الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح66) للتاريخ ثلاثة مصادر: الكتب, والآثار, والرواية (ج10)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح66) للتاريخ ثلاثة مصادر: الكتب, والآثار, والرواية (ج10)

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالسِّتينَ, وَعُنوَانُهَا: "لِلتَّارِيخِ ثَلاثَةُ مَصَادِرَ: الكُتُبُ, وَالآثَارُ وَالرِّوايَةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: الخَامِسَةِ وَالخَمسِينَ, وَالسَّادِسَةِ وَالخَمسِين مِنْ كِتَابِ "نظَامِ الإِسلامِ" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "ولِلْتَارِيخِ ثَلاثَةُ مَصَادِرَ: أَحَدُهَا الكُتُبُ التَارِيخِيَّةُ، والثاني الآثَارُ، والثالِثُ الرِوَايَةُ. أَمَّا الكُتُبُ فلا يَجُوزُ أَنْ تُتَّخَذَ مَصْدَراً مُطْلَقَاً وذَلِكَ لأَنَّهَا خَضَعَتْ في جَمِيعِ العُصُورِ لِلْظُرُوفِ السِيَاسِيَّةِ، وكَانَتْ تُحْشَى بالكَذِبِ، إِمَّا بِجَانِبِ الَّذِي كُتِبَتْ في أَيَّامِهِ، وإِمَّا ضِدَّ الَّذِينَ كُتِبَتْ عَنْهُمْ في أَيَّامِ غَيْرِهِمْ، وأَقْرَبُ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ تَارِيخُ الأُسْرَةِ العَلَوِيَّةِ في مِصْرَ، فإِنَّهَا قَبْلَ 1952م كَانَتْ لَهَا صُورَةٌ مُشْرِقَةٌ وبَعْدَ 1952م تَغَيَّرَ هَذَا التَارِيخُ إِلى صُورَةٍ قَاتِمَةٍ عَكْسَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. ومِثْلُ ذَلِكَ تَارِيخُ الحَوَادِثِ السِيَاسِيَّةِ في عَصْرِنَا هَذَا، وفيمَا قَبْلَهُ. ولذَلِكَ لا يَجُوزُ أَنْ تُـتَّخَذَ الكُتُبُ التَارِيخيَّةُ مَصْدَرًا لِلتَارِيخِ، حَتَّى ولوْ كَانَتْ مُذَكِّرَاتٍ شَخْصِيَّةً كَتَبَهَا أَصْحَابُهَا.

 

أمَّا مِنْ حَيْثُ الآثَارُ فإِنَّها إِذَا دُرِسَتْ بِنَزَاهَةٍ تُعْطِي حَقِيقَةً تَارِيخيَّةً عَنِ الشَيْءِ، وهَذِهِ وإِنْ كَانَتْ لا تُشَكِّلُ تَسَلْسُلاً تَارِيخيًّا، ولَكِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ بَعْضِ الحَوَادِثِ. ومِنْ تَتَبُّعِ آثَارِ المُسْلِمِينِ في بِلادِهِمْ سَوَاءٌ أَكانَ في بِنَائِهِمْ، أَم أَدَوَاتِهِمْ، أَم أَيِّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ أَثَراً تَارِيخيًّا، يَدُلُّ دَلالَةً قَطْعِيَّةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودَاً في العالمِ الإِسْلامِيِّ كُلِّهِ إِلاَّ الإِسْلامُ، وإِلاَّ نِظَامُ الإِسْلامِ، وإِلاَّ أَحْكَامُ الإِسْلامِ، وكَانَ عَيْشُ المُسْلِمِينِ وحَيَاتُهُمْ وتَصَرُّفَاتُهُمْ كُلُّهَا إِسْلامِيَّةً لَيْسَ غَيْرُ.

 

أمَّا المَصْدَرُ الثالِثُ وهُوَ الرِوَايَةُ فهُوَ مِنَ المَصَادِرِ الصَحِيحَةِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا إِذَا صَحَّتِ الرِوَايَةُ، ويُتَّبَعُ فِيهِ الطَرِيقُ الَّذِي سُلِكَ في رِوَايَةِ الحَدِيثِ. وعَلَى هَذَا الأُسْلُوبِ يُكْتَبُ التَارِيخُ. ولذَلِكَ تَجِدُ المُسْلِمِينَ حِينَ بَدَأُوا يُؤَلِّفُونَ سَارُوا عَلَى طَرِيقَةِ الرِوَايَةِ. ولهذا نَجِدُ كُتُبَ التَارِيخِ القَدِيمَةَ كتَارِيخِ الطَبَرِيِّ، وسِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ، ونَحْوِهِمَا، أُلِّفَتْ عَلَى هَذَا الأُسْلُوبِ. وعَلَى هَذَا فالمُسْلِمُونَ لا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَبْنَاءَهُمْ تَارِيخَهُمْ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي أُلِّفَتْ ومَصَادِرُهَا كُتُبٌ مِثْلُهَا، كَمَا لا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ اسْتِعْرَاضُ تَطْبِيقِ نِظَامِ الإِسْلامِ مِنْ هَذَا التَارِيخِ. ومِنْ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الإِسْلامَ طُبِّقَ وَحْدَهُ عَلَى الأُمَّةِ الإِسْلامِيَّةِ، ولَمْ يُطَبَّقْ غَيْرُهُ في جَمِيعِ العُصُورِ".

 

maram66

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يُوَاصِلُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَعرِضِ بَحثِهِ لِلقِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ إِجَابَتَهُ عَنْ مَسألةٍ فِي غَايَةِ الأهَمِيَّةِ وَهِيَ: هَلْ طَبَّقَ المُسلِمُونَ الإِسلامَ, أمْ أنَّهُمْ كَانُوا يَعتَنِقُونَ عَقِيدَتَهُ وَيُطَبِّقُونَ غَيرَهُ مِنَ الأنظِمَةِ وَالأحكَامِ؟! وَيُمكِنُ إِجْمَالُ الإِجَابَةِ الوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الفَقْرَةِ بِالنُّقَاطِ الآتِيَةِ:

 

لِلْتَارِيخِ ثَلاثَةُ مَصَادِرَ: أَحَدُهَا الكُتُبُ التَارِيخِيَّةُ، والثاني الآثَارُ، والثالِثُ الرِوَايَةُ.

 

أولا: الكتب: لا يَجُوزُ أَنْ تُتَّخَذَ الكُتُبُ مَصْدَرًا مُطْلَقًا حَتَّى ولوْ كَانَتْ مُذَكِّرَاتٍ شَخْصِيَّةً كَتَبَهَا أَصْحَابُهَا وذَلِكَ لِلأسبَابِ الآتِيَةِ:

 

1) لأَنَّهَا خَضَعَتْ في جَمِيعِ العُصُورِ لِلْظُرُوفِ السِيَاسِيَّةِ
2) لأَنَّهَا كَانَتْ تُحْشَى بالكَذِبِ، إِمَّا بِجَانِبِ الَّذِي كُتِبَتْ في أَيَّامِهِ، وإِمَّا ضِدَّ الَّذِينَ كُتِبَتْ عَنْهُمْ في أَيَّامِ غَيْرِهِمْ.
3) أَقْرَبُ دَلِيلٍ عَلَى أنَّ كُتُبَ التَّارِيخِ تُحشَى بِالكَذِبِ تَارِيخُ الأُسْرَةِ العَلَوِيَّةِ في مِصْرَ:


قَبْلَ سَنَةِ 1952م كَانَ لِلأُسرَةِ العَلَوِيَّةِ صُورَةٌ مُشْرِقَةٌ.
بَعْدَ سَنَةِ 1952م تَغَيَّرَ هَذَا التَارِيخُ إِلى صُورَةٍ قَاتِمَةٍ عَكْسَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ.


4) مِثْلُ ذَلِكَ تَارِيخُ الحَوَادِثِ السِيَاسِيَّةِ في عَصْرِنَا هَذَا، وفيمَا قَبْلَهُ. ولذَلِكَ لا يَجُوزُ أَنْ تُتَّخَذَ الكُتُبُ التَارِيخيَّةُ مَصْدَراً لِلتَارِيخِ.


ثانيا: الآثار: إِذَا دُرِسَتِ الآثَارُ بِنَزَاهَةٍ فإِنَّها تُعْطِي حَقِيقَةً تَارِيخيَّةً عَنِ الشَيْءِ:


1. الآثار وإِنْ كَانَتْ لا تُشَكِّلُ تَسَلْسُلاً تَارِيخيًّا، ولَكِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ بَعْضِ الحَوَادِثِ.
2. دلالة الآثار الإسلامية: مِنْ تَتَبُّعِ آثَارِ المُسْلِمِينِ في بِلادِهِمْ سَوَاءٌ أَكانَ في بِنَائِهِمْ، أَم أَدَوَاتِهِمْ، أَم أَيِّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ أَثَراً تَارِيخيَّاً، يَدُلُّ دَلالَةً قَطْعِيَّةً عَلَى مَا يَأتِي:


1) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي العَالَمِ الإِسْلامِيِّ كُلِّهِ إِلاَّ الإِسْلامُ، وإِلاَّ نِظَامُ الإِسْلامِ، وإِلاَّ أَحْكَامُ الإِسْلامِ.
2) أنَّ عَيْشُ المُسْلِمِينِ وحَيَاتُهُمْ وتَصَرُّفَاتُهُمْ كُلُّهَا كَانَتْ إِسْلامِيَّةً لَيْسَ غَيْرُ.


ثالثا: الرواية: التَّارِيخُ مِنَ المَصَادِرِ الصَحِيحَةِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا إِذَا صَحَّتِ الرِوَايَةُ, وَيُتَّبَعُ فِيهِ الطَرِيقُ الَّذِي سُلِكَ في رِوَايَةِ الحَدِيثِ:


1) عَلَى هَذَا الأُسْلُوبِ يُكْتَبُ التَارِيخُ.
2) حِينَ بَدَأ المُسْلِمُونَ يُؤَلِّفُونَ سَارُوا عَلَى طَرِيقَةِ الرِوَايَةِ.
3) كُتُبُ التَارِيخِ القَدِيمَةَ كتَارِيخِ الطَبَرِيِّ، وسِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ، ونَحْوِهِمَا، أُلِّفَتْ عَلَى هَذَا الأُسْلُوبِ.
4) لا يَجُوزُ لِلمُسلِمِينَ أَنْ يُعَلِّمُوا أَبْنَاءَهُمْ تَارِيخَهُمْ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي أُلِّفَتْ ومَصَادِرُهَا كُتُبٌ مِثْلُهَا.
5) لا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ اسْتِعْرَاضُ تَطْبِيقِ المُسلِمِينَ لِنِظَامِ الإِسْلامِ مِنْ هَذَا التَارِيخِ.
6) مِنْ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الإِسْلامَ طُبِّقَ وَحْدَهُ عَلَى الأُمَّةِ الإِسْلامِيَّةِ، ولَمْ يُطَبَّقْ غَيْرُهُ في جَمِيعِ العُصُورِ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالجمعة, 05 آب/أغسطس 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع