- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
هاريس أم ترامب… أيهما "أهون الشرين"؟!
الخبر:
مسلمون منقسمون بين انتخاب ترامب أو هاريس من باب "أهون الشرين".
التعليق:
يتأسف المسلم المهتم بشؤون أمته على حال بعض أبنائها حين يوجهون بعضهم بعضا لانتخاب هاريس أو ترامب من باب "أهون الشرين"! ففريق يدعم ترامب لأنه حسب قولهم وعدهم بوقف الحرب على غزة ولبنان، ولأنه ينسجم مع ثقافتهم الرافضة للشذوذ الجنسي والإجهاض. وفريق يدعم هاريس لأنهم يرونها، رغم دعمها لكيان يهود، أنها أقل شرا من ترامب الذي أعطى يهود وسيعطيهم أكثر مما يريدونه! والفريقان قد ارتكبا إثما عظيما بدعمهم لكفار حربيين أعداء للإسلام والمسلمين يهيمنون على العالم بالكفر والفسوق والعصيان.
إن المسلم يتقيد في أفعاله بالحكم الشرعي أينما حل في أية بقعة في العالم، يقول الله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾، وهذا يقتضي من المسلم في أمريكا على وجه التحديد - كونه موضوع الخبر - أن يمتنع عن انتخاب أي مرشح للرئاسة، وعن الدعوة لذلك لأن انتخاب الكفار للحكم حرام ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ...﴾، ولأن انتخاب من يصل إلى الحكم بغير ما أنزل الله ولو كان مسلما حرام ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، علاوة على حرمة دعم من يحارب الإسلام والمسلمين ويهلك حرثهم ونسلهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾... إلى آخره من محرمات يرتكبها المسلم حين يدعم مرشحا لرئاسة أمريكا.
أما القول بأن انتخاب هاريس أو ترامب هو تطبيق لقاعدة أهون الشرين أو أخف الضررين فهو قول باطل؛ لأن هذه القاعدة لا تنطبق على وضع أمريكا أو أوضاع بلاد المسلمين حين تحصل انتخابات بين مرشحين مسلمين لرئاسة دولة.
يقول أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة في جواب سؤال أصدره بتاريخ 2010/8/29 حول قاعدة "أهون الشرَّين أو أخف الضررين" إنها (قاعدة شرعية عند عدد من الفقهاء، وهي عند العلماء الذين يأخذون بها، ترجع إلى معنى واحد، وهو جواز الإقدام على أحد الفعلين المحرّمين، وهو الفعل الأقل حرمة منهما إذا كان المكلَّف لا يسعه إلا القيام بأحد الحرامين، ولا يمكنه أن يترك الاثنين معاً؛ لأن ذلك متعذر أي خارج عن الوسع من كل وجه. قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وقال سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.
أي أن هذه القاعدة عند الذين قالوا بها لا تطبق إلا إذا تعذر الكف عن الحرامين، بحيث لا يمكن الانتهاء عن الحرامين معاً إلا بحدوث حرام أكبر، فعندها يؤخذ بأخف الضررين. كما أن هؤلاء العلماء لا يجعلون تعيين أخف الضررين وفق الهوى بل وفق الأحكام الشرعية، فحفظ نفسين أولى من حفظ نفسٍ واحدة والثلاثة أولى وهكذا، وحفظ النفس مقدم على حفظ المال، وحفظ دار الإسلام داخل في حفظ الدين وهو أَوْلى من حفظ النفس والمال، وكذلك الجهاد والإمامة العظمى فهما داخلان في حفظ الدين من أوَّل وأَوْلى الضرورات...
إن الذين يستعملون القاعدة لفعل هذا الحرام دون ذلك الحرام مبررين فعلتهم بأنهم خافوا أن يسجنوا أو يطردوا من وظيفتهم فهذا ليس من هذه القاعدة.
وكذلك فإن الذين يقولون نشترك في حكم الكفر مع أنه حرام، حتى لا نترك مناصب الحكم كلها للفسقة، لأن ترك الحكم لهم حرام أكبر... فهذا ليس من تطبيقات القاعدة، بل هو كمن يقول نفتح خمارة ونكسب مادياً منها بدل أن يفتحها الكافر ويكسب هو المال...
وليس من تطبيقات القاعدة أن يعرض على الشخص أمران محرمان فيأتي أخفَّهما وهو قادر عن الامتناع عن كليهما كقول من يقول انتخبوا فلاناً وإن كان علمانياً كافراً أو فاسقاً، أو أيدوا فلاناً ولا تؤيدوا الآخر؛ لأن الأول يساعدنا والثاني لا يساعدنا، أو ما شاكل ذلك، وإنما الذي يقال هنا: إن الأمرين المعروضين أمامنا محرَّمان، فلا يجوز انتخاب العلماني ولا يجوز توكيله أو إنابته لتمثيل المسلم في الرأي، لأنه لا يلتزم بالإسلام، ولأنه يقوم بأعمال محرَّمة لا يجوز للموكِّل أن يقوم بها كالتشريع والمصادقة على مشاريع محرَّمة، وكالمطالبة بالمحرمات والقبول بها والسير فيها، وبالجملة فهو ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر؛ ولذلك فلا يجوز انتخاب أي منهما؛ لأن انتخاب هذا أو ذاك حرام. وترك انتخاب هذا أو انتخاب ذاك داخل في الوسع.
وليس من تطبيقات "أخف الضررين" أن يواجه المسلم فعلين مُحرَّمين وفي مقدوره الامتناع عن كليهما فيعمد لاختيار أخفهما وفق هواه فيفعله زاعماً أن في الانتهاء عن الحرامين صعوبة...! بل يجب الانتهاء عن جميع المحرمات ما دام ذلك مقدوراً عليه وفق الأحكام الشرعية...)
أسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين في كل مكان وأن يعزهم بخلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد العزيز المنيس – دائرة الإعلام/ ولاية الكويت