الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تونس والجزائر: ألم يئن الأوان لخروج قطار الخلافة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تونس والجزائر: ألم يئن الأوان لخروج قطار الخلافة؟

الخبر:

أكد توفيق بوفايد، المدير العام للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، يوم الجمعة 07/06/2024، على نجاح الرحلة التجريبية بين تونس والجزائر، بعد توقف دام لمدة 28 عاما (منذ 1996). وأوضح بوفايد خلال اتصال هاتفي لبرنامج "صباح الورد" على إذاعة جوهرة أف أم التونسية، أن "السفرة انطلقت بقطار جزائري من مدينة عنابة، ودامت 8 ساعات". وأضاف أنه سيتم اتخاذ قرار الانطلاق الفعلي في غضون الأسابيع القادمة، مشيرا إلى أن "برنامج السفرات سيكون بمعدل سفرة ذهابا وأخرى إيابا يوميا، بقطار جزائري مبدئيا، وستقتصر على عنابة ثم كامل الجزائر". (روسيا اليوم نقلا عن جوهرة أف أم)

 

التعليق:

 

فيما أثير مؤخرا موضوع الالتجاء إلى المعسكر الشرقي كبديل للغرب ومؤسساته المانحة، بشكل يضع الناس أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الشرق وإما الغرب (مع أنهما شركاء في قتل المسلمين واضطهادهم)، فإن الحاضر الأليم والتاريخ المشرق والمصير المشترك لما كان يعرف سابقا بإفريقية، تعتبر جميعها - فضلا عن إمكانية الاستثمار في "عبقرية" التموقع الجغرافي - حقائق ناطقة أمام العقلاء بضرورة الوحدة كحاجة سياسية مُلحّة وخيار استراتيجي أمثل لمواجهة التحديات التي تتربص بالمنطقة وتهدد أمنها القومي.

بل إن رابطة العقيدة الإسلامية كافية إذا امتزجت طاقتها بطاقة اللغة العربية في ظل حكم رشيد لتجعل من وحدة تونس والجزائر قوة إقليمية ضاربة، يُحسب لها ألف حساب على مستوى المآلات الاستراتيجية لصراع الحضارات، خاصة بعد تعري الوجه القبيح للحضارة الغربية المتقهقرة خلال أحداث غزة. وإلا ستظل المنطقة مكشوفة الظهر لأعدائها، تكتوي بنيران الشرق والغرب، لأن من يستبدل روسيا والصين بأمريكا وأوروبا هو كالمستجير من الرمضاء بالنار.

ألا وقد نطقت الأدلة الشرعية بوجوب الوحدة على أساس الإسلام واعتبر الفقه الإسلامي -بمذاهبه الأربعة - الخلافة تاج الفرائض، ولم يشذ عن ذلك من فقهاء الأمة وعلمائها إلا الأصم (كما أشار القرطبي وابن خلدون والشيخ الخضر حسين)، فإن العمل على إعادة الشعوب إلى حاضنتها الطبيعية وتفعيل هذه الوحدة الإسلامية والطاقة الكامنة فيها ضمن المشروع الحضاري للأمة هو من أوجب الواجبات، وهو فريضة الساعة، إذ به فقط تتحقق الريادة والسيادة، وبه يُقتلع نفوذ الاستعمار والجشع الرأسمالي من بلادنا أيّا كان مأتاه، وضمنه أيضا تُفعّل طاقات المسلمين وكفاءاتهم بشكل يُغني عن الشرق والغرب على حد سواء، في دولة يرضى عنها ساكن الأرض وساكن السماء.

ثم إن العلامة ابن خلدون رحمه الله حين ألف مقدمة كتابه "العبر وديوان المبتدأ والخبر" التي سالت فيها شآبيب الكلام والمعاني على الفكر حتى امتخضت زبدتها وتألفت نتائجها، ومنها الحديث عن وجوب الخلافة وشروطها، كان يعيش في مغارة بالجزائر كما ثبت تاريخيا، وهو لم يكتب ذلك ليُصنعَ له صنمٌ أو ليتباهى البعض بكتاباته في المناسبات الرسمية والمحافل الدولية إصرارا على (تَوْنَسَةِ) الكاتب والمكتوب وعلى احتكار الانتماء والهُويّة بنعرة عصبيّة وضمن قراءة قُطريّة وَطنيّة صاغها المستعمر الذي رسم حدود البلدان بدماء أبنائها تكريسا للفرقة بينهم، وإنما لتكون مرجعا يعود إليه المسلمون حين تشتد الخطوب وتتنوع الكروب ويستفحل الظلم المؤذن بخراب العمران، فيستلهمون منه حلا لواقعهم حين تسقط دولتهم الجامعة، دولة الخلافة.

ولذلك حريّ بأنصار الحلول الوطنية في زمن التكتلات والتحالفات الصهيو-صليبية والحرب المعلنة على الإسلام والمسلمين، وقد عجز حكامهم عن مجاراة والي الجزائر في الدولة العثمانية (بكر حسن) الذي أرغم أمريكا على دفع الجزية سنة 1795م من أجل السماح بمرور سفنها من البحر الأبيض المتوسط، أن يرتقوا إلى مستوى تفكير العامل الذي عيّنه الحجاج بن يوسف على ولاية خراسان المهلب بن أبي صفرة، حيث كانت وصيته لأبنائه السبعة قبل وفاته رحمه الله مقولته الشهيرة:

كونوا جميعا يا بنيّ إذا اعترى *** خطبٌ، ولا تتفرّقوا آحادا

تأبى الرّماح إذا اجتمعن تكسّراً *** وإذا افترقن تكسّرت أفرادا

إن خروج قطار الخلافة الراشدة الثانية هو وعد رباني وبشرى من نبيه الكريم، صلوات ربي وسلامه عليه، وهو إنجاز حتمي ينتظر من ينال شرف تحقيقه بإذن الله وعونه، بعد أن توقف قطار الخلافة لمدة مائة عام أو يزيد. وإن المشاركة في هذا الإنجاز أفضل من التصفيق على صانعيه لاحقا. وما على القادة المخلصين والدعاة الصادقين والأئمة الربانيين إلا أن يلتحقوا بركب العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية وأن يُكرّسوا كل جهودهم في هذا الاتجاه بأقصى طاقة وأقصى سرعة، متوكلين على ربهم، فيعلنوها مدوية: لا شرقية ولا غربية، بل خلافة إسلامية، توحد الأمة وتطرد الاستعمار وتعيد الدار إلى أهل الدار.

فالخلافة الراشدة هي البضاعة والصناعة وهي الإنجاز الحضاري الحقيقي وهي عنوان العمران البشري الذي يعقب الملك الجبري بإذن الله.

قال تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

آخر تعديل علىالأحد, 09 حزيران/يونيو 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع