- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أهل بنغلادش يدفعون ثمن خدمة المصالح الاستعمارية الأمريكية
في مقابل الحفاظ على الحكم الاستبدادي للشيخة حسينة!
الخبر:
"هل تدفع الولايات المتحدة ثمن انتقاد الحكم الاستبدادي للشيخة حسينة؟" يبدو أن بنغلادش تجاهلت الولايات المتحدة باختيارها طائرات إيرباص بدلاً من طائرات بوينج. ففي خروج كبير عن تقليدها القديم المتمثل في استخدام طائرات بوينج أمريكية الصنع، قررت خطوط بيمان بنغلادش الجوية، الناقل الجوي الوطني في بنغلادش، مؤخراً شراء أربع طائرات إيرباص أوروبية الصنع. ومع ذلك، فإن قرار بيمان شراء طائرات إيرباص لا يتأثر بالعامل المالي أو التجاري، بل يبدو أنها تأثرت بشدة بالجغرافيا السياسية وأولويات السياسة الخارجية لبنغلادش.
لقد تدهورت علاقة بنغلادش مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. ففي عام 2021، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كتيبة التدخل السريع شبه العسكرية النخبوية في بنغلادش وعلى العديد من كبار مسؤوليها الأمنيين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. وفي الفترة التي سبقت الانتخابات العامة أحادية الجانب المثيرة للجدل في بنغلادش والتي عقدت في كانون الثاني/يناير 2024، أعلنت الولايات المتحدة فرض قيود على تأشيرات الدخول للمسؤولين والسياسيين الذين تبيّن أنهم يخربون الانتخابات "الحرة" والنزيهة في بنغلادش. وفرضت الولايات المتحدة مؤخرا عقوبات على قائد الجيش السابق في بنغلادش بسبب مزاعم فساد عليه، ومن المحتمل أن يكون قرار التحول عن شركة بوينغ جزءاً من ردود دكا على القرارات الأمريكية الأخيرة. (المصدر)
التعليق:
تقود حسينة واجد نظام رابطة عوامي الذي يحكم بنغلادش بالطغيان والقمع. ومع ذلك، لم تفرض الولايات المتحدة عقوبات أو قيوداً على تأشيرات الدخول على كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين لتخليص أهل بنغلادش من هذا النظام القمعي. وبدلا من ذلك، فإن القرارات الأمريكية مدفوعة بضغوطها الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة. إن ما يسمى بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي عبر عنها المسؤولون الأمريكيون ليست سوى خطابات خادعة. إن المعيار الوحيد الذي تمتلكه الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى هو المنفعة المادية، ولتأمين هذه المصالح المادية تجرّد هذه الدول نفسها من كل الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، هذا إن كان لديهم أي قيم! وتتركز الجهود الأمريكية، مثل العقوبات والقيود على التأشيرات في بنغلادش، على الضغط على نظام حسينة لتعزيز العلاقات العسكرية، وإبعاد بنغلادش عن الصين، وتسريع الصفقات الاقتصادية مع الشركات الأمريكية.
وعلى الرغم من أن حسينة تنتقد الولايات المتحدة علناً، إلا أنها وعدت بمنح الكتل الهيدروكربونية الضخمة في خليج البنغال بقيمة تريليونات الدولارات لشركة إكسون موبيل الأمريكية العملاقة. وتسيطر شركة شيفرون وهي شركة أمريكية أخرى، تسيطر حالياً على أكثر من 50% من إمدادات الغاز الطبيعي في بنغلادش. إنّ منح شركة أمريكية أخرى حق استكشاف النفط والغاز في خليج البنغال لن يؤدي إلا إلى تعزيز سيطرة الولايات المتحدة على قطاع الطاقة الحيوي في بنغلادش ذات الأغلبية المسلمة. وعلاوة على ذلك، أصدرت حسينة مؤخراً توقعات بنغلادش لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث كانت العديد من بنودها الحاسمة مشتركة مع استراتيجية الولايات المتحدة في تلك المنطقة، كما تبتعد حسينة بالفعل عن الصين من أجل المشتريات الدفاعية وتعميق العلاقات العسكرية مع اليابان وبريطانيا والهند.
إن بنغلادش هي من بين أربع دول (إلى جانب الفلبين وفيجي وماليزيا) التي تم اختيارها لتلقي الدعم العسكري الياباني باسم المساعدة الأمنية الرسمية، والخيط المشترك الذي يمر عبر مشاركة هذه الدول الأربع مع اليابان هو وجود الولايات المتحدة وسياسة "احتواء الصين". لذا، من الواضح أن الولايات المتحدة لا تدفع أي ثمن، بل هي تخدم مصالحها الجيوسياسية وكذلك الاقتصادية من خلال نظام حسينة القمعي. ففي مقابلة مع التلفزيون المستقل، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب ووسط آسيا، دونالد لو "نحن دولة كبيرة، ونسعى لتحقيق مصلحتنا في جميع أنحاء العالم"، ومن الطبيعي أن يتم منح بعض المصالح الاقتصادية والسياسية إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، حيث يتنافسان مع الولايات المتحدة على المصالح السياسية والاقتصادية، وينبغي النظر إلى شراء الطائرات من شركة إيرباص بدلاً من شركة بوينغ من هذه الزاوية.
وكحال غيرها من الحكام العملاء في البلاد الإسلامية، لا تحظى حسينة واجد بدعم الشعب؛ فالناس يكرهونها ويريدون إزالتها. ولهذا السبب فإنها تتنازل عن ثروات الأمة الثمينة للدول المستعمرة حتى تساعدها في المقابل على البقاء في السلطة. ومن ناحية أخرى، فإن الجغرافيا السياسية التي تحركها المصالح المادية للدول الاستعمارية الغربية (أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي) خالية من أي اعتبارات إنسانية وأخلاقية وخالية من أي قضية عادلة. وتظل فرنسا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى صامتة بشأن الفظائع التي ترتكبها حسينة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عندما تحصل على عقود تجارية مثل تلك الخاصة بطائرة إيرباص. بل على العكس من ذلك، فإن الولايات المتحدة تدفع وتضغط على حسينة بحجة انتهاكات حقوق الإنسان لزيادة حصة الولايات المتحدة في ثروة الأمة، الاقتصادية والاستراتيجية، التي تقايضها حسينة مقابل استقرار حكمها. كما أن ما يسمى بـ"اللعبة الكبرى" لهذه القوى العظمى الشريرة ليست إلا اضطرابا جنونياً وجريمة يعاقب عليها القانون بجميع المعايير المدنية. إن المعاناة الكبيرة للمسلمين في بنغلادش الناجمة عن هذه الجغرافيا السياسية القديمة للترويج للحرب ونهب الثروات هي مجرد مثال حزين آخر إلى جانب القائمة الطويلة من معاناة المسلمين في فلسطين وسوريا والعراق والأويغور وكشمير وأماكن أخرى في بلاد المسلمين.
إن العالم بحاجة إلى نظام جيوسياسي من عند الله لنشر عدالة الإسلام في جميع أنحاء العالم بدلاً من السعي وراء المصالح المادية الضخمة، التي ستقودها وتراقبها الخلافة القادمة على منهاج النبوة. فالخليفة الراشد سوف يحمي ثروات الأمة الاقتصادية والاستراتيجية من أن تكون سلعة للقوى الاستعمارية، وسيضمن أن يأخذ كل مسلم نصيبه منها. وفوق كل ذلك، فإن دولة الخلافة الراشدة لن تسمح أبداً للمستعمرين المجرمين بارتكاب جرائمهم دون رادع؛ وستراقب هذه الدولة كل عمل جيوسياسي يقومون به لنهب وإرهاب الدول الأخرى، ومن خلال التدابير المناسبة ستدمر سياساتهم الشريرة التي تحركها المصالح المادية من على وجه هذه الأرض. لقد قام الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالشهادة على الفرس والروم، ثم تبعه في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم تبعه الخلفاء والقادة الراشدون، والشاهد على أهل هذا الزمان، هي الأمة الوسط، والدولة الأولى التي ستحتل المسرح المركزي في العالم؛ وتقيم الحجة على الناس، وتستمر بتبليغ ما بدأه الرسول ﷺ. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ريسات أحمد
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية بنغلادش