الأربعاء، 09 ذو القعدة 1446هـ| 2025/05/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح251) يكون منهاج التعليم واحداً، ولا يسمح بمنهاج غير منهاج الدولة

بسم الله الرحمن الرحيم

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح251) يكون منهاج التعليم واحداً، ولا يسمح بمنهاج غير منهاج الدولة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الوَاحِدَةِ وَالخَمْسِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "يَكُونُ مِنهَاجُ التَّعلِيمِ وَاحِداً، وَلَا يُسْمَحُ بِمَنَاهِجَ غَيرِ مَنَاهِجِ الدَّولَةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 176: الفُنُونُ وَالصِّنَاعَاتُ قَدْ تُلْحَقُ بِالعِلْمِ مِنْ نَاحِيَةٍ كَالفُنُونِ التِّجَارِيَّةِ وَالمِلَاحَةِ وَالزِّرَاعَةِ، وَتُؤخَذُ دُونَ قَيدٍ أَوْ شَرْطٍ، وَقَدْ تُلْحَقُ بِالثَّقَافَةِ عِندَمَا تَتَأَثَّرُ بِوُجْهَةِ نَظَرٍ خَاصَّةٍ كَالتَّصْوِيرِ وَالنَّحْتِ، فَلَا تُؤْخَذُ إِذَا نَاقَضَتْ وُجْهَةَ نَظَرَ الإِسْلَامِ.

 

المادة 177: يَكُونُ مِنهَاجُ التَّعلِيمِ وَاحِداً، وَلَا يُسْمَحُ بِمنْهَاجٍ غَيرِ مِنْهَاجِ الدَّولَةِ. وَلَا تُمنَعُ المَدَارِسُ الأَهلِيَّةُ مَا دَامَتْ مُقَيَّدَةً بِمنْهَاجِ الدَّولَةِ، قَائِمَةً عَلَى أَسَاسِ خُطَّةِ التَّعلِيمِ، مُتَحَقِّقاً فِيهَا سِيَاسَةُ التَّعلِيمِ وَغَايَتُهُ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ التَّعلِيمُ فِيهَا مُختَلَطاً بَينَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ لَا فِي التَّلَامِيذِ، وَلَا فِي المُعَلِّمِينَ، وَعَلَى أَنْ لَا تَختَصَّ بِطَائِفَةٍ أَو دِينٍ أَوْ مَذْهَبٍ أَوْ عُنصُرٍ أَو لَونٍ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَاتَانِ هُمَا المَادَّتَانِ السَّادِسَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ المِائَةِ، وَالسَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ المَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

أولاً: المادة 176: دَلِيلُهَا هُوَ دَلِيلُ المَادَّةِ الثَّانِيَةِ وَالسِّتِّينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ عُمُومُ الأَدِلَّةِ الَّتِي أَبَاحَتِ العِلْمَ، وَقَاعِدَةُ مَنْعِ الفَردِ الوَاحِدِ مِنَ الشَّيءِ المُبَاحِ إِذَا حَصَلَ مِنهُ ضَرَرٌ، لِأَنَّ الفُنُونَ وَالصِّنَاعَاتِ مَعَارِفُ فَهِيَ مُبَاحَةٌ يَشْمَلُهَا عُمُومُ أَدِلَّةِ العِلْمِ. فَإِذَا أَوصَلَتْ إِلَى ضَرَرٍ حِينَ تَتَأَثَّرُ بِوُجْهَةِ نَظَرٍ خَاصَّةٍ تُمنَعْ. هَذَا إِذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِتَحرِيمِهَا. أَمَّا إِذَا وَرَدَ نَصٌّ بِتَحْرِيمِهَا كَرَسْمِ ذِي رُوحٍ مِنْ إِنسَانٍ وَحَيوَانٍ وَطَيرٍ وَغَيرِهَا أَوْ نَحْتِ ذِي رُوحٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ لِلأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّصوِيرِ نَهْياً جَازِماً وَمِثْلُهُ النَّحْتُ.

 

ثانياً: المادة 177: إِلزَامُ الرَّعَايَا بِمِنهَاجٍ وَاحِدٍ لِلتَّعلِيمِ أَمْرٌ مُبَاحٌ، لِأَنَّهُ مِنَ المُبَاحَاتِ الَّتِي جُعِلَ لِلإِمَامِ أَنْ يُلزِمَ النَّاسَ بِأُسْلُوبٍ مُعَيَّنٍ فِيهَا، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانٍ رضي الله عنه فَقَدْ نَسَخَ المَصَاحِفَ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الآفَاقِ. فَالعُلُومُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ، وَطُرُقُ التَّعلِيمِ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ، لِأَنَّهَا كُلَّهَا مِنَ المَعَارِفِ. وَلَكِنَّ انتِظَامَ هَذِهِ المَعَارِفِ الَّتِي تُعَلَّمُ أَوِ الَّتِي يَجرِي التَّعلِيمُ بِحَسَبِهَا فِي بَرَامِجَ مُعَيَّنَةٍ هُوَ أُسلُوبٌ لِتَنظِيمِ التَّعلِيمِ، مِثْلُ أُسلُوبِ تَنظِيمِ دَوَائِرِ الدَّولَةِ. فَلِلإِمَامِ أَنْ يَتَّخِذَ أُسلُوباً مُعَيَّناً لَهَا يُلزِمُ النَّاسَ بِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَدخُلُ فِي رِعَايَةِ الشُّؤُونِ، فَطَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ وَاجِبَةٌ.

 

أَمَّا مَنْعُ الدَّولَةِ لِلتَّعلِيمِ الَّذِي يَسِيرُ عَلَى مَنَاهِجَ غَيرِ مَنَاهِجِهَا فَدَلِيلُهُ أَنَّ مَا جُعِلَ لِلإِمَامِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِرَأيِهِ وَاجتِهَادِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ لِلقِيَامِ بِهِ أُسلُوباً مُعَيَّناً، وَإِذَا اختَارَ كَانَتْ طَاعَتُهُ فَرْضاً، وَتَحرُمُ مُخَالَفَتُهُ. إِذْ إِنَّ طَاعَتَهُ المَذكُورَةَ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ بِقَولِهِ تَعَالَى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الأمر منكم). (النساء 59) وَالمَذكُورَةَ فِي قَولِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ يُطِعْ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي». (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ)، وَقَولِهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». (أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ) إِنَّما هِيَ الطَّاعَةُ لَهُ فِيمَا جُعِلَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِرَأيِهِ وَاجتِهَادِهِ، وَالطَّاعَةُ لَهُ فِي هَذِه الحَالِ هِيَ طَاعَةٌ لِأُولِي الأَمْرِ.

 

أَمَّا الأَحكَامُ الشَّرعِيَّةُ كَالمَندُوبَاتِ وَالمُبَاحَاتِ وَالوَاجِبَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّ طَاعَتَهُ فِيهَا إِذَا أَمَرَ بِهَا هِيَ طَاعَةٌ للهِ وَلَيسَتْ طَاعَةً لَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إِذَا أَمَرَ بِمَعْصِيَةٍ لَا يُطَاعُ: رَوَى نَافِعُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ».(أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ)، وَأَخرَجَ أَحْمَدُ بِإِسنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عِمْرَانَ بِنِ حُصَينٍ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»، فَيَكُونُ حَقُّهُ فِي رِعَايَةِ الشُّؤُونِ هُوَ فِيمَا جُعِلَ لِرَأيِهِ وَاجتِهَادِهِ، وَطَاعَةُ أَمْرِهِ المَأْمُورُونَ بِهَا هِيَ فِي هَذِهِ الأُمُورِ، فَإِذَا رَعَى شُؤُونَ المُبَاحِ عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ كَوَضْعِ بَرنَامَجٍ مُعَيَّنٍ، وَأمرُهُ بِهِ وَنَهيُهُ عَنْ خِلَافِهِ كَانَتْ طَاعَتُهُ وَاجِبَةً.

 

251

 

هَذَا مِنْ حَيثُ تَوحِيدُ مِنْهَاجِ التَّعلِيمِ. أَمَّا مِنْ نَاحِيَةِ إِبَاحَةِ المَدَارِسِ الأَهلِيَّةِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرسِلُ مُعَلِّمِينَ لِلنَّاسِ يُعَلِّمُهُمُ الإِسلَامَ، وَكَانَ يَسْمَحُ لِلمُسلِمِينَ أَنْ يُعَلِّمَ بَعضُهُمْ بَعْضاً، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ إِنسَانٍ أَنْ يُعَلِّمَ مَنْ يَشَاءُ بِأُجْرَةٍ وَبِغَيرِ أُجْرَةٍ. وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ مَدْرَسَةً، وَلَكِنَّهُ كَسَائِرِ أَفْرَادِ الرَّعِيَّةِ مُلْزَمٌ بِمِنْهَاجِ الدَّولَةِ، أَيْ بِالمِنهَاجِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الخَلِيفَةُ. لِلدَّلِيلِ المَارِّ مِنْ طَاعَةِ الإِمَامِ فِيمَا يَأمُرُ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيفَ إِذَنْ يُعَلِّمُ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَولَادَهُمْ دِينَهَمُ إِذَا كَانَتِ المَدَارِسُ الأَهلِيَّةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ وَفْقَ مِنْهَاجِ الدَّولَةِ الإِسلَامِيَّةِ، كَانَ الجَوَابُ أَنَّهُمْ لَا يُمنَعُونَ مِنْ تَعَلُّمِ دِينِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَمَاكِنِ عِبَادَتِهِمْ، أَيْ فِي غَيرِ الحَيَاةِ العَامَّةِ كَالمَدَارِسِ، فَهَذِهِ تَسْرِي عَلَيهَا سِيَاسَةُ التَّعلِيمِ لِلدَّولَةِ.

 

وَقَدْ كَانَ تَعَلُّمُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِعِبَادَاتِهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ وَكُنُسِهِمْ مَوجُوداً زَمَنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَالخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَد أَخْرَجَ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَاهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا...»، وَالمِدْرَاسُ هُوَ مَوضِعُ عِبَادَتِهِمُ الَّذِي كَانُوا يَقرَؤُونَ فِيهِ التَّورَاةَ، وَكَذَلِكَ يَجتَمِعُونَ فِيهِ وَيُصَلُّونَ فِي أَعيَادِهِمْ، كَمَا جَاءَ فِي القَامُوسِ المُحِيطِ: "وَالمِدْرَاسُ: المَوضِعُ يُقْرَأُ فِيهِ القُرآنُ، وَمِنهُ مِدْراسُ اليَهُودِ"، أَيْ الَّذِي يَقْرَأُ اليَهُودُ فِيهِ تَورَاتَهُمْ. وَفِي لِسَانِ العَرَبِ: "...وَفُهْرُ اليَهُودِ بِالضَّمِّ مَوضِعُ مِدْرَاسِهِمُ الَّذِي يَجتَمِعُونَ إِلَيهِ فِي عِيدِهِمْ يُصَلُّونَ فِيهِ". أَي أَنَّهُمْ كَانُوا زَمَنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَا يُمنَعُونَ مِنْ تَعَلُّمِ دِينِهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ وَكُنُسِهِمْ. وَقَدِ استَمَرَّ ذَلِكَ فِي عَهْدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، فَقَدْ أَخرَجَ عَبدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t "أَنَّهُ رَأَى قَوماً سَدِلِينَ فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ اليَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ"، قُلنَا لِعَبدِ الرَّزَّاقِ مَا فِهْرُهُمْ قَالَ: كَنَائِسُهُمْ، أَيْ أَنَّ عَلِيّاً رضي الله عنه وَصَفَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ "سَدِلِينَ" كَاليَهُودِ الَّذِينَ يَخرُجُونَ مِنْ كُنُسِهِمْ بَعْدَ أَنْ يُؤَدُّوا عِبَادَتَهُمْ فِيهَا... أَيْ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ دِينَهُمْ وَطُقُوسَ عِبَادَتِهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ وكُنُسِهِمْ، أَوْ فِي أَمَاكِنَ مُلْحَقَةٍ بِهَا، وَلَم تَكُنْ لَهُمْ مَدَارِسُ خَاصَّةٌ بِالمَعْنَى المَعرُوفِ.

 

251 2

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع