الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مذكّرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية عدالةٌ أم أداة في يد القوى الغربية؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مذكّرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية

عدالةٌ أم أداة في يد القوى الغربية؟

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مؤخراً، مذكّرات اعتقال بحقّ رئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، والقيادي في حركة حماس محمد ضيف، متهمةً إياهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية.

 

التعليق:

 

رغم أنّ هذا قد يبدو وكأنه خطوةً نحو المساءلة، فإنّ القيود التي تفرضها المحكمة الجنائية الدولية والديناميكيات الجيوسياسية الأساسية تسلّط الضوء على حقيقة أعمق: فالمحكمة تعمل كأداة للقوى الغربية، وتركّز على الدول الضعيفة في حين تحمي الدول القوية. وعلاوةً على ذلك، فإنّ هذه القوى ذاتها غالباً ما تكون السبب الجذري والداعم للصّراعات التي تزعم أنها تعالجها. وقد تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 لمحاسبة الأفراد على أخطر الجرائم، وتعمل على مبدأ أنّ لا أحد فوق القانون. ومع ذلك، فإنّ افتقارها إلى قوة التنفيذ والاعتماد على تعاون الدول يقوّض فعاليتها بشدة. فلم تصادق دول مثل كيان يهود وأمريكا وروسيا والصين على نظام روما الأساسي، ما يسمح لها بالعمل للإفلات من العقاب. ونتيجة لهذا، تستهدف المحكمة الجنائية الدولية بشكل غير متناسب قادة الدول الضعيفة، وخاصةً في أفريقيا والشرق الأوسط، في حين تتجنب قادة الدول القوية وحلفائها. وتعكس هذه العدالة الانتقائية التحيزات البنيوية للمحكمة، ما يكشف أنها أقلّ حيادية كمحكّم للعدالة وأكثر كأداة جيوسياسية للسيطرة على الدول الضعيفة. إنّ المحكمة الجنائية الدولية، من خلال حماية الدول القوية وحلفائها، تعمل على إدامة الظلم العالمي بدلاً من حلّه.

 

إنّ المحكمة الجنائية الدولية متشابكة بشكل عميق مع القوى الغربية، وخاصةً الدول الأوروبية، التي توفّر لها التمويل وتؤثر على عملياتها. وأمريكا رغم أنها ليست عضواً، تتدخل بنشاط لحماية مصالحها ومصالح حلفائها، مثل كيان يهود. وتكشف هذه الديناميكية عن دور المحكمة كأداة للحفاظ على الوضع العالمي الراهن بدلاً من تحديه. ومن السذاجة أن نتوقع العدالة من مؤسسة تشكل جزءاً من النظام ذاته الذي يغذي الصراعات ويدعمها، وخاصة في البلاد الإسلامية.

 

إنّ المحكمة الجنائية الدولية تدّعي الاختصاص القضائي على الجرائم في الأراضي الفلسطينية بسبب انضمام فلسطين إلى نظام روما في عام 2015. ومع ذلك، فإن تحالفات كيان يهود القوية، وخاصةً أمريكا، تجعلها غير قابلة للمساس تقريباً. ومن غير المرجّح أن تؤدي أوامر الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو وغالانت إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، حيث يواصل كيان يهود رفض سلطة المحكمة الجنائية الدولية مع الإفلات من العقاب.

 

إنّ هذا الموقف يسلّط الضوء على القضية الأوسع نطاقاً: فالمحكمة الجنائية الدولية وداعموها الغربيون ليسوا مراقبين محايدين أو وسطاء بل هم مشاركون نشطون في إدامة الأزمة الفلسطينية. فهم يُمكّنون كيان يهود من احتلاله وعدوانه في حين يكتفون بالخدمة الشفهية للعدالة.

 

وباعتبارها الدولة المضيفة للمحكمة الجنائية الدولية، فإن هولندا تجسّد نفاق النهج الغربي. ففي حين تصدر المحكمة أوامر اعتقال ضدّ قادة كيان يهود، تعمل هولندا في الوقت نفسه على قمع الانتقادات الموجهة إلى كيان يهود من خلال مساواة معاداة الصهيونية بمعاداة السامية. وهذه الخطوة تخنق المعارضة المشروعة لسياسات يهود وتسلّط الضوء على التطبيق الانتقائي للعدالة، الأمر الذي يقوض مصداقية المحكمة الجنائية الدولية.

 

إنّ اللجوء إلى مؤسسات مثل المحكمة الجنائية الدولية أو القوى الغربية من أجل العدالة ليس فقط عبثاً بل إنه أيضاً مضلّل. فهذه القوى هي مصدر المشكلة، وليس حلّها. والمحكمة الجنائية الدولية ليست أكثر من أداة في أيديهم، مصممة للسيطرة على الدول الضعيفة مع الحفاظ على هيمنة الأقوياء. وتوقع العدالة من مثل هذا النظام هو أمر ساذج.

 

إنّ الحلّ الحقيقي لمشاكل المسلمين، بما في ذلك تحرير فلسطين، يكمن في الأمة الإسلامية نفسها. ومن خلال الوحدة تحت راية واحدة هي الخلافة فقط يمكن للمسلمين استعادة كرامتهم وسيادتهم وأرضهم. إن الانقسام المستمر بين البلاد الإسلامية يضعف قوتنا الجماعية، ما يسمح للقوى الخارجية باستغلالنا والهيمنة علينا. إنّ تحرير فلسطين لن يأتي من خلال المحاكم الدولية أو المؤسسات الاستعمارية، بل من خلال الجهود الموحدة للأمة الإسلامية. لقد حان الوقت للاعتراف بهذه الحقيقة والعمل مع حزب التحرير نحو إحياء الأمة من خلال إقامة الخلافة، التي وحدها يمكن أن توفر الحلّ الشامل للتحديات التي يواجهها المسلمون في جميع أنحاء العالم.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أوكاي بالا

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا

آخر تعديل علىالثلاثاء, 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع