي البعض أنهم يخوضون مفاوضات مع كيان يهود للتوصّل إلى وقف إطلاق النار ووقف القتل. فما هي المفاوضات اللازمة لإنهاء حمام الدم هذا، في حين إنّ مجرد وجود جنود مسلمين في فلسطين، مسلحين ومستعدين للدفاع عن أمتهم، من شأنه أن يدفع جيش كيان يهود إلى الفرار مرعوبين؟!
إنّ حجم خيانة أنظمة وحكام بلاد المسلمين تجاه أرض فلسطين المباركة والأمة الإسلامية ودين الله سبحانه وتعالى لا يغتفر! إنهم جبناء وخونة؛ كل واحد منهم! لقد وقفوا مكتوفي الأيدي بينما تنزف غزة وبقية فلسطين... في أعقاب إرثهم من الفشل في حماية المسلمين في سوريا وميانمار وكشمير وتركستان الشرقية وأماكن أخرى من الذبح والقمع. هناك فرق شاسع بين غضب المسلمين ومشاعرهم تجاه الاحتلال وجرائمه، وبين تصرفات هؤلاء الحكام الذين يتعاملون كالمعتاد مع كيان يهود. إنّ هؤلاء الحكام لا يمثلون مصالح المسلمين أو معتقداتهم الإسلامية بأي شكل من الأشكال، ولا يستحقون أن يحكموا هذه الأمة يوماً واحداً بعد ذلك. قال النبي ﷺ «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ» قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».
من الواضح أنّ فلسطين لن تتحرّر أبداً ما دام هؤلاء الحكام والأنظمة التي زرعها الغرب ودعموها لا تزال في السلطة. إنها الأدوات التي تستخدمها الحكومات الاستعمارية الغربية لإبقاء الاحتلال في مكانه وتعزيز سلطته. لذا فإن الدعوة لا ينبغي أن تقتصر على إنهاء هذه الإبادة الجماعية وتحرير فلسطين فحسب، بل يجب أيضاً تحرير بلاد المسلمين مما يبقي كيان يهود في مكانه وهو حكم هؤلاء الحكام والأنظمة الخائنة، وإقامة نظام الحكم الإسلامي؛ الخلافة على منهاج النبوة التي تمثل مصالح المسلمين والإسلام بشكل حقيقي، والتي ستحشد جيشها لتحرير كل شبر من أرض فلسطين المباركة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسماء صديق
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير