الإثنين، 16 محرّم 1446هـ| 2024/07/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح140) الحَلْقَةُ الأَربَعونَ بَعدَ المِائَةِ  الـمُدَّةُ الَّتِي يُمهَلُ فِيهَا الـمُسلِمُونَ لِإِقَامَةِ خَلِيفَةٍ مِنْ تَارِيخِ خُلُوِّ مَنصِبِ الخِلَافَةِ هِيَ ثَلَاثَةِ أَيَّـامٍ بِلَيَالِيهَا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح140) الحَلْقَةُ الأَربَعونَ بَعدَ المِائَةِ

 الـمُدَّةُ الَّتِي يُمهَلُ فِيهَا الـمُسلِمُونَ لِإِقَامَةِ خَلِيفَةٍ مِنْ تَارِيخِ خُلُوِّ مَنصِبِ الخِلَافَةِ هِيَ ثَلَاثَةِ أَيَّـامٍ بِلَيَالِيهَا

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الأَربَعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "الـمُدَّةُ الَّتِي يُمهَلُ فِيهَا الـمُسلِمُونَ لِإِقَامَةِ خَلِيفَةٍ مِنْ تَارِيخِ خُلُوِّ مَنصِبِ الخِلَافَةِ هِيَ ثَلَاثَةِ أَيَّـامٍ بِلَيَالِيهَا". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:  

 

المادةُ الثانيةُ والثلاثونَ 32 - إِذَا خَلَا مَنصِبُ الخِلَافَةِ بِمَوتِ الخَلِيفَةِ أَو اعتِزَالِهِ أَو عَزلِهِ، يَجِـبُ نَصْـبُ خَلِيفَةٍ مَكَانَهُ خِـلَالَ ثَلَاثَةِ أَيَّـامٍ بِلَيَالِيهَا مِنْ تَارِيخِ خُلُوِّ مَنصِبِ الخِلَافَةِ.

 

المادةُ الثالثةُ والثلاثونَ 33 - يُعَيَّنُ أَمِيرٌ مُؤَقَّتٌ لِتَوَلِّي أَمْرِ الـمُسلِمِينَ وَالقِيَامِ بِإِجرَاءَاتِ تَنصِيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ بَعدَ شُغُورِ مَنصِبِ الخِلَافَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

 

أ- لِلخَلِيفَةِ السَّابِقِ عِندَ شُعُورِهِ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ أَو عَزْمِهِ عَلَى الاعتِزَالِ صَلَاحِيَّةُ تَعْيِينِ الأَمِيرِ الـمُؤَقَّتِ.

ب- إِنْ تُوُفِّيَ الخَلِيفَةُ أَوِ اعتَزَلَ قَبْلَ تَعيِينِ الأَمِيرِ الـمُؤَقَّتِ، أَو كَانَ شُغُورُ مَنصِبِ الخِلَافَةِ فِي غَيرِ الوَفَاةِ أَوِ الاعتِزَالِ، فَإِنَّ أَكْبَرَ الـمُعَاوِنِينَ سِنًّا يَكُونُ هُوَ الأَمِيرَ الـمُؤَقَّتَ إِلَّا إِذَا أَرَادَ التَّرَشُّحَ لِلخِلَافَةِ فَيَكُونُ التَّالِي لَهُ سِنًّا وَهَكَذَا.

ج- فَإِذَا أَرَادَ كُلُّ الـمُعَاوِنِينَ التَّرَشُّحَ، فَأَكْبَرُ وُزَرَاءِ التَّنفِيذِ سِنًّا, ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ إِذَا أَرَادَ التَّرَشُّحَ، وَهَكَذَا.

د- فَإِذَا أَرَادَ كُلُّ وُزَرَاءِ التَّنفِيذِ التَّرَشُّحَ لِلخِلَافَةِ حُصِرَ الأَمِيرُ الـمُؤَقَّتُ فِي أَصْغَرِ وُزَرَاءِ التَّنفِيذِ سِنًّا.

هـ- لَا يَملِكُ الأَمِيرُ الـمُؤَقَّتُ صَلَاحِيَّةَ تَبَنِّي الأَحْكَامِ.

و- يَبذُلُ الأَمِيرُ الـمُؤَقَّتُ الوُسْعَ لِإِكْمَالِ إِجرَاءَاتِ تَنصِيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ خِلَالَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَجُوزُ تَمدِيدُهَا إِلَّا لِسَبَبٍ قَاهِرٍ تُوَافِقُ عَلَيهِ مَحْكَمَةُ الـمَظَالِـمِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أَيُّهَا الصَّائِمُونْ, يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ معنا لإِقَامَتِهَا, وَهَاتان هما الـمَادَّتَانِ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ والثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

أولا: المادةُ الثانيةُ والثلاثونَ 32 - إِنَّ نَصْبَ الخَلِيفَةِ فَرْضٌ مُنذُ اللَّحظَةِ الَّتِي يُتَوَفَّى فِيهَا الخَلِيفَةُ السَّابِقُ أَوْ يُعزَلُ، وَلَكِنْ يَجُوزُ تَأخِيرُ النَّصْبِ مَعَ الاشتِغَالِ بِهِ مُدَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، فَإِذَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَلَـمْ يُقِيمُوا خَلِيفَةً، يُنظَرُ، فَإِنْ كَانَ الـمُسلِمُونَ مَشغُولِينَ بِإِقَامَةِ خَلِيفَةٍ، وَلَـمْ يَستَطِيعُوا إِنجَازَ إِقَامَتِهِ خَلَالَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، لِأُمُورٍ قَاهِرَةٍ لَا قِبَلَ لَـهُمْ بِدَفْعِهَا، فَإِنَّهُ يَسقُطُ الإِثْمُ عَنهُمْ؛ لِانشِغَالِهِمْ بِإِقَامَةِ الفَرْضِ، وَلِاستِكْرَاهِهِمْ عَلَى التَّأخِيرِ بِمَا قَهَرَهُمْ عَلَيهِ. رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْـتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»، وَإِنْ لَم يَكُـونُوا مَشغُولِينَ بِذَلِكَ, فَالحَدُّ الأَقْصَى هُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا.

 

أَمَّا دَلِيلُ وُجُوبِ مُبَاشَرَةِ الاشتِغَالِ فِي بَيعَةِ الخَلِيفَةِ لِـمُجَرَّدِ خُلُوِّ مَنْصِبِ الخِـلَافَةِ، فَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَد بَاشَرُوا ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بَعدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ r، فِي اليَومِ نَفسِهِ، وَقَبْلَ دَفنِهِ r، وَقَدْ تَمَّتْ بَيعَةُ أَبِي بَكْرٍ بَيعَةَ انعِـقَـادٍ فِي اليَومِ نَفسِهِ، ثُمَّ فِي اليَومِ الثَّانِي جَمَعُوا النَّاسَ فِي الـمَسجِدِ لِبَيعَةِ أَبِي بَكْرٍ بَيعَةَ الطَّاعَةِ. أَمَّـا كَـونُ أَقْـصَـى مُـدَّةٍ يُمْـهَلُ فِيهَا الـمُسلِمُونَ لِنَصْبِ الخَلِيفَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّـامٍ بِلَيَالِيهَا؛ فَذَلِكَ لِأَنَّ عُـمَـرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَهِدَ لِأَهْلِ الشُّورَى عِندَ ظُهُورِ تَحَقُّقِ وَفَاتِهِ مِنَ الطَّـعْـنَةِ، وَحَـدَّدَ لَـهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّـامٍ، ثُمَّ أَوصَـى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى الخَلِيفَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّـامٍ، فَلْيُقْتَلِ الـمُخَـالِـفُ بَعدَ الأَيَّـامِ الثَّلاثَةِ، وَوَكَّـلَ خَمسِينَ رَجُلًا مِنَ الـمُسـلِمِينَ بِتَنفِيذِ ذَلِكَ، أَيْ بِقَـتْـلِ الـمُخَـالِفِ، مَعَ أَنَّهُمْ مِـنْ أَهْـلِ الشُّورَى، وَمِنْ كِبَارِ الصَّحَـابَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَرأَى وَمَسـْمَعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَـمْ يُـنـقَـلْ عَـنْـهُـمْ مُخَالِفٌ، أَو مُنكِرٌ لِذَلِكَ، فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُـوزُ أَنْ يَخْـلُوَ الـمُسلِمُونَ مِنْ خَلِيفَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ دَلِيلٌ شَرعِيٌّ كَالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

 

أَخْرَجَ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ المِسْوَرِ بْنِ مَخرَمَةَ قَالَ: «طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنْ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْـتَـيْقَظْتُ، فَقَالَ أَرَاكَ نَائِمًا، فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبِيرِ نَوْمٍ». وَذَكَرَ ابنُ كَثِيرٍ فِي كِتَابِ "البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ" (فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيلَةُ الَّتِي يُسْفِرُ صَبَاحُهَا عَنِ اليَومِ الرَّابِعِ مِنْ مَوتِ عُمَرَ، جَاءَ - عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوفٍ - إِلَى مَنزِلِ ابنِ أُختِهِ الِمْسَورِ بْنِ مَخرَمَةَ فَقَالَ: أَنَائِمٌ يَا مِسْوَرُ؟ وَاللهِ لَمْ أَغْتَمِضْ بِكَثِيرِ نَومٍ مُنذُ ثَلَاثٍ ..) أَيْ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ تَمَّتْ بَيعَةُ عُثْمَانَ.

 

xxx p 20 5 2018

 

ثانيا: المادةُ الثالثةُ والثلاثونَ 33 - لِلخَلِيفَةِ، عِندَمَا يَشْعُرُ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ قُبَيلَ خُلُوِّ مَنصِبِ الخِلَافَةِ بِفْتَرَةٍ مُنَاسِبَةٍ أَنْ يُعَيِّنَ أَمِيرًا مُؤَقَّتًا لِتَوَلِّي أَمْرِ الـمُسلِمِينَ خِلَالَ فَترَةِ إِجرَاءَاتِ تَنصِيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ، وَيُبَاشِرُ عَمَلَهُ بَعدَ وَفَاةِ الخَلِيفَةِ، وَيَكُونُ عَمَلُهُ الأَسَاسُ هُوَ الفَرَاغَ مِنْ تَنصِيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ خِلَالَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَلَا يَجُوزُ لِلأَمِيرِ الـمُؤَقَّتِ أَنْ يَتَبَنَّى الأَحْكَامَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ صَلَاحِيَّةِ الخَلِيفَةِ الَّذِي تُبَايِعُهُ الأُمَّةُ. وَكَذَلِكَ لَيسَ لَهُ أَنْ يَتَرَشَّحَ لِلخِلَافَةِ أَوْ يُسنِدَ الـمُرَشَّحِينَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ t عَيَّنَهُ مِنْ غَيرِ مَنْ رَشَّحَهُمْ لِلخَلَافَةِ. وتَنتَهِي وِلَايَـُة هَـذَا الأَمِـيرِ بِتَـنـصِـيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ؛ لِأَنَّ مُهِمَّتَهُ مُؤَقَّتَةٌ بِهَذِهِ الـمُهِمَّةِ.

 

أَمَّا دَلِيلُ ذَلِكَ فَهُوَ مَا صَنَعَهُ عُمَرُ رضي اللهُ عنه عِندَمَا طُعِنَ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضوَانُ اللهِ عَلَيهِمْ دُونَ إِنكَارٍ, فَكَانَ إِجْمَاعًا. لَقَدْ قَالَ عُمَرُ t لِلمُرَشَّحِينَ السِّتَّةِ حِينَ طُعِنَ رضي الله عنه: «وَلْيُصَلِّ بِكُمْ صُهَيبٌ هَذِهِ الأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي تَتَشَاوَرُونَ فِيهَا» ثُمَّ قَالَ لِصُهَيبٍ كَمَا فِي تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ: «صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنِ اجْتَمَعَ خَمْسَةٌ، وَرَضُوا رَجُلًا، وَأَبَى وَاحِدٌ، فَاشْدَخْ رَأْسَهُ بِالسَّيفِ ...» وَهَذَا يَعنِي أَنَّ صُهَيبًا عُيِّنَ أَمِيرًا عَلَيهِمْ، فَهُوَ قَدْ عُيِّنَ أَمِيرًا لِلصَّلَاةِ، وَإِمَارَةُ الصَّلَاةِ كَانَتْ تَعنِي إِمَارَةَ النَّاسِ، وَلِأَنَّهُ أُعطِيَ صَلَاحِيَّةَ العُقُوبَةِ (فَاشْدَخْ رَأْسَهُ)، وَلَا يَقُومُ بِالقَتْلِ إِلَّا الأَمِيرُ.

 

وَقَدْ تَمَّ هَذَا الأَمْرُ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الصَّحَابَةِ دُونَ مُنْكِرٍ؛ فَكَانَ إِجْمَاعًا بِأَنَّ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُعَيِّنَ أَمِيرًا مُؤَقَّتًا يَتَوَلَّى إِجرَاءَاتِ تَنصِيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى هَذَا أَنْ يَتَبَنَّى الخَلِيفَةُ مَادَّةً خِلَالَ حَيَاتِهِ، تَنُصُّ عَلَى أَنَّ الخَلِيفَةَ، إِذَا تُوُفِيَّ وَلَـمْ يُعَيِّنْ أَمِيرًا مُؤَقَّتًا لِإِجرَاءَاتِ تَنصِيبِ الخَلِيفَةِ الجَدِيدِ، أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الأَشْخَاصِ أَمِيرًا مُؤَقتًا. وَبِنَاءً عَلَيهِ فَإِنَّهُ يُتَبَنَّى أَنْ يَكُونَ الأَمِيرُ الـمُؤَقَّتُ، إِنْ لَـمْ يُعَيِّنهُ الخَلِيفَةُ فِي مَرَضِ مَوتِهِ، يَكُونُ أَكْبَرُ الـمُعَاوِنِينَ سِنًّا، إِلَّا إِذَا تَرَشَّحَ فَيَكُونَ التَّالِي لَهُ عُمْرًا مِنَ الـمُعَاوِنِينَ، وَهَكَذَا، ثُمَّ يَتلُوهُمْ وُزَرَاءُ التَّنفِيذِ بِالكَيفِيَّةِ السَّابِقَةِ. وَيَنطَـِبـقُ هَذَا فِي حَـالَـةِ عَزْلِ الخَلِيفَةِ، فَإِنَّ الأَمِيرَ الـمُؤَقَّتَ يَكُونُ أَكْبَرَ الـمُعَاوِنِينَ سِنًّا إِنْ لَـمْ يَتَرَشَّحْ، فَإِنْ تَرَشَّحَ فَمَنْ يَلِيهِ إِلَى أَنْ يَفرَغُوا، ثُمَّ أَكْبَرَ وُزَرَاءِ التَّنفِيذِ سِنًا، وَهَكَذَا. فَإِنْ أَرَادُوا التَّرشِيحَ كُلُّهُمْ, فَيُلزَمُ الأَصْغَرُ مِنْ وُزَرَاءِ التَّنفِيذِ بِالإِمَارَةِ الـمُؤَقَّتَةِ. وَهَذَا الأَمِيرُ يَختَلِفُ عَنْ مَنْ يُنِيبُهُ الخَلِيفَةُ مَكَانَهُ عِندَ خُرُوجِهِ لِلجِهَادِ أَو فِي سَفَرٍ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللهِ rعِندَمَا كَانَ يَخرُجُ لِلجِهَادِ، أَو عِندَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، أو نَحْو ذَلِكَ، فَإِنَّ مَنْ يُنِيبُهُ فِي هَذِهِ الحَالَةِ يَكُونُ بِالصَّلَاحِيَّاتِ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الخَلِيفُةُ لَهُ فِي رِعَايَةِ الشُّؤُونِ الَّتِي تَقتَضِيهَا تِلْكَ الإِنَابَةُ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالسبت, 19 أيار/مايو 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع