الخميس، 09 رجب 1446هـ| 2025/01/09م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
المُعضلة السورية: بين التنافر المعرفي والأمل الحقيقي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

المُعضلة السورية: بين التنافر المعرفي والأمل الحقيقي

 

(مترجم)

 

الخبر:

 

بعد 14 عاماً من الحرب والقمع، تبدو سوريا مستعدة للتغيير مع سقوط بشار الأسد واستيلاء قوات المعارضة بقيادة الجولاني على دمشق. ومع ذلك، فإن الآمال في مستقبل مشرق تتضاءل بسبب النفوذ القوي للقوى الخارجية كأمريكا وتركيا، التي توجّه مسار سوريا في ظلّ أطر علمانية مدعومة غربيا مثل قرار الأمم المتحدة 2254. وهذا يثير تساؤلات حاسمة حول ما إذا كان الأمل الحقيقي يمكن أن يوجد دون رفض الهيمنة الأجنبية وإعطاء الأولوية للمبادئ الإسلامية.

 

التعليق:

 

إنّ هذه التطورات تجبرنا على التفكير في طبيعة الأمل الحقيقي ودور التنافر المعرفي في المأزق الحالي الذي تعيشه سوريا.

 

التنافر المعرفي يشير إلى التوتر الداخلي الذي ينشأ عند مواجهة معتقدات أو أفعال متضاربة. وفي حالة سوريا، يتجلى هذا بوضوح في أولئك الذين يأملون في مستقبل أفضل مع الإسلام بينما يعترفون في الوقت نفسه باستمرار الدولة العلمانية والديمقراطية، وأن القوى الغربية مثل أمريكا وقرار الأمم المتحدة رقم 2254 تظلّ مسيطرة. ويؤكد هذا القرار على أن سوريا يجب أن تظلّ دولة علمانية، وهو ما يضمن في الأساس أن الجهات الفاعلة الاستعمارية التي سيطرت على البلاد لسنوات تحتفظ بنفوذها. وتؤكدُ ذلك كلمات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال اجتماع عقد مؤخراً في الأردن. فقد أكد بلينكن على أهمية ما يسمى بالمستقبل الشامل والديمقراطي لسوريا، مشدداً على هيمنة أمريكا وحلفائها. وعلاوةً على ذلك، يبدو أن نظام بشار المجرم قد غادر من الباب الأمامي، ليعود من الخلف في شكل آخر.

 

إنّ هذا التنافر المعرفي يقود الكثيرين إلى تبني مشروع الجولاني دون تقديم انتقادات صادقة. فهم يربطون هذا الدعم، من بين أمور أخرى، بالأمل، على الرغم من التسوية الواضحة بين اختيار نموذج علماني على الحكم الإسلامي والاعتماد على القوى الخارجية. وهذا يديم الوهم بأن مستقبلاً أفضل يمكن تحقيقه دون وضع المبادئ الإسلامية في المركز أولاً.

 

في الإسلام، الأمل ضروري، ومرتبط ارتباطاً عميقاً بالعقيدة الإسلامية، ولكنه مقيد أيضاً بشروط. يتطلب الأمل الحقيقي العمل والثقة في الله سبحانه وتعالى مع الوفاء بكل الجهود لدعم المبادئ الإسلامية. إن تغذية الأمل دون تلبية هذه الشروط - مثل قبول دولة علمانية وديمقراطية تحت الهيمنة الغربية - هو وهم. إنه لا يؤدي إلى النصر بل إلى الاستمرار في الخضوع للهياكل الاستعمارية نفسها.

 

إنّ الوضع الحالي في سوريا يثبت أن الأمل الحقيقي ليس مجرد رغبة في التغيير بل أيضاً الاستعداد لمواءمة هذا التغيير مع القيم الإسلامية. وهذا يعني أن المسلمين في سوريا يجب ألا ينحنوا للقوى الغربية بل يجب أن يسعوا بدلاً من ذلك إلى مجتمع يحكمه الإسلام.

 

لقد قدم الشعب السوري بالفعل تضحيات هائلة. لقد حان الوقت الآن لاتخاذ الخطوة التالية. وهذا يتطلب جهداً جماعياً لرفض هيمنة القوى الخارجية والمطالبة بما لا يقلّ عن الحلّ الإسلامي.

 

في عالم حيث تواصل الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى إملاء مستقبل دول مثل سوريا، من الضروري أن ندرك أن الأمل الحقيقي لا يكمن في قبول شروطهم، وإنما في الثقة بالله سبحانه وتعالى والعمل وفقاً لتوجيهاته. حينها فقط يمكن لسوريا أن تحقق النصر الحقيقي ومستقبلاً يكرّم تضحيات شعبها.

 

إنّ الأحداث في سوريا بمثابة مثال مؤلم ولكنه مفيد لكيفية تضليل التنافر المعرفي وأوهام الأمل للأمة. من الأهمية بمكان استيعاب هذه الدروس وفهم أن الأمل الحقيقي ليس مجرد رغبة مجردة بل جهد ملموس يتماشى مع المبادئ الإسلامية. إن الميل الحالي إلى تبني مشروع الجولاني دون تمحيص يسلط الضوء على مخاطر الأمل الذي لا يتجذّر في الظروف الإسلامية. والآن أصبح لدى الشعب السوري الفرصة لتحويل هذا الأمل إلى حقيقة من خلال اختيار مسار لا ينحني للقوى الخارجية ولكنه ملتزم تماماً بالإسلام.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أوكاي بالا

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع