- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
وساطة تركيا بين حماس وكيان يهود
الخبر:
أورد موقع سكاي نيوز عربية في 18 نيسان/أبريل 2024 على لسان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان أن قادة حماس أعربوا عن قبولهم بحل الجناح العسكري للحركة في حال تم إنشاء دولة فلسطينية على حدود 67، مشيرا إلى موافقة حماس على تحول الحركة إلى حزب سياسي، وذلك بعد إعلان قطر إعادة النظر في دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بين الكيان وحركة حماس.
التعليق:
لا شك أن ما يقوم به المجاهدون في غزة من تضحيات ومقاومة باسلة أربكت حكام الكيان وكشفت عن مدى هشاشته وقابلية كسره وإزالته، ولولا وقوف الغرب الكافر وعملائهم من حكام المنطقة مع الكيان بجميع النواحي ومنذ إنشائه لما تمكن هذا الكيان من العيش لحظة واحدة، ناهيك عن اغتصاب واحتلال أراض جمة من أراضي المسلمين. وهذا يبين بما لا يقبل الشك أن معركة التحرير التام ليست مع الكيان وحده، بل هي مع من يقف من ورائه، فالكيان قاعدة متقدمة لأمريكا وبريطانيا وأوروبا، وهي خط الدفاع الأول عن هذه الدول الكافرة. وحتى يتمكن المسلمون من تحقيق وعد الله تعالى بالنصر والتمكين لا بد أن يقاتلوهم كافة كما أن المشركين يقاتلون المسلمين كافة، والله تعالى يقول: ﴿وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.
واللافت للنظر أن المسلمين ومن خلال حركاتهم وقياداتهم وتنظيماتهم لا يزالون ينظرون لقضاياهم نظرة محلية جزئية، ولا ينظرون إلى الصورة الكاملة بالرغم من وضوحها التام خاصة بعد طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023. فقد رأى المسلمون كيف جاءت أمريكا بأساطيلها ورئيسها ووزرائها ليقفوا صفا واحدا مع الكيان، وتبعتهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. ومن جهة أخرى فقد ترك المسلمون إخوانهم في غزة وحدهم يقفون في وجه يهود ومن ورائهم الغرب الكافر الحاقد على الإسلام. فالأمة الإسلامية اليوم لا تقاتل المشركين بكافة قواتها وإمكانياتها، بل تترك فئة مستضعفة قليلة العدد والعدة في مواجهة حرب ضروس.
وأدهى من ذلك أن حكام المسلمين بدلا من أن يسيروا جيوشهم وقواتهم ليقفوا كافة مع إخوانهم في فلسطين، تراهم يعملون سرا وعلنا لاحتواء المقاتلين وتسييرهم في دروب أشد ظلما وظلاما من الحرب الطاحنة التي لا تزال تقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتهدم المدارس والمساجد والمنازل.
فقطر مارست ولا تزال تمارس دور الوسيط ليتم تثبيت كيان يهود في دولة تكون مقبولة تماما في منظومة الشرق الأوسط الجديد، مقابل إعطاء كيان مسخ يسمى دولة فلسطين كباقي كيانات الدول العربية. ولما باتت مكائد الغرب تصل إلى مبتغاها، انتقل الدور الخبيث من قطر إلى تركيا، التي عملت أمريكا على تسليمها ملف "الإسلام على الطريقة الأمريكية" بعد أن تم سحب هذا الملف من السعودية. ومن هنا جاء استدعاء قادة حماس السياسيين إلى تركيا للقاء رئيسها الذي لم يتوان منذ بداية الحرب عن تزويد كيان يهود بشتى أنواع السلع الغذائية والدوائية والصناعية. ولم يخف على أحد أن استدعاء قادة حماس السياسيين في هذه الظروف إنما هو زيادة في الضغط من أجل تثبيت كيان يهود في منظومة الشرق الأوسط التي أرادت أمريكا أن تجعل تركيا جزءا مهما ولاعبا قويا في منظومة الشرق الأوسط هذه.
فقد صورت تركيا ومن قبلها عملاء بريطانيا وأمريكا أن القضية تكمن في إقامة دولة للفلسطينيين، وصرفوا الأنظار على أن القضية والمشكلة من أصلها هي إنشاء كيان ليهود في فلسطين. فأصبحت المطالبة بدولة لفلسطين تعني بالضرورة تثبيت كيان يهود ودولتهم المسماة (إسرائيل). ونسي الكثير من الناس أن أهل فلسطين هم جزء من الأمة الإسلامية ليسوا بحاجة لدولة هزيلة خاصة بهم كما هو الحال في الأردن ولبنان وسوريا ومصر وغيرها... ولم يكتف هؤلاء العملاء بعمالاتهم هم للغرب الكافر، بل لا يزالون يصرون على جر غيرهم خاصة من أصحاب الشكيمة والقوة والمجاهدين ليلحقوا بهم ليكونوا معهم أداة لتثبيت كيان يهود وإقامة دولتهم وجعلها جزءا من شرق أوسطهم الجديد مع إيران وتركيا وباقي دول المنطقة العربية.
فهلا أدرك قادة حماس في قطر أنهم وقضية الأمة في خطر، وأنهم لو أنعموا النظر، لما خرجوا من أنفاق وحفر، إلى دهاليز من الخبث هي أدهى وأمر؟!
﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد جيلاني