- الموافق
- 4 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
هل حدد الرسول ﷺ طريقةً لإقامة الدولة الإسلامية؟
للكاتب والمفكر ثائر سلامة - أبو مالك
(الحلقة الثالثة والأربعون – هل يُشرع القتالُ طريقةً لتغيير دار الكفر إلى دار إسلام وإقامة الدولة الإسلامية؟)
للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنـا
أثر الأحكام التي شُرِعتْ في المدينة المنورة بعد قيام الدولة في أحكام الطريقة التي شُرِعَتْ في مكة المكرمة قبل قيام الدولة
هل يُشرع القتالُ طريقةً لتغيير دار الكفر إلى دار إسلام وإقامة الدولة الإسلامية؟
التحقيق في عدم نسخ الإذن بالقتال لأحكام الطريقة التي خلت من جعل القتال طريقة للتغيير:
ولا يقال إن الإذن بالقتال بعد أن لم يكن، هو نسخ لالتزامات الكتلة بحرمة المبادأة كما ذكرنا، وذلك استدلالاً بقوله تعالى في سورة الحج: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ فإن هذا الأمر يحتاج إلى تفصيل وإليك بيانه:
نزلت هذه الآية بين مكة والمدينة في طريق هجرة النبي ﷺ، فقد روى الطبري عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما خرج النبي ﷺ من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلِكن! قال ابن عباس: فأنزل الله: ﴿أُذن للذين يقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير﴾ قال أبو بكر: فعرفت أنه سيكون قتال. وهي أول آية نزلت. وقاله قتادة، وهو رأي الجمهور.
وجاء في أحكام القرآن لابن العربي: «معنى أذن: أبيح، فإنه موضوع في اللغة لإباحة كل ممنوع، وهو دليل على أن الإباحة من الشرع، وأنه لا حكم قبل الشرع[1]، لا إباحة، ولا حظراً إلا ما حكم به الشرع وبينه» وقال الإمام الشافعي في الأم: «ولما مضت لرسول الله ﷺ مدة من هجرته، أنعم الله تعالى فيها على جماعة باتباعه، حدثت لهم بها مع عون الله قوة بالعدد لم تكن قبلها، ففرض الله عليهم الجهاد بعد أن كان إباحة لا فرضاً[2]، فقال تبارك وتعالى: ﴿كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم﴾».
وقال السيوطي في الحاوي عن آية ﴿أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا...﴾ ما نصه: «هذه الآية مبيحة لا موجبة وقد نص الإمام الشافعي رضي الله عنه على أن القتال كان قبل الهجرة ممنوعاً ثم أبيح بعد الهجرة ثم وجب بآيات الأمر» والسيوطي بذلك يبين ما قصده الشافعي من الإباحة والتي عنى فيها الآية من سورة الحج.
فآية الإذن بالقتال أذنت بنوع من القتال كان ممنوعاً بصريح قوله ﷺ عندما طلب منه الصحابة الإذن به، ولم تأذن بالقتال الذي كان جائزاً أصلاً وكان العفو أفضل منه والذي ورد في سورة الشورى[3]، وهذا النوع الجديد من القتال المأذون به هو الذي جاءت آيات القتال اللاحقة لتفصل أحكامه ومارسه الرسول ﷺ عملياً بوصفه حاكماً للمسلمين ورئيساً للدولة الإسلامية[4].
[لا بد من التفريق بين أنواع القتال.
عرف الفقهاء الجهاد على أنه بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بمال أو رأي أو تكثير سواد" [5]
وقال بدر الدين العيني في عمدة القاري: والجهاد، بكسر الجيم، أصله في اللغة الجهد وهو المشقة، وفي الشرع بذل الجهد في قتال الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى.
وقد بحث الدكتور محمد خير هيكل اثنا عشر نوعا من القتال، منها ما هو جهاد ومنها ما هو قتال، وهي
- قتال أهل الردة.
- قتال أهل البغي.
- قتال المحاربين (الحرابة، قطاع الطرق).
- القتال للدفاع عن الحرمات الخاصة، (القتال ضد الصِّيال).
- القتال للدفاع عن الحرمات العامة.
- القتال ضد انحراف الحاكم.
- قتال الفتنة.
- قتال مغتصب السلطة.
- قتال أهل الذمة.
- قتال الغارة للظفر بمال العدو.
- القتال لإقامة الدولة الإسلامية.
- القتال من أجل وحدة البلاد الإسلامية.
وكما ذكرنا فإن آيات الشورى تحدثت عن الدفاع عن النفس وعن المال وعن العرض، وهذا ما يعرف بقتال الصيال، وهو قتال دفع للاعتداء، وهذا النوع من القتال كان مباحا في مكة، ومن طبيعته أنه يتعلق بالدفاع عن الأفراد حين تعرضهم للضرب أو الاعتداء على أموالهم وأعراضهم من قبل المعتدين، وهو غير القتال الذي كان محظورا في مكة، ثم أبيح في الطريق إلى الهجرة، ثم فرض، وهو جهاد الكفار لإعلاء كلمة لا إله إلا الله.
تنبه يا رعاك الله: إذن: هناك قتال ممنوع في الفترة المكية، وهناك دفع أذى مسموح به في الفترة المكية، فلا شك أننا نتحدث عن نوعين مختلفين من الأفعال: قتال منع المسلمون منه، وحين أمروا به كان ما كان من بعضهم، وهذا هو الجهاد، والقتال الثاني المسموح به هو ما جاء في آيات الشورى، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾الشورى39-43. فهنا رد للبغي، وانتصار بعد ظلم، وجزاء السيئة بمثلها، فمن شج رأسه له أن يشج رأس من فعل به ذلك، وهذا يختلف عن القتال الممنوع، وهو فعل آخر، ولذلك فالآية التي أباحت الجهاد في أول الأمر ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ﴾، والتي كانت أول آية نزلت في الجهاد (أبيح ثم فرض بعد ذلك) لا تنسخ إباحة الدفاع عن النفس ورد الأذى الذي كان مباحا، لذلك فلا نسخ البتة لأحكام الطريقة.
وذلك لأن المسلمين في مكة بعد إقامة الدولة الإسلامية في المدينة ونزول آيات السيف كانوا يعيشون في مكة وهي دار كفر وكانوا يخضعون لأحكام الكفر ولم يطلب منهم الرسول ﷺ أن يستعملوا السيف لإزالة الكفر وإيجاد الإسلام بل أقرهم على السكنى في دار الكفر والخضوع لدار الكفر، ولذلك لا يكون السيف طريقة لإزالة الكفر في دار الكفر.... أما من الخارج فإنه يعالج بالسيف والقوة المادية وحينئذ يكون جهاداً تماماً كما عالج الرسول ﷺ مكة من الخارج وكما عالج كل دار كفر من الخارج بتحويلها إلى دار إسلام بالسيف والقوة المادية أي بالجهاد.[6] وعليه فلا نسخ.
ولا يقال بأن الجهاد كان حراما في مكة ثم أبيح ثم فرض، وبالتالي يعمل به في التغيير، وذلك لأن الجهاد منذ فرض ماض إلى يوم القيامة، على النحو الذي فصل فيه أستاذنا التميمي أعلاه، منه ما هو منوط بالدولة ومنه ما لا يتوقف على وجودها، وهو فرض مستقل شأنه شأن الصوم والصلاة، مسألة مستقلة، وقد جاءت الأدلة بمنع استعماله طريقة في التغيير، ولم يحصل التغيير إلا مرة واحدة، فلما أقيمت الدولة بدون القيام به، وبورود الأدلة التي منعت القيام به طريقةً للتغيير، بقي حكم تحريم استعماله وسيلة للتغيير على حاله (مناط الحكم: القيام بالجهاد في دار الكفر لتغيير دار الكفر، بقي حكمه التحريم) وأما حكم الجهاد لدفع المحتل فلا يتوقف على الدولة، وهو فرض، (ومناطه: أن يحتل الكافر أرض المسلمين)، وهكذا في باقي أنواع القتال المذكورة، كل يتعلق بمناط مختلف عن الآخر وله أحكام متميزة عن بعضها البعض، فلا نسخ إذن، ولا يجوز إقحام الجهاد في طريقة التغيير لبقاء أدلة المنع المتعلقة بمناط تغيير دار الكفر إلى دار إسلام على حالها، ولعدم استعمال المسلمين الذين بقو في مكة لهذه الطريقة حتى بعد نزول آيات السيف، مما يدل على أن الحكم بقي متعلقا بذات المناط ولم يتغير.
وعلى العموم، فإن فرض الجهاد بحد ذاته فرض للقيام بعمل معين وهو بذل الجهد في قتال الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى، وهو لم يكن من أعمال الطريقة في مكة قولا واحدا، وسواء قيل: كان محرما ثم أبيح ثم فرض، أو قيل أن أول حكم فيه هو الإباحة في الطريق بين مكة والمدينة ثم فرض، فإن هذا الحكم لا ينسخ أحكام الطريقة لأنه متعلق بفعل آخر غير فعل تغيير دار الكفر إلى دار إسلام، مثله كمثل الصوم، فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة، فلا يقال بأنه نسخ أحكام الطريقة، لأنه مسألة أخرى غير مسألة تغيير دار الكفر إلى دار إسلام! وذلك لأن النسخ يكون برفع حكم سابق بحكم لاحق في ذات الموضوع، فزيارة القبور كانت ممنوعة ثم نسخ الحكم وأضحت مسموحة، ولا يقال بأن آيات تتعلق بحكم الزكاة تنسخ آيات تتعلق بحكم الصلاة! ولا تنسخ صلاةُ الجنازة صلاةَ الخسوف! فلا بد أن يكون الناسخ والمنسوخ متعلقين بالمسألة ذاتها، فلا ينسخ جهادُ المبادأة دفعَ الصيال ورد الإعتداء ويغير في حكمه! لذلك فهما نوعان مختلفان من القتال فلا ينسخ أحدهما الآخر!.
فآية: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ فيها حكم يتعلق بنوع من جهاد الكفار، لذلك قال أبو بكر رضي الله عنه: فعلمت أن سيكون قتال! "فهذه أول آية نزلت في الجهاد والإذن بالقتال، كما قاله أكثر العلماء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: نزلت في محمد وأصحابه حين أخرجوا من مكة، وقال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كعروة بن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حبان وغيرهم: هذه أول آية نزلت في الجهاد.
وأما الأعمال المادية قبل قيام الدولة، فكانت للأفراد مباحة، وكانت على الكتلة منهيا عنها في نيف وسبعين آية، وكانت لدفع الظلم عن الأفراد، ولم يتخذها الرسول ﷺ طريقة للتغيير، فلم ينشئ ميليشيات للقتال، ولا درب كتلته على القتال، ولم ينسخ هذا الحكم بغيره، ولا ورد فيه شيء لاحق حتى يقال بأنه منسوخ! ولا يتصور القتال إلا بين جيشين أو جيش وعصابات وما شابه، ولم يكن شيء من هذا من أعمال الطريقة، وفي سنن النسائي «فقالوا: يا نبي الله، كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة؟ فقال: إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم»!]
[1] كلمة الأصوليين على أنه لا حكم قبل ورود الشرع، (قال النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب، في كتاب الطهارة: وَكُتُبِ الْمَذْهَبِ أَنَّ أَصْلَ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَمْ التَّحْرِيمِ أَمْ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ؟ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَشْهُورَةٍ الصَّحِيحُ مِنْهَا عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي شَيْءٍ يَفْعَلُهُ بِتَحْرِيمٍ وَلَا حَرَجٍ، وَلَا نُسَمِّيهِ مُبَاحًا لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، فَكَيْفَ يَدَّعِي ذَلِكَ قَبْلَ الشَّرْعِ. وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ سَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْعِ، وَأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُثْبِتُ شَيْئًا.) انتهى قول النووي.
[2]أبيح الجهاد ما بين مكة والمدينة بقوله تعالى: ﴿أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا...﴾ ثم فرض بقوله تعالى: ﴿كتب عليكم القتال وهو كره لكم﴾، أما ما كان مباحا للأفراد في مكة فهو دفع الأذى، وأن يُعاقبوا بمثل ما عوقبوا به، كأن يشج رأس من شج رأسه، أو يضرب من ضربه وفرق بين هذا وبين الجهاد!.
[3]﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ الشورى 39-43. وفي سورة النساء: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ 77، "وجماعة كانوا يلقون من المشركين بمكة أذى كثيرا قبل أن يهاجروا، ويقولون: يا رسول الله ائذن لنا في قتالهم، فإنهم قد آذونا، فيقول لهم رسول الله ﷺ: «كفوا أيديكم فإني لم أؤمر بقتالهم»، الواحدي في أسباب النزول ص 159-160، وأخرجه النسائي عن ابن عباس في السنن والحاكم. قال في معالم التنزيل: واختلفوا في هؤلاء قيل قاله قوم من المنافقين لأن قوله: ﴿وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾ لا يليق بالمؤمنين، وقيل قاله جماعة من المؤمنين لم يكونوا راسخين في العلم قالوه جبنا لا اعتقادا ثم تابوا. وقيل: هم قوم من المؤمنين لما فرض عليهم القتال نافقوا من الجبن، وتخلفوا عن الجهاد، انتهى. والحقيقة أنه يشكل عليه أنه لا منافقين في مكة! ولا نعلم من مؤمني مكة ممن هاجر من يمكن أن تنطبق عليه! فالمشكلة هي في قولهم: ﴿رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾ وفي صفتهم: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ ولعل المقصود بها جماعة من المنافقين في المدينة لا في مكة! خصوصا وأن الآية التالية معطوفة عليها يقول فيها سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِك﴾، خصوصا وأن الروايات التي تذكر الذين طلبوا الإذن بالقتال: تذكر منهم عبد الرحمن بن عوف، والمعروف أنه كان ممن قاتل في بدر! فلم يبد منه نكوص أو خوف من القتال! والله أعلم.
[4]وهو الجهاد!
[5]حاشية ابن عابدين 3/336 عن الجهاد والقتال لمحمد خير هيكل ص 40 ج 1
[6]مجموعة النشرات التكتلية، 14 من شهر رمضان 1387 ــ 1967/12/15م.
وسائط
4 تعليقات
-
بارك الله فيكم
-
بوركت جهودكم الطيبة
-
بوركت جهودكم الطيبة
-
بارك الله فيكم