السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح105) مشروع الدستور- أحكام عامّة-  نظرة الدولة لأفراد الرعية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح105) مشروع الدستور- أحكام عامّة-

نظرة الدولة لأفراد الرعية

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةِ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "مَشرُوعُ الدُّستُور - أحكَامٌ عَامَّة". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّانِيَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 5- جَمِيعُ الَّذِينَ يَحمِلُونَ التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ يَتَمَتَّعُونَ بِالحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.

 

المادة 6- لا يَجُوزُ لِلدَّولَةِ أنْ يَكُونَ لَدَيهَا أيُّ تَميِيزٍ بَينَ أفرَادِ الرَّعِيَّةِ فِي نَاحِيَةِ الحُكْمِ أوِ القَضَاءِ أو رِعَايَةِ الشُّؤُونِ أوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ أنْ تَنظُرَ لِلجَمِيعِ نَظْرَةً وَاحِدَةً بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ العُنصُرِ أوِ الدِّينِ أوِ اللَّونِ أوْ غَيرَ ذَلِكَ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ حَتَّى يَدرُسَهُ الـمُسلِمُونَ وَهُمْ يَعْمَلُونَ لإِقَامَتِهَا, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيهِمْ, وَهَاتان هما الـمَادَّتَانِ الخَامِسَةُ والسَّادِسَةُ مِنهُ, وَقَدْ بَيَّـنَّا أَدِلَّتهمَا فِي تِسعَ عَشْرَةَ نُقطَة, وَهَا نَحنُ نُوَاصِلُ بَيَانَ الأَدِلَّةِ مِنْ خِلَالِ النُّقَاطِ الآتِيَةِ:

 

  1. وَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي البَيعَةِ «وَأنْ لا نُنَازِعَ الأمرَ أهْلَهُ إِلاَّ أنْ تَرَوا كُفْرًا بَوَاحًا». وَوَقَعَ عِندَ الطَّبَرَانِيِّ «كُفْرًا صُرَاحًا», وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ: «إلاّ أن تَكُونَ مَعصِيَةُ اللهِ بَوَاحًا». وَفِي رِوَايَةِ أحْمَدَ: «مَا لَمْ يَأمُرْكَ بِإِثْمٍ بَوَاحًا».
  2. فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أنَّ الحُكْمَ بِغَيرِ الإِسلامِ مِثْلُ: عَدَمِ إِقَامَةِ أركَانِ الدِّينِ فِي البِلادِ, وَمِثلُ: عَدَمِ اتِّبَاعِ أوَامِرِ اللهِ مِنَ الحَاكِمِ, وَمِثلُ: أمْرِ الحَاكِمِ بِغَيرِ مَا أمَرَ بِهِ اللهُ يُعتَبَرُ مِمَّا يُوجِبُ حَمْلَ السَّيفِ في وَجْهِ الحَاكِمِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أنَّ تَطبِيقَ أحكَامِ الإِسلامِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ دَارِ الإِسلامِ وَإِلاَّ وَجَبَ القِتَالُ وحَمْلُ السَّيفِ.
  3. وَأمَّا بِالنِّسبَةِ لِكَونِ الأمَانِ يَجِبُ أنْ يَكُونَ بِأمَانِ الإِسلامِ فَإِنَّ دَلِيلَهُ أنَّ الرَّسُولَ كَانَ يَأمُرُ بِغَزْوِ كُلِّ بِلادٍ لا تَخضَعُ لِسُلطَانِهِ, وَأنْ يُقَاتِلَهُمْ قِتَالَ حَرْبٍ سَوَاءٌ أكَانَ أهلُهَا مُسلِمِينَ أمْ غَيرَ مُسلِمِينَ، بِدَلِيلِ نَهيِهِ عَنْ قِتَالِ أهلِهَا إِذَا كَانُوا مُسلِمِينَ، عَنْ أنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ r إِذَا غَزَا قَومًا لَمْ يَغْزُ حَتَّى يُصبِحَ، فَإِذَا سَمِعَ أَذانًا أمْسَكَ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أذَانًا أغَارَ بَعدَ مَا يُصبِحُ».
  4. وَعَنْ عِصَامٍ الـمُزَنيِّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ r إِذَا بَعَثَ السَّرِيَّةَ يَقُولُ: «إِذَا رَأيتُمْ مَسْجِدًا أو سَمِعْتُمْ مُنَادِيًا فَلا تَقتُلُوا أحَدًا». وَالأَذَانُ وَالمَسجِدُ مِنْ شَعَائِرِ الإِسلامِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أنَّ كَونَ البِلادِ يَسكُنُهَا مُسلِمُونَ لا يَمنَعُ مِنْ غَزِوِها, وَقِتَالِهَا قِتَالَ حَرْبٍ، وَهَذَا يَعنِي أنَّهَا اعتُبِرَتْ دَارَ حَرْبٍ أيْ دَارَ كُفْرٍ، لأَنَّهَا وَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهَا شَعَائِرُ الإِسلامِ, وَلَكِنَّهَا لا تَأمَنُ بِسُلْطَانِ الرَّسُولِ أو بِسُلطَانِ الإِسلامِ وَأمَانِهِ, فَاعتُبِرَتْ لِذَلِكَ دَارَ كُفْرٍ وَغُزِيَتْ كَأيِّ دَارِ حَرْبٍ.
  5. وَيُفَسِّرُ هَذَا أنَّ البُغَاةَ يُقَاتَلُونَ قِتَالَ تَأدِيبٍ لا قِتَالَ حَرْبٍ، مَعَ خُرُوجِهِمْ عَلَى السُّلطَانِ، لأَنَّ أمَانَهُمْ بِأَمَانِ المُسلِمِينَ، أمَّا لَو كَانَ أمَانُهُمْ أيِ البُغَاةُ بِأمَانِ الكُفَّارِ فَيُقَاتَلُونَ قِتَالَ حَرْبٍ لأَنَّ القِتَالَ حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَكُونُ لِلكُفَّارِ لِحِمَايَتِهِمْ لِلبُغَاةِ وَالكُفَّارِ يُقَاتَلُونَ قِتَالَ حَرْبٍ. وَهَذَا يَعنِي أنَّ كَونَ الأمَانِ بِأمَانِ الكُفَّارِ لا يَجعَلُ البِلادَ دَارَ إِسلامٍ, وَلَوَ ظَهَرَتْ فِيهَا شَعَائِرُ الإِسلامِ, بَلْ لا بُدَّ أنْ يَكُونَ أمَانُهَا أيضًا بِأمَانِ الإِسلامِ.
  6. هَذِهِ هِيَ دَارُ الإِسلامِ، وَهِيَ البِلادُ الَّتِي تَكُونُ مَحكُومَةً بِسُلطَانِ الإِسلامِ مُطَبَّقَةً عَلَيهَا أحكَامُهُ، وَيَكُونُ أمَانُهَا الدَّاخِلِيُّ وَالخَارِجِيُّ بِأمَانِ الإِسلامِ، وَمَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا هَذَانِ الأمرَانِ فَإِنَّهَا تَكُونُ دَارَ كُفْرٍ، وَتَنطَبِقُ عَلَيهَا أحكَامُ دَارِ الكُفْرِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ كَونِ أهلِهَا مُسلِمِينَ أو غَيرَ مُسلِمِينَ. فَمَنِ اتَّخَذَ دَارَ الإِسلامِ مُقَامًا لَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَامِلاً التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ سَوَاءٌ أكَانَ مُسلِمًا أمْ غَيرَ مُسلِمٍ.
  7. وَهَؤُلاءِ الَّذِينَ يَحمِلُونَ التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ لا يَجُوزُ أنْ يَحصُلَ أيُّ تَميِيزٍ بَينَهُمْ لِعُمُومِ أدِلَّةِ الحُكْمِ وَالقَضَاءِ وَرِعَايَةِ الشُّؤُونِ، فَاللهُ يَقُولُ: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَينَ النَّاسِ أنْ تَحكُمُوا بِالعَدْلِ) فَهُوَ عَاٌّم لِكُلِّ النَّاسِ مُسلِمِينَ أمْ غَيرِ مُسلِمِينَ، وَالرَّسُولُ r يَقُولُ: «البَينَةُ عَلَى المُدَّعِي وَاليَمِينُ عَلَى مَنْ أنكَرَ». وَهُوَ عَامٌّ يَشمَلُ الـمُسلِمَ وَغَيرِ الـمُسلِمِ، وَعَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيرِ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللهِ r أنَّ الخَصْمَينِ يَقعُدَانِ بَينَ يَدَيِ الحَاكِمِ». وَهُوَ عَاٌّم يَشمَلُ كُلَّ خَصمَينِ، مُسلِمَيْنَ أمْ غَيرَ مُسلِمَيْنِ، وَالرَّسُولُ عَلَيهِ الصلاة والسَّلامُ يَقُولُ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». وَكَلِمَةُ (رَعِيَّتِهِ) عَامَّةٌ تَشمَلُ جَمِيعَ الرَّعِيَّةِ، مُسلِمِينَ أمْ غَيرَ مُسلِمِينَ.
  8. وَهَكَذَا جَمِيعُ الأدِلَّةِ العَامَّةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالرَّعَوِيَّةِ تَدُلُّ عَلَى أنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ يَحصُلَ أيُّ تَمْيِيزٍ بَينَ الـمُسلِمِ وَغَيرِ الـمُسلِمِ، وَلا بَينَ العَرَبِيِّ وَغَيرِ العَرَبِيِّ، وَلا بَينَ الأبيَضِ وَالأسوَدِ، بَلْ جَمِيعُ النَّاسِ الَّذِينَ يَحمِلُونَ التَّابِعِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ سَوَاءٌ, مِنْ غَيرِ أيِّ تَميِيزٍ بَينَهُمْ أمَامَ الحَاكِمِ مِنْ حَيثُ استِحقَاقُ رِعَايَةِ شُؤُونِهِ وَحِفْظُ دَمِهِ وَعِرضِهِ وَمَالِهِ، وَأمَامَ القَاضِي مِنْ حَيثُ التَّسوِيَةُ وَالعَدْلُ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالأحد, 15 نيسان/ابريل 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع