- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا هاجمت أوكرانيا روسيا في عقر دارها؟
الخبر:
في ظل خفوت زخم الاهتمام العالمي بالحرب الروسية الأوكرانية، وبعد أشهر من التراجع على الجبهة الشرقية، أطلق الجيش الأوكراني هجوما مباغتا على روسيا قبل أسبوع، سيطر خلاله على عشرات البلدات الروسية.
التوغل الأوكراني المفاجئ والمستمر، والذي يعدّ الأكبر على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، أثار تساؤلات عدة حول أهدافه العسكرية والسياسية ومستقبله، فضلا عن أسباب التراجع الروسي، وتأثيرات كل ذلك على مستقبل الحرب المستمرة منذ نحو عامين ونصف.
وبعد نحو أسبوع من التوغل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قوات بلاده سيطرت على 74 بلدة في مقاطعة كورسك الروسية، وأنها تواصل تقدمها في المنطقة، مؤكدا أن "روسيا جلبت الحرب إلى أراضينا، ويجب أن تشعر بما فعلته".
في المقابل، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما سماها تصرفات القوات الأوكرانية بأنها "استفزاز واسع النطاق"، وقال إن كييف "تطلق النار عشوائيا من مختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، على البنية التحتية المدنية والمباني السكنية وسيارات الإسعاف".
التعليق:
هجوم الجيش الأوكراني المباغت في السادس من آب/أغسطس الجاري أمر مثير ومنعطف يستوجب علينا الوقوف على عدة أمور، منها؛
- من المسلم به أن هذا الهجوم الواسع والقوي ما كان ليتم لولا مباركة الغرب وخاصة أمريكا له، وإن كان ليس بتوجيهات مباشرة، لكن من حيث المبدأ لا مانع لدى أمريكا من هكذا هجوم، وهذا ما جاء على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض قوله "إنها حرب...".
- بعد فشل الهجوم المضاد الأوكراني في آب/أغسطس العام المنصرم، وبعد أن حققت أمريكا معظم مبتغاها من هذه الحرب، وزيادة على ذلك اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية أصبحت الإدارة الأمريكية تميل لوقف الحرب وجلوس الطرفين على طاولة المفاوضات.
- لم توافق كييف على الجلوس للتفاوض وذلك ليقينها أنها الضحية ولم تحقق أي شيء من هذه الحرب بل على النقيض دمرت أوكرانيا وهجرها ملايين من أبنائها وحالها يرثى له، ولكن مع ذلك فالقيادة الأوكرانية لا تستطيع أن ترفض الأمر الأمريكي الممول والحامي لعلم كييف أن روح أوكرانيا مربوطة بدعم الغرب لها وخاصة أمريكا، لذلك اختارت المناورة، ولا مانع لدى السيد الأمريكي في المناورات طالما الوقت يسمح بذلك.
- وكذلك يعلم النظام الأوكراني وقيادته جيدا مدى خطورة قدوم ترامب للبيت الأبيض، فترامب يعلن صراحة أنه سيجلب الطرفين للمفاوضات وسيعمل على إنهاء هذا الملف. ففي حال جلوسهما للمفاوضات فإن هذا يعني أن أوكرانيا هي الخاسرة لا محالة، فمقاطعات كاملة ستخرج من البيت الأوكراني بمعنى النموذج الكوري (أوكرانيا شرقية موالية لروسيا وأوكرانيا غربية موالية للغرب).
مما سبق يمكن فهم لماذا شنت أوكرانيا هذا الهجوم العسكري المباغت على الأراضي الروسية، أي لأجل خلق واقع جديد؛ أراضٍ محتلة مقابل أراضي محتلة، وكورقة ضغط في المفاوضات التي لا تريدها أوكرانيا إن هي أجبرت عليها، وكذلك ربما لتستفز الدب فيرفض الجلوس لطاولة المفاوضات أصلا على المدى المنظور، فقد سربت واشنطن بوست نفي روسيا محاولة قطر جمع الطرفين الروسي والأوكراني على طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب الدائرة منذ عامين ونصف، أي أن الأمر ممكن.
من اللافت للنظر الضعف الروسي الشديد، ففي غضون أسبوعين احتل الأوكران ما يزيد عن ١٥٠٠ كم مربع أي ما يعادل ما احتلته روسيا من أوكرانيا في عام ٢٠٢٤، وكذلك هروب ما يعادل ٢٠٠ ألف مواطن، وكذلك تهديد أقاليم روسية أخرى مجاورة مثل بيلغرود وفرونج وغيرهما، ولم يستطع الجيش الروسي حماية الأرض أو السكان بل سقط العديد منهم بين قتيل وجريح وأسير.
وفي الختام سيبقى العالم على صفيح يغلي من كل جانب ما دام العالم تتحكم فيه قيادات لم تبصر طريق الإسلام والحق أمثال خلفاء أمة الإسلام الذين حكموا فعدلوا فسعدوا وسعد الناس.
اللهم عجل بفرجك ونصرك الذي وعدت.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد الطميزي