الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ليس للأفراد المستعبدين فكرياً الحقّ في قيادة جيوش المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

ليس للأفراد المستعبدين فكرياً الحقّ في قيادة جيوش المسلمين

(مترجم)

 

الخبر:

 

في حديثه كضيف رئيسي في مناقشة نظّمها معهد بنغلادش للدراسات الدولية والاستراتيجية حول دبلوماسية الدفاع، قال رئيس أركان جيش بنغلادش إس إم شفيع الدين أحمد: "نحن أصدقاء للجميع، ولكن لجعل صديق واحد سعيداً، لا يمكننا معاداة الآخرين، يمكن للمرء أن يكون صديقاً اليوم، ولكن ماذا سيحدث إذا لم يكن كذلك غداً؟" وأشار إلى أنّ "نية الدولة يمكن أن تتغير بين عشية وضحاها، ولكن ليس قدراتها. لقد ضمنت بنغلادش التوازن بين الولايات المتحدة والصين". (ديلي ستار، 2024/04/19م).

 

التعليق:

 

منظم هذا الحدث، معهد بنغلادش للدراسات الدولية والاستراتيجية، وهو مؤسسة قانونية وتُعتبر أكبر مؤسسة فكرية في بنغلادش للشؤون الدولية والأمن والقضايا الاستراتيجية. ومن بين المتحدثين الآخرين إلى جانب قائد الجيش، رئيس الأركان العامّة الحالي الفريق واكر الزمان، ونائب المشير الجوي (متقاعد) محمود حسين، واللواء (المتقاعد) الرئيسي أولاه شودري، ومدير عام معهد بنغلادش للدراسات الدولية والاستراتيجية أبو بكر صديق خان. ورئيس معهد بنغلادش للدراسات الدولية والاستراتيجية هو السفير السابق غوسال عزام ساركر.

 

إن الملاحظات التي أدلى بها قائد الجيش وآخرون في هذا البرنامج تعكس بوضوح الاستعباد الفكري للقيادة العسكرية والحكومية في متابعة العلاقات الدولية. ويكشف هذا الاستعباد الفكري تجاه الغرب الكافر أيضاً سبب فشل القيادة العلمانية في حماية مصالح الناس. إن استعباد القيادة العسكرية ليس فقط أمراً مشيناً تماماً؛ إنه أمر خطير للغاية بالنسبة لمسلمي بنغلادش، وهو العائق الوحيد المتبقي الذي يمنع الأمة الإسلامية بأكملها من حلّ جميع شؤونها الداخلية والخارجية بطريقة مستقيمة ومؤثرة.

 

نشأت مسألة التوازن بين قوتين رئيسيتين متصارعتين أو أكثر من المفهوم الخاطئ لـ"توازن القوى العسكرية". يصوّر هذا المفهوم أنّ أيّ دولة ذات قوة عسكرية أضعف يجب أن تظلّ في مدار أي من القوى العظمى لتحييد أو التّصدي للقوى العسكرية العظمى الأخرى. وهذا المفهوم هو وصفة هاضمة للشعوب الإسلامية، وهذا يضمن بقاء المسلمين دائماً تحت خضوع إحدى القوى الكبرى أو تلك التي لها مصالح استعمارية. يقوم الغرب الاستعماري بتعليم هذا المفهوم الفاسد والمنوّم لبعض المسلمين داخل دوائر القيادة العسكرية والحكومية، وهؤلاء الأفراد المفتونون والمستعبدون بفكرة "سيادة الغرب" ينشرون ذلك بين جماهير المسلمين ويثني الأمة عن تحدّي وتغيير موقفها المقوّض والمهزوم. فإذا كان هذا المفهوم صحيحاً وفعالاً، فلماذا يحتفظ المسلمون بجيوشهم الخاصة؟ ما هو مبرر وجود مدة خدمة الجنرال شفيع الدين؟ ماذا تعني "النجوم الأربع" التي تزين زيه العسكري بالنسبة لشعب بنغلادش؟ والحقيقة هي أنّ القيادة العسكرية والحكومية في بنغلادش مستعبدة فكرياً للغرب البغيض، وليس لديهم أي حق على الإطلاق في قيادة المسلمين في بنغلادش.

 

إنها حقيقة تاريخية أن الأجيال الإسلامية السابقة داسوا فكرة "توازن القوى العسكرية" تحت أقدامهم وشكلوا الأمة الإسلامية العظيمة من خلال هزيمة العديد من الجيوش القوية والجبارة. بدأ المسلمون بمعركة بدر، بهزيمة مذلة لقوة معادية كانت تفوقهم عدداً وقوة، ثمّ من الأحزاب أو معركة الخندق إلى مؤتة واليرموك والقادسية، هزم المسلمون جيوشاً قوية الواحدة تلو الأخرى، وكان بعضهم ضدّ القوى العظمى في ذلك العصر. حملت الأجيال اللاحقة من الجيوش الإسلامية هذا الإرث وانتزعت النصر في عين جالوت وجوداليت (إسبانيا) وأرور (السند) وناديا (البنغال)، واستمرّت في حمل نور الإسلام إلى بقية العالم. على هذا النحو، لم تكن عبارة "توازن القوى العسكرية" موجودة على مرّ التاريخ في قاموس جيوش المسلمين، حتى وقت قريب، عندما سيطر الغرب الكافر على زمام جيوش المسلمين، مستفيداً من غياب الخلافة. وبدأوا في غسل أدمغة القيادة العسكرية بهذه الفكرة التافهة. إنّ انتصار الأجيال الإسلامية السابقة على جيوش أفضل بكثير هو حقيقة لا يمكن إنكارها وهي مثبتة. ولكن ينبغي أن نفهم سبب تلك الأحداث البارزة حتى يتمكن الجيل الحالي من جيوش المسلمين من محاكاة وتكرار تلك اللحظات البطولية الفائقة في الوقت الحاضر.

 

يرتكز "توازن القوى العسكري" في "النظرية الواقعية الجديدة" على فكرة المصلحة المادية. لقد حسب العالم الرأسمالي المفاضلة بين الدخول في الحرب والمنفعة الاستعمارية المرتبطة بها، ثمّ توصّل إلى هذه النظرية. لذا، قاموا بتقدير القوة المادية لجيوشهم بما يتناسب مع مصلحتهم أو منفعتهم المادية المطلوبة (المصلحة الاستعمارية)، ووجدوا أنّه لا جدوى من الانخراط في صراع عسكري ما لم يكن المكسب مؤكداً وأكبر من التكلفة. إنّ حساب "القوة المادية" هذا يخلو من أي أساس أخلاقي، لأنه استند إلى العقلية الاستعمارية؛ فعلى هذا النحو، يمكن لأي دولة تدافع بجيش أضعف أن تفوز في معركة ضدّ قوة غازية/استعمارية أقوى بكثير إذا تمّت إثارة السبب الأخلاقي المتمثل في الدفاع عن الشعب والثروة. لذا فإن القوة المعنوية للجيش تنتج قوة أكبر من القوة المادية، إذا تمّت استثارتها بشكل صحيح. ولكن أقوى قوة هي القوة الروحية للجيش. إن سرّ الفتوحات الإسلامية الماضية ضدّ الجيوش المتفوقة هو القوة الروحية عند المسلمين. لقد سارت جيوش المسلمين لسبب روحي؛ لنشر نور الإسلام، وتطهير البلاد من رجس الكفار. وتقدمت جيوش المسلمين بهدف نشر العدل الإلهي، وكانت لديهم قناعة بأن الله سبحانه وتعالى سيرسل العون الإلهي عندما يشاء وينصر المسلمين. وكانت جيوش المسلمين تنظر إلى نفسها على أنها "خليفة" الله تعالى على وجه هذه الأرض. هذه القناعة والتصورات قادت الأجيال الإسلامية السابقة إلى الانتصار على أعدائها الذين لم يسعوا إلاّ إلى المنافع المادية، إذن، هذه هي الوصفة السريّة التي يجب على جيوش المسلمين الحالية أن تحاكيها. فقط هؤلاء الضباط العسكريون الذين لديهم هذا الهدف الروحي والاعتقاد بنصر الله هم الذين يجب عليهم قيادة جيوش المسلمين الآن؛ عندها فقط سيتمكّن المسلمون من إقامة خلافتهم وحلّ جميع شؤونهم الداخلية والخارجية. وعندها فقط سيعيد التاريخ الذهبي نفسه، وستكون الأمة سعيدة بعد قرن مليء بالأحزان والمذلّة.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ريسات أحمد

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية بنغلادش

 

آخر تعديل علىالأربعاء, 08 أيار/مايو 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع