الجمعة، 24 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ح25) عمر رضي الله عنه يسحب قانونا يتعارض مع غايات المجتمع وطموحاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(ح25) عمر رضي الله عنه يسحب قانونا يتعارض مع غايات المجتمع وطموحاته

 


الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الكِتَابْ، وَمُجْرِي السَّحَابْ، وَهَازِمِ الأَحْزَابِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الأَلْبَابْ، وَعَلَى وَزِيرَيهِ: أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقْ، مَنْ لِدَعْوَةِ الحَقِّ استَجَابْ، وَالفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ، الحَاكِمِ بِالعَدْلِ، وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابْ، ارزُقنَا الَّلهُمَّ خَلِيفَةً مِثْلَهُ، يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَتَرْضَى عَنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابْ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَتِهِمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ يَا وَهَابْ... آمِينَ.


أيها المؤمنون:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"مَنَاقِبُ ثَانِي الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه". وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةِ والعِشْرِينَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "عُمَرَ رضي الله عنه يَسْحَبُ قَانُونًا يَتَعَارَضُ مَعَ غَايَاتِ الـمُجْتَمَعِ وَطُمُوحَاتِهِ" نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ:


عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: "إِيَّاكُمْ وَالْمُغَالاَةِ فِى مُهُورِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، أَوْ مَكْرُمَةً عِنْدَ النَّاسِ؛ لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلاَكُمْ بِهَا. مَا نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ، وَلاَ أَنْكَحَ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهِ بِأَكْثَرِ مِنِ اثْنَي عَشَرَةَ أُوقِيَّةً، وَهِيَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا، وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُغَالِي بِمَهْرِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَبْقَى عَدَاوَةً فِي نَفْسِهِ فَيَقُولُ: لَقَدْ كُلِّفْتُ لَكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ". (رواه الخمسة وأحمد والحاكم والبيهقي)


وَفِي مُسْنَدِ الإِمَام أَحْمَد: عَنْ حَمَّاد بنِ سَلَمَةَ عَنِ ابنِ سُخْبَرَةَ عَنِ القَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً»، وَمِنَ الطَّرِيقِ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ بِلَفْظ: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَقَلُّهُنَّ مُؤْنَةً». (قال الحافظ العراقي: إسناده جيد كما في تخريج الإحياء)


بَينَمَا كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه يَخْطُبُ فِي النَّاسِ ذَاتَ جُمُعَةٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى تَخْفِيضِ الـمُهُورِ، وَذَلِك َتَشْجِيعًا لِلشَّبَابِ عَلَى الزَّوَاجِ، انْبَرَتْ لَهُ مِنْ بَينِ الحُضُورِ امْرَأَةٌ جَرَّدَتْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْ لَقَبِ أَمِيرِ المؤْمِنِينَ فَقَالَتْ لَهُ: "أَخْطَأْتَ يَا عُمَرُ، هَلْ يُعْطِينَا اللهُ قِنْطَارًا، وَتَحْرِمَنَا أَنْتَ إِيَّاهُ؟"، وَتَلَتْ قَولَهُ تَعَالَى: (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا). (النساء20).


كَانَ هَذَا الاعْتِرَاضُ مِنَ امرَأَةٍ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ، بِمَثَابَةِ نُقْطَةِ نِظَامٍ، تَرْفُضُ فِيهَا هَذِهِ المرأَةُ قَانُونَ المهْرِ الَّذِي صَاغَهُ الفَارُوقُ عُمَرُ رضي الله عنه، لَمْ يُكَابِرْ أَمِيرُ المؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَزُجَّ بِالمرأَةِ فِي السُّجُونِ، وَلَمْ يَأْمُر بِجَلْدِهَا، بَلِ اعتَرَفَ بِالخَطَأِ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ فَقَالَ: "أَخْطَأَ عُمَرُ، وِأِصِابِتِ امرَأةٌ، كُلُّ النَّاسِ أَفْقَهُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، لَيْتَ أُمَّ عُمَرَ لَمْ تَلِدْ عُمَرَ"، ثُمَّ سَحَبَ قَانُونَهُ، وَتَركَ لِلمُجْتَمَعِ أَمْرَ تَحْدِيدِ المهُورِ حَسْبَ الاستِطَاعَةِ!!


هَكَذَا كَانَتْ تُصْنَعُ القَوَانِينُ فِي عَهْدِ خِلَافَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، حَسْبَ غَايَاتِ الـمُجْتَمَعِ، وَطُمُوحَاتِهِ، وَثَقَافَاتِهِ، وَذَلِكَ بِالغَوصِ فِي قَاعِ الـمُجْتَمَعِ الـمُسْتَهْدَفِ بِتِلْكَ القَوَانِينِ. فَالـمُجْتَمَعُ هُوَ مَصْدَرُ القَوَانِينُ، وَلَيسَ السُّلْطَةَ، وَذَلِكَ حَتْمًا وَلَازِمًا - بِمَا لَا يُخَالِفُ أَحْكَامَ الإِسْلَامِ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا أَرْشَدَا إِلَيهِ مِنْ إِجْمَاعِ صَحَابَةٍ، وَاجْتِهَادٍ بِقِيَاسٍ شَرْعِيٍّ - وَفِي عَصْرِنَا هَذَا لَمْ يَتَغَيَّرِ النَّاسُ، وَلَا الحَيَاةُ تَغَيَّرَتْ، فَالنَّاسُ هُمُ النَّاسُ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَفِي كُلِّ مِصْرَ، وِالحَيَاةُ هِيَ الحَيَاةُ، وَلَكِنْ لَيسَ فِي القَومِ عُمَرُ رضي الله عنه، نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَرْزُقَنَا خَلِيفَةً مِثْلَهُ. رَحِمَكَ اللهُ يَا عُمَرُ! لَقَدْ أَتْعَبْتَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكَ، رَضِيَ اللهُ عَنْكَ وَأَرْضَاكَ!!


أيها المؤمنون:


نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ: محمد أحمد النادي

آخر تعديل علىالجمعة, 07 أيار/مايو 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع