الخميس، 24 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ما بين الهجرة واللجوء!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما بين الهجرة واللجوء!

 

 

 

الخبر:

 

لقد احتفل المسلمون كل على شاكلته في الأيام القليلة الفائتة في مشارق الأرض ومغاربها ببداية السنة الهجرية الجديدة.

 

التعليق:

 

قد يتساءل البعض عن العلاقة بين الهجرة واللجوء؟ السؤال مشروع لأن هنالك فوارق عدة بينهما من حيث الدوافع والأسباب والأهداف والغايات، ولكن كليهما يمثلان ترك الديار والأهل والخروج إلى ديار غريبة عليهم في كثير من أنماط الحياة التي اعتادا عليها ما يشكل شعوراً بالغربة والوحشة، ولكن الفوارق الكبيرة في طريقة تعامل المضيفين لكل منهما هي موضوع الاهتمام وهي موضع البحث.

 

لقد هاجر الصحابة الكرام إلى المدينة المنورة تاركين أعز بقاع الله إلى الله تعالى وهي كانت أرض عزهم ومجدهم وموضع فخرهم وسمو أرواحهم، حتى قال عنها الرسول ﷺ قولته المشهورة: «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَيَّ وَلَوْلَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ».

 

ولكن بالمقابل الحفاوة التي قابل بها الأنصار المهاجرين بعد أن آخى الرسول ﷺ بينهم فكانوا أشبه بالملائكة من البشر، فقد تجسد فيهم قول الله تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ وقوله ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ...» فتقاسموا معهم كل شيء حتى وصل بهم الأمر أن عرضوا عليهم تقاسم الزوجات وهذا لم يحدث في تاريخ البشرية في أي عصر من العصور ولا في أي حضارة من الحضارات.

 

وعلى الوجه الآخر من المشهد نجد صورة مغايرة تماماً لهذه الصفحة البيضاء الناصعة، فقد هاجر أهل اليمن وأهل سوريا وأهل السودان وقبلهم كثير من المسلمين هاجروا تحت أزيز الطائرات ولهيب المدافع فهاموا على وجوههم طالبين الأمن والأمان عند جيرانهم المسلمين، ولكن وبرغم أن الذين نزحوا من ديارهم مسلمون وذهبوا إلى مسلمين دينهم هو دين الصحابة نفسه ونبيهم هو نبي الصحابة نفسه والإخاء الذي عقده ﷺ ما زال قائما، إلا أن النظرة كانت مختلفة والمعاملة أشد اختلافاً، فكانت النظرة إليهم أنهم لاجئون أجانب، فأغلقت كثير من الدول الحدود في وجوههم، والذين فتحت لهم بشكل رسمي عُقّدت إجراءات دخولهم ما اضطر الأغلبية إلى ركوب المخاطر والسفر عبر طرق وعرة دفع بعضهم أرواحهم ثمناً، ولجأت بعض الدول إلى حبسهم خارج المدن وإنشاء معسكرات إيواء لهم تنقصها في كثير من الأحيان أدنى مقومات الحياة الكريمة، ويهددون دوما بالطرد إذا خرجوا من هذه المخيمات أو ارتكبوا أي مخالفات لقوانين الهجرة التي حددت لهم!

 

وما كل ذلك إلا لأن النظرة لهم أنهم أجانب وليسوا من أبناء البلد فلم يشفع لهم دين ولا جوار!

 

والسؤال هو لماذا هذا التباين الصارخ في المعاملة؟!

 

في الحالة الأولى كانت النظرة إليهم أنهم مسلمون، والمسلم أخو المسلم، فكان أساس النظر هو الإسلام.

 

وأما في الحالة الثانية فكانوا أجانب غرباء لاجئين وليسوا من أبناء البلد، فكانت الوطنية هي أساس تلك النظرة.

 

فيكفي الوطنية سوءاً أن تفرق بين المسلمين وتمزق وحدتهم، وهذا ما عمد الكافر المستعمر أن يصل إليه من خلال رسم حدود بين بلاد المسلمين أصبحت مقدسة وكأن الله هو الذي أمر بها!! والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ وتسببت هذه الوطنية في خذلان المسلمين بعضهم لبعض؛ فهذه غزة تنزف ويحيطها المسلمون من جميع الجهات ولا حياة لمن تنادي! والرسول ﷺ يقول: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ» أخرجه مسلم عن أبي هريرة.

 

والوطنية كانت السبب في أخذ أنظمة الكفر لإدارة الشؤون العامة، فلا يوجد في الوطنية نظام اقتصادي ولا نظام حكم ولا نظام اجتماعي...

 

وبعد خروج الاستعمار من بلاد المسلمين التفتنا يمنة ويسرة فلم نجد غير أنظمة الكفر. فمن أخذ بالرأسمالية، ومن أخذ بالاشتراكية، ومنهم من خلط بينهما، وما ذلك إلا لأن الوطنية ليست فكرة تنظم الحياة وإنما هي رابطة عاطفية غريزية تتعلق بحب الوطن.

 

أما آن لنا أن نعود إلى رشدنا ونرجع إلى كتاب ربنا وهدي نبينا ﷺ ونعلنها خلافة راشدة على منهاج النبوة كما وعدنا الله سبحانه وبشرنا بها حبيبه ﷺ؟!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس حسب الله النور – ولاية السودان

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع