- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
اجتماع الدوحة الثالث
المحاولة الثالثة للأمم المتحدة لدمج أفغانستان بشكل كامل في النّظام العلماني العالمي
(مترجم)
الخبر:
في الثاني من حزيران/يونيو، أعلنت وزارة الخارجية الأفغانية أنّ توماس نيكلاسون، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى أفغانستان، التقى القائم بأعمال وزير الخارجية، وتحدّث معه عن أهمية حضور ممثلي الحكومة الأفغانية اجتماع الدوحة 3. وصرح الوزير الأفغاني أنّ أفغانستان ستُعلن موقفها بعد مراجعة جدول أعمال الاجتماع وترتيباته.
التعليق:
لقد مرّ ما يقرب من ثلاث سنوات منذ التطورات الأخيرة في أفغانستان. تسعى طالبان والغرب إلى المشاركة، لكن الغرب لديه آليات قوية لجذب أفغانستان إلى ذراعه. لقد تمّ عقد أكثر من 100 اجتماع إقليمي ودولي بشأن أفغانستان، بهدف التوصّل إلى سياسة عالمية موحّدة تجاه أفغانستان. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2023، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً يحدّدُ خريطة طريق لـ"الاندماج الكامل لأفغانستان في المجتمع الدولي"، بشرط تلبية المطالب المحددة التي اقترحها منسق الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو.
تتضمن خطة سينيرلي أوغلو شروطاً رئيسية لدمج الحكومة الأفغانية في النظام العالمي الحالي: بدء حوار وطني من أجل حكومة شاملة، والالتزام بالاتفاقيات والقوانين الدولية، ومكافحة الإرهاب والمخدرات، وتقدير حقوق الإنسان، وإشراك النساء والفتيات بشكل نشط في مختلف القطاعات. كما تقترح الوثيقة تعيين ممثل خاص للتواصل مع الحكومة الأفغانية وتعزيز الحوار بين الأفغان. وفي حين ترى الحكومة الأفغانية أنّ هذا غير ضروري، فإنها تقدر الوثيقة بشكل عام. ولكن القضية الأساسية هي هدف دمج أفغانستان في النظام العلماني العالمي، وهو أكثر خطورة مما تدركه الحكومة الأفغانية.
وتشمل الشروط الأساسية للاندماج تشكيل حكومة شاملة ومكافحة الإرهاب. وتحدد خريطة الطريق الغربية هذه السياسات الداخلية والخارجية لأفغانستان. إن مصطلح "الحكومة الشاملة" غير مألوف في المصطلحات الإسلامية، فالغرب يدفع بشكل غير مباشر نحو تشكيل حكومة تتوافق مع القيم الديمقراطية والعلمانية. فعلى سبيل المثال، تُحدّدُ سياسة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2020 الحكومة الشاملة بأنها الحكومة التي تمارس الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان. وقد تمّ تقديم هذا المصطلح في العالم المتقدم في ثمانينات القرن العشرين. وعلى المنوال نفسه، أطلق البنك الدولي على الحكومة الشاملة وصف "الحكومة المفتوحة والشاملة".
إنّ أحد أهم اهتمامات الغرب هو ضمان عدم تغذية أفغانستان للمشاعر الإسلامية والجهادية وعدم تحولها إلى ملاذ للمسلمين المضطهدين والمجاهدين من المسلمين. ويهدف الغرب، باستخدام مزيج من سياسات العصا والجزرة، إلى منع طالبان من أن تصبح قوة عابرة للحدود الوطنية تهدد النظام العلماني العالمي. وتدفع مراكز الفكر الغربية طالبان إلى وقف الجهاد والانخراط مع النظام العالمي. ويناقش مقال حديث في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بقلم سلطان بركات وأنتونيو جيستوزي الفرص المتاحة للغرب للتعامل مع طالبان، مشيرين إلى أنّ العديد من مسؤولي طالبان لم يعودوا يأخذون آراء المتشددين مثل عبد الحكيم حقاني على محمل الجد، حيث يرون أنّ الجهاد قد انتهى بسقوط كابول في آب/أغسطس 2021م.
ورغم أنّ أفغانستان لم تشارك في اجتماع الدوحة السابق، إلاّ أنها تبدو غير راغبة في تفويت مثل هذه الفرص مرةً أخرى. وكما ذكر وزير الخارجية الأفغاني، فإن سياسة أفغانستان تقوم على المشاركة المتوازنة والإيجابية مع جميع البلدان وتسعى إلى المشاركة الهادفة في الدوحة 3 لصالح الشعب والبلاد. ولكن على الحكومة الأفغانية أن تدرك أن الاندماج في النظام العلماني العالمي طريق فاشل يؤدي إلى الخزي في الدنيا والعقاب في الآخرة.
يتعينُ على الحكومة الأفغانية أن تدرك أن الاندماج في النظام العلماني العالمي يعني الدخول في أرض العدو الذي وضع قواعد اللعبة بنفسه. والاندماج في النظام العلماني العالمي وقبول العهود الدولية يعتبر تخلياً عن عهود الله سبحانه وتعالى.
لماذا لا يدركون أنّ الحكم الإسلامي الحقيقي وظهور الإسلام على الأديان الأخرى لن يتحقق إلا من خلال إقامة الخلافة وليس من خلال الاندماج في النظام العلماني العالمي؟! إن الفرصة لاستعادة الخلافة ما زالت قائمة؛ فاستغلوها لتنالوا النصر من الله سبحانه وتعالى. فهل يوجد ناصر أفضل من الله سبحانه وتعالى؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يوسف أرسلان
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان