- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
التغيير هو الفكر الأكثر مقاومة في التاريخ
(مترجم)
الخبر:
ظلت شوارع كينيا ساحة معركة مع تطور الاحتجاجات، التي بدأت بسبب الزيادات الضريبية المثيرة للجدل، وتطورت إلى احتجاج أوسع نطاقا ضد الفوارق الاقتصادية العميقة الجذور والافتقار الملحوظ إلى مساءلة الحكومة. وفي طليعة هذا الحراك جيل من الشباب الكينيين، الذين يرفضون إسكاتهم على الرغم من مواجهتهم لحملات القمع المتصاعدة من قبل الشرطة. اندلعت الاحتجاجات رداً على مشروع قانون المالية الذي اقترحته الحكومة والذي تضمن سلسلة من الزيادات الضريبية وسط بيئة اقتصادية مليئة بالتحديات بالفعل. وأثار مشروع القانون غضبا شعبيا، خاصة بين الشباب، الذين رأوا فيه خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم أزمة تكاليف المعيشة المستمرة في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
التعليق:
إن المظاهرات الأخيرة التي نظمها جيل Z (الشباب) وجيل الألفية في كينيا هي من النوع الذي لم تشهده الطبقة السياسية من قبل. لقد كان للمظاهرات بالفعل قضايا حقيقية مطلوبة توضح مدى التأثير الاستعماري الثقيل في مجال الاقتصاد السياسي في كينيا. هذا الوضع ليس فريداً بالنسبة لكينيا بل لجميع دول العالم الثالث، حيث يتم اعتماد معظم السياسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل مباشر لصالح الغرب المستعمر.
إن مشروع القانون المالي الصارم الذي أثار غضب عامة الناس، في بلد يعيش ما يقرب من 40٪ من سكانه تحت مستوى الفقر وأكثر من 80٪ من العمالة في القطاع غير الرسمي بأجور هزيلة، سيتم فرض ضرائب باهظة عليهم، بدءاً من السيارات وحتى الخبز. إن اليد الثقيلة للمستعمر من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والسياسات الخارجية قد أحكمت قبضتها بشكل مباشر وخنقت سبل عيش المجتمعات في دول العالم الثالث.
إن الدعوة للتغيير، خاصة بين الشباب المطالبين بمحاسبة من تسبب بسقوط البلاد في هاوية فخ الديون، ودعوة الحكومة الحالية إلى التخلص من الهيمنة الغربية، هي في الأساس الوجه الحقيقي لإرادة التغيير. إن الجانب المؤسف في صراع الجيل Z هو أنه محصور في حلقة الفكر الغربي والإطار والهياكل الغربية، في حين إن التغيير هو في الواقع مسعى جاد. إن التفكير في التغيير أمر ضروري للحياة، لأن ركود الحياة والاستسلام للقدر من أخطر الآفات التي تؤدي إلى هلاك الشعوب والأمم، وفنائها، ونسيانها مع مرور الأحداث والأزمنة. ولهذا السبب فإن التفكير في التغيير من أهم أنواع التفكير، وهذا النوع من التفكير لا يحبذه المتكاسلون ولا يقبله الكسالى لأن تكلفة التغيير باهظة ولأن الذين تهيمن عليهم الأعراف يرون أن التفكير في التغيير يمثل ضرراً عليهم، وانتقالاً من حال إلى حال. ولهذا يحارب الضعفاء والمتكاسلون هذا النوع من التفكير، في حين تعارضه وتقف في طريقه ما تسمى بالطبقة السياسية والنخب والمتسلطون على رقاب العباد ومصادر رزقهم. ولهذا السبب، كان التفكير من أجل التغيير يمثل خطراً على صاحبه، وأصبح هو الفكر الأكثر قتالاً في حرب لا هوادة فيها.
من الأهمية بمكان بالنسبة للجيل Z وجميع الأجيال في المجتمع رفع العواطف إلى المستوى الفكري لفهم الأساس الذي يمكّن الغرب من السيطرة على العالم اليوم. إذ إن هذا هو السبيل الوحيد لضمان سير العمل نحو التغيير الجذري. وإن الإسلام هو المبدأ الوحيد القادر على ذلك اليوم، لأنه يتعامل مع الإنسان بوصفه إنسانا له احتياجاته ورغباته المتأصلة. فهو يعالج مشكلة الإنسان من حيث ارتباطه به ككائن ذي طبيعة معينة.
لقد نظر الإسلام إلى الإنسان نظرة شاملة، وتناول احتياجات الإنسان كأساس لحلها. بينما لم تكن الرأسمالية تنظر إلى الإنسان بمنظور شمولي، حيث ركزت على جوانب معينة من احتياجاته وأهملت جوانب أخرى. على سبيل المثال، في الرأسمالية، تعتبر أي سلعة أو خدمة نافعة ويجب إنتاجها طالما أنها تلبي حاجة الفرد في المجتمع، مثل الخمر والمخدرات والدعارة. تنظر الرأسمالية إلى منتج أو مقدم هذه الخدمات باعتباره الشخص الذي يساهم في حل المشكلة الاقتصادية. وتتم معالجة المشكلة من خلال زيادة الإنتاج وبالتالي سد الفجوة بين العرض والطلب. فهي تسعى لزيادة الإنتاج لتلبية الطلب وتتجاهل أثر إنتاج المواد والخدمات على المجتمع، في حين إن بعض السلع والخدمات في الإسلام لا قيمة لها بسبب تأثيرها السلبي على المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأداة التي تضمن الرأسمالية من خلالها الحصول على المنتجات أو الخدمات هي المال. فمن لم يملك ثمن الشيء حرم منه. بينما في الإسلام، يتم الاهتمام برفاهية الفرد والمجتمع ككل، وبالتالي يتم الحصول على الأشياء التي يحتاجها الشخص إما عن طريق آلية السعر أو عن طريق آليات أخرى، مثل الزكاة أو من خلال خزانة الدولة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علي عمر البيتي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في كينيا