الثلاثاء، 07 شوال 1445هـ| 2024/04/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح56) القيادة الفكرية الإسلامية توافق الفطرة, والشيوعية والرأسمالية تخالفانها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح56)

القيادة الفكرية الإسلامية توافق الفطرة, والشيوعية والرأسمالية تخالفانها

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالخَمسِينَ, وَعُنوَانُهَا: "القِيَادَةُ الفِكرِيَّةُ الإِسلامِيَّةُ تُوَافِقُ الفِطْرَةَ وَالشُّيُوعِيَّةُ وَالرَّأسْمَالِيَّةُ تُخَالِفَانِهَا". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّالِثَةِ وَالأربَعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظَامِ الإِسلامِ" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "هَذَا مِنْ نَاحِيَةِ العَقلِ، أمَّا مِنْ نَاحِيَةِ الفِطْرَةِ فَإِنَّ القِيَادَةَ الفِكْرِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ تُوَافِقُ الفِطْرَةَ، لأنَّها تُؤْمِنُ بِوُجُودِ الدِّينِ، وَبُوُجُوبِ وُجُودِهِ فِي الحَيَاةِ، وتَسْيِيرِهَا بِأوَامِرِ اللهِ ونواهيهِ. وَالتَّدَيُّنُ فِطْرِيٌّ لأنَّهُ غَرِيزَةٌ مِنَ الغَرَائِزِ، لَهَا رَجْعٌ خَاصٌّ هُوَ التَّقدِيسُ، وَهُوَ يَختَلِفُ عَنْ رَجْعِ أيَّةِ غَرِيزَةٍ أُخْرَى غَيرِهَا، وَهُوَ رَجْعٌ طَبِيعِيٌّ لِغَرِيزَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلِهَذَا كَانَ الإِيمَانُ بِالدِّينِ، وَبِوُجُوبِ تَسييرِ أعْمَالِ الإِنسَانِ فِي الحَيَاةِ بِأوَامِرِ اللهِ وَنَوَاهِيهِ، غَرِيزِيًّا، فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلفِطْرَةِ، وَلِذَلِكَ تَتَجَاوَبُ مَعَ الإِنسَانِ. وَذَلِكَ بِخِلافِ القِيَادَتَينِ الفِكْريِّتينِ الشُّيُوعِيَّةِ وَالرَّأسْمَالِيَّةِ فَإنَّهُمَا تُخَالِفَانِ الفِطْرَةَ، لأنَّ القِيادَةَ الفِكْرِيَّةَ الشُّيُوعِيَّةَ تُنْكِرُ وُجُودَ الدِّينِ مُطْلَقَاً، وَتُحَارِبُ الاعتِرَافَ بِهِ، فَهِيَ تَتَنَاقَضُ مَعَ الفِطْرَةِ. وَالقِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الرَّأسْمَالِيَّةُ لا تَعْتَرِفُ بِالدِّينِ وَلا تُنْكرُهُ، وَلا تَجْعَلُ الاعتِرَافَ بِهِ أو إِنكَارَهُ مَوضُوعَ بَحْثٍ، وَلَكنَّهَا تَقُولُ بِوُجُوبِ فَصْلِ الدِّينِ عَنِ الحَيَاةِ، فَهِيَ تُرِيدُ أنْ يَكُونَ سَيْرُ الحَيَاةِ نَفْعِيَّاً بَحْتَاً لا شَأنَ لِلدِّينِ بِهِ، وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِلفِطْرَةِ، وَبَعِيدٌ عَنْهَا. وَلِذَلِكَ كَانَتْ مُناقِضَةً لِفِطْرَةِ الإِنسَانِ. وَمِنْ هُنَا كَانَتِ القِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الإِسلامِيَّةُ وَحْدَهَا هِيَ الصَّالِحَةَ، لِمُوَافَقَتِهَا لِفِطْرَةِ الإِنسَانِ، وَلِمُوَافَقَتِهَا لِلعَقْلِ، وَمَا عَدَاهَا فَهُوَ بَاطِلٌ. وَلِذَلِكَ كَانَتِ القِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الإِسلامِيَّةُ وَحْدَهَا هِيَ الصَّحِيحَةَ، وَكَانَتْ وَحْدَهَا هِيَ النَّاجِحَةَ".

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: انتَقَلَ الشَّيخُ مِنَ الحَدِيثِ عَنِ العَقلِ وَتَعرِيفِهِ، وَبِنَاءِ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ عَلَيهِ إِلَى الحَدِيثِ عَنِ الفِطْرَةِ مِنْ حَيثُ مُوَافَقَةُ القِيَادَاتِ الفِكرِيَّةِ لَهَا أوْ مُخَالَفَتُهَا إِيَّاهَا, وَفَصَّلَ الحَدِيثَ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:

 

أولا: القيادة الفكرية الإسلامية:

 

أمَّا مِنْ نَاحِيَةِ الفِطْرَةِ فَإِنَّ القِيَادَةَ الفِكْرِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ تُوَافِقُ الفِطْرَةَ لِلأسبَابِ الآتِيَةِ:

  1. لأنَّها تُؤْمِنُ بِوُجُودِ الدِّينِ، وَبُوُجُوبِ وُجُودِهِ فِي الحَيَاةِ.
  2. لأنَّها تُؤْمِنُ بِوُجُوبِ تَسْيِيرِ الحَيَاةِ بِأوَامِرِ اللهِ ونواهيهِ.
  3. لأنَّ التَّدَيُّنَ فِطْرِيٌّ في النَّفسِ البَشَرِيَّةِ, وَهُوَ غَرِيزَةٌ مِنَ الغَرَائِزِ، لَهَا رَجْعٌ خَاصٌّ هُوَ التَّقدِيسُ.
  4. لأنَّ التَّقدِيسَ يَختَلِفُ عَنْ رَجْعِ أيَّةِ غَرِيزَةٍ أُخْرَى غَيرِهَا، وَهُوَ رَجْعٌ طَبِيعِيٌّ لِغَرِيزَةٍ التَّدَيُّنِ.
  5. لأنَّ الإِيمَانَ بِالدِّينِ، وَبِوُجُوبِ تَسييرِ أعْمَالِ الإِنسَانِ فِي الحَيَاةِ بِأوَامِرِ اللهِ وَنَوَاهِيهِ، أمرٌ غَرِيزِيٌّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلفِطْرَةِ، وَلِذَلِكَ تَتَجَاوَبُ القِيَادَةُ الفِكرِيَّةُ الإِسلامِيَّةُ مَعَ الإِنسَانِ.

يَذكُرُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ سَبَبَينِ لِكَونِ القِيَادَةِ الفِكْرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ وَحْدَهَا هِيَ الصَّالِحَةَ، وَوَحْدَهَا هِيَ الصَّحِيحَةَ، وَوَحْدَهَا هِيَ النَّاجِحَةَ, وَمَا عَدَاهَا فَهُوَ بَاطِلٌ: 

  1. لِمُوَافَقَتِهَا لِفِطْرَةِ الإِنسَانِ.
  2. لِمُوَافَقَتِهَا لِلعَقْلِ.

ثانيا: القيادة الفكرية الشيوعية:

 

القِيَادَة الفِكْريِّة الشُّيُوعِيَّةِ تُخَالِفُ الفِطْرَةَ لِثَلاثَةِ أسْبَابٍ:

  1. لأنَّ القِيادَةَ الفِكْرِيَّةَ الشُّيُوعِيَّةَ تُنْكِرُ وُجُودَ الدِّينِ مُطْلَقَاً.
  2. لأنَّ القِيادَةَ الفِكْرِيَّةَ الشُّيُوعِيَّةَ تُحَارِبُ الاعتِرَافَ بِالدين، فَهِيَ تَتَنَاقَضُ مَعَ الفِطْرَةِ.
  3. لأنَّ القِيادَةَ الفِكْرِيَّةَ الشُّيُوعِيَّةَ تَمنَعُ المِلْكِيَّةَ الفَردِيَّةَ, وَالنَّفْسُ مَفطُورَةٌ عَلَى حُبِّ التَّمَلُّكِ.

ثالثا: القيادة الفكرية الرأسمالية:

 

القِيَادَةُ الفِكْريِّةُ الرَّأسْمَالِيَّةُ تُخَالِفُ الفِطْرَةَ لِلأسبَابِ الأربَعَةِ الآتِيَةِ:

  1. القِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الرَّأسْمَالِيَّةُ لا تَعْتَرِفُ بِالدِّينِ وَلا تُنْكرُهُ.
  2. القِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الرَّأسْمَالِيَّةُ لا تَجْعَلُ الاعتِرَافَ بِالدِّينِ أو إِنكَارَهُ مَوضُوعَ بَحْثٍ.
  3. القِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الرَّأسْمَالِيَّةُ تَقُولُ بِوُجُوبِ فَصْلِ الدِّينِ عَنِ الحَيَاة.
  4. القِيَادَةُ الفِكْرِيَّةُ الرَّأسْمَالِيَّةُ تُرِيدُ أنْ يَكُونَ سَيْرُ الحَيَاةِ نَفْعِيَّاً بَحْتَاً لا شَأنَ لِلدِّينِ بِهِ، وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِلفِطْرَةِ، وَبَعِيدٌ عَنْهَا. وَلِذَلِكَ كَانَتْ مُناقِضَةً لِفِطْرَةِ الإِنسَانِ.

72

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع