- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
نساء السودان يصرخن في آذان الحكام ولا مجيب!
الخبر:
خاطبت نساء ريفيات من منطقة قوز هندي بمحلية مروي شمال السودان، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان بهذه الكلمات: "تعبنا يا برهان تعبنا.. اتشردنا سنة كاملة يا برهان.. بيوت ما عندنا يا برهان.. قاعدين في الشارع يا برهان.. نحنا نسوان السودان يا برهان.. نحنا تعبنا.. قاعدين في الشارع يا برهان.. إدمرنا نحنا.. لا للحرب يا برهان...".
التعليق:
هكذا وبهذه العبارات البسيطة العميقة الصادقة التي تدخل القلب مباشرة، هتفت النساء الريفيات البسيطات من منطقة قوز هندي بمحلية مروي شمال السودان، في وجه البرهان، الذي كان يقوم بجولة تفقدية للمناطق المُتأثرة بالسيول والأمطار؛ بعد أن وجد فسحة من الوقت.
إن صوت النساء اللائي طالبن البرهان بإيقاف الحرب يمثل أهل السودان قاطبة؛ كبيرهم وصغيرهم.
هذا ما نطقت به نساء قوز هندي، النساء المتأثرات من آثار الحرب، رغم أنها لم تبلغ المنطقة التي يعشن فيها، فما بالكم باللاتي يعشن في مناطق الحرب أو النازحات منها؟!
قلن كلمتهن لا للحرب، هن يخاطبن البرهان بأن أوقف الحرب، لقد تشردنا وأصابتنا المجاعة والتعب والرهق، مطالبات بضرورة إيقاف الحرب التي زادت من معاناتهن.
لقد عبرن عن حال أهل السودان الذين دفعوا فاتورة الحرب بفقد الأرواح والتشريد والجوع والمرض...
أكثر من 500 يوم مرت على الحرب، عنوانها القتل والجوع والمرض والتشريد، وتدمير البنية التحتية، ما خلف أكبر كارثة إنسانية على مدى تاريخ أهل السودان. وخلال هذه الحرب التي صنعها أعداء الله، وبمعاونة عملائهم من قادة العسكر، تعرضت قطاعات مختلفة؛ اقتصادية، وزراعية وصناعية، ومصرفية، وصحية وغيرها لضربات موجعة، ضاعفت من كلفة القتال الدائر.
وتقدر حصيلة الخسائر البشرية في حرب 15 نيسان/أبريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع، بنحو 19 ألف قتيل، فيما نزح ملايين داخل 15 ولاية يوجدون بالمحليات الآمنة، وفر نحو 12 مليون شخص من منازلهم، ويشمل ذلك نحو 9 ملايين داخل السودان ونحو 3 ملايين بالخارج.
وذكر برنامج الأغذية العالمي، أن بعض العائلات اضطرت إلى شرب مياه المستنقعات، ونحو 20 مليون شخص في أنحاء السودان يواجهون حالياً الجوع الحاد.
ووفقا لوزير الصحة الاتحادي د. هيثم محمد إبراهيم، فإن حجم الدمار والتخريب بالقطاع الصحي يقدر بـ11 مليار دولار بسبب الحرب. وأوضح أن 75% من المستشفيات البالغة 702 مستشفى منها 540 تابعة للصحة تعمل جزئياً، حيث تعرضت للتخريب ونهب الأجهزة والمعدات الطبية والشبكات، وذكر أن هناك بعض المستشفيات مثل مستشفى الحصاحيصا ومستشفيات دارفور، تدمرت كلياً.
وقال عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر، إن حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية للبلاد 150 مليار دولار؛ وسط توقعات بأن ترتفع الخسائر بشكل كبير في ظل استمرار الحرب، ويتخوف مراقبون أن يؤدي استمرار الحرب إلى انهيار الدولة السودانية إذا لم تتوقف سريعاً.
وبحسب خبراء فإن تكلفة المعارك في السودان تقدر بنحو نصف مليار دولار يومياً.
وتقول الصحفية والمحللة الاقتصادية نازك شمام، إن حرب 15 نيسان/أبريل ضربت الاقتصاد السوداني في مقتل، لأنه كان يعاني من مشاكل عميقة جعلت معدلات نموه بطيئة في السنوات التي سبقت الحرب فتجاوزت معدلات التضخم الرقمين، واستمر التدهور المستمر في سعر العملة المحلية أمام حزمة العملات الأجنبية. وأضافت أن "الأوضاع المعيشية بالغة السوء التي كان يعيشها الإنسان السوداني. وبعد مرور 500 يومٍ من الحرب يجد الاقتصاد السوداني نفسه مواجهاً بإفرازات الحروب التي تؤدي إلى تآكل الإيرادات بسبب دعم المجهود الحربي في ظل محدوديتها بسبب خروج معظم الولايات من دائرة الإنتاج على خلفية الأوضاع الأمنية غير المستقرة". وتابعت نازك أنه "يضاف لخسائر الحرب فقدان الجنيه السوداني لأكثر من 70% من قيمته، فعند اندلاع الحرب كان الجنيه السوداني يقدر بنحو 540 جنيها أمام الدولار مقارنة بسعره الآن والذي يتجاوز الـ2600 جنيه، بالإضافة إلى انهيار المنظومة المصرفية وفقدان أكثر من 100 مصرف لبيانات عملائها، فضلا عن نهب المصارف وحرقها وإتلاف بنيتها التحتية، ولم ينعزل القطاع الصناعي من هذه الخسائر ففقدت أكثر من 85% من المصانع آلياتها بالسرقة أو النهب أو الاتلاف". وأكدت نازك شمام، أن من أهم خسائر الحرب خسارة الكوادر البشرية وتقنين البطالة بعد أن فقدت الخدمة المدنية نحو 60% من كوادرها بسبب النزوح واللجوء، ما أدى إلى تعطل بائن في دولاب العمل.
ولم يسلم القطاع الزراعي من التدمير بسبب الحرب، وخرجت أغلب المشاريع الكبيرة، ومنها "مشروع الجزيرة"، بسبب التدمير الممنهج الذي مارسته قوات الدعم السريع من نهب الأصول والتقاوي، وإجبار المزارعين على النزوح. وقالت شمام، "إن أكبر خسائر الحرب تتمثل في فقدان القطاع الزراعي للموسم الصيفي والشتوي بالمشاريع الزراعية الكبرى، وفي مقدمتها مشروع الجزيرة".
نعم حق لكل أهل السودان أن يرفعوا صوتهم عاليا في وجه العملاء البرهان وحميدتي لإيقاف هذه الحرب العبثية أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وأن ينعتقوا من عبودية العمالة لأمريكا صاحبة أكبر تاريخ دموي وتخريبي على وجه الأرض.
لقد فرطنا في أحكام ديننا عندما ارتضينا حكاما أمثال البرهان وحميدتي، وهذا الخراب والدمار طبيعي في ظل وجود هؤلاء الفجار. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يوشك أن تخرب القرى وهي عامرة". قيل: يا أمير المؤمنين كيف تخرب وهي عامرة؟ قال: "إذا علا فجارها على أبرارها، وساد القبيلة منافقوها"!
فيا نساء السودان ويا أهل السودان قاطبة، إن البرهان لا يمثلكم، ولن يستجيب لنداءاتكم وصرخاتكم، فهو يمثل أمريكا التي تعاديكم، والتي لا تريد لكم الخير بل تتمنى لكم المشقة والعنت والشقاء، قال تعالى: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾.
إن من يمثلكم ويحس بمعاناتكم هو واحد لا غير، هو حاكم يخاف الله فيكم، ويخشى أن يسأل عنكم يوم القيامة، خليفة يسوسكم بأحكام الإسلام العظيم، خليفة يحرك جيشا عرمرما من أجل امرأة واحدة كما فعل سيدنا رسول الله ﷺ، وكما فعل خلفاء المسلمين؛ هارون الرشيد، والمعتصم بالله، وكما فعل الحجاج...
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان