- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
وتستمر الحال انحدارا في ظل غياب الدولة الراعية
نحن في رجب الخير، شهر الإسراء والمعراج، رجب النصر ومعركة حطين والأنبار وفتح دمشق وفارنا وغيرِها، ولكنه كذلك شهد الكثير من المآسي مثل مذبحة دير ياسين ومذبحة أبو شوشة بل إن قيام كيان يهود عام 48 كانت في رجب.. ولكن أعظم المآسي هو هدم الخلافة العثمانية والقضاء على دولة الإسلام على يد مصطفى كمال عليه من الله ما يستحق، ومنذ ذلك الوقت نرى العجب العجاب ونرى من ينتسبون إلى خير أمة أخرجت للناس تتقبل هذا الوضع والواقع وترضى به!
إن حال المسلمين اليوم لا تخفى على أحد بعد أن غُيّبت أحكام الله جل وعلا بهدم الخلافة، وبعد أن خالفوا أوامر الله وشرعه، وأعرضوا عنه وأخذوا من غيره وقلدوا أعداءه واتبعوهم فماذا كانت النتيجة؟! أحكام الله وحدودها معطلة، مفاهيم الإسلام مُغيّبة، فانتشر الفساد والخيانة والكذب والظلم والسرقة والبنوك والربا وأكل المال بالباطل، وعمت المفاسد والاختلاط والزنا وامتلأت الطرق بالكاسيات العاريات، وطُبقت مفاهيم مثل الديموقراطية والعولمة والانفتاح وحوار الأديان والوسطية، وحقوق المرأة والحريّات المزعومة، وصار المتمسك بدينه (إرهابياً) متزمتا، والمتفلت من الأحكام الشرعية متحضرًا مرنًا. فأصبح الحال تعب وضنك وخوف وذل ومهانة. ورحم الله سيّد قطب حيث قال: (من ترك شيئا من أمور الشرع أحوجه الله إليه). فإن شرع الله هو تشريع لكل البشر، ولكن استُبدل به تشريع البشر فأصبحنا بلا عِزٍّ ولا هيبةٍ ولا كرامة، كالكرة يتقاذفها الغرب كيفما شاءوا، وكقطع الشطرنج يحركونها أينما رغبوا! وها هي حقائق الواقع تؤكد ذلك ولا يمكن إغماض العيون عنها..
فهل ما يحصل لنا لأننا قليلو العدد؟! لا والله لسنا قليلي العدد بل نحن أكثر الأمم عدداً، ولكننا غثاء كغثاء السيل وقد أصابنا الوَهَن الذي أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأحببنا الدنيا وكرهنا القتال في سبيل الله، وها هم المسلمون يلهثون خلف سراب السلام الخادع وهم للقتال كارهون، يتسولون السلام المزعوم والأمان الزائف الذي يخدعون به الأمة والناس، يلتمسون الحلول لقضاياهم عند أصحاب الشرعة الدولية ومجلس أمنهم ناسين أو متناسين أن من يبتغون الحلول عندهم هم ذاتهم من قتلوا وهتكوا وأهانوا وأذلوا كلَّ من قاومهم وعارضهم ولم يقبل بهم أرباباً من دون الله؟ فهل تُلتمس العزّة والكرامةُ عند من ليس له إلا ولا ذمة؟! من لا دين ولا أخلاق له!؟
وفي ظل ما نعيشه من نتائج وآثار الهجمة الصليبية على الإسلام والمسلمين، وفي هذه الذكرى الأليمة أسألكم بالله أن تتمثلوا روح صلاح الدين رحمه الله الذي حرّر فلسطين والقدس من الصليبيين ولتسألوا أنفسكم:
هل حررها باسم القومية، أو باسم العروبة؟!
هل حررها باللجوء إلى مجلس الأمن وقراراته؟!
هل حررها بمعاهدات الاستسلام التي فرض شروطَها العدو؟!
لا والله بل حرّرها بالإسلام قولاً وعملاً وصدقاً وإخلاصاً ودولةً، فهل فَهْمُ الإسلام صعب عليكم؟! فنحن والله بديننا أسياد فلا نقبل أن نكون عبيدا، ولنتذكر دائما قول سيدنا عمر رضي الله عنه حين قال (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).
وتذكروا أن الإسلام وهو دين الله يأمر المسلمين أن يقيموا الدولة الإسلامية التي تجمعهم كلَّهم تحت راية إمام واحد يحكمهم بكتاب الله وسنة نبيه، فانبذوا ما كان من غير دين الله فلن يوصلكم إلا للهاوية، وسوء المنقلبِ والعياذ بالله. واعملوا مع العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية وتحكيم شرع الله على الأرض بالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة لتنالوا العزّ في الدنيا وحُسن الثواب في الآخرة، أم تعجبكم حال هذه الأمة وما هي عليه؟!
وإن التغيير والنهضة يحتاج إلى عمل، "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ".
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير
مسلمة الشامي ( أم صهيب)