- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح91) التَأَسِّي بِأَفْعَالِ الرَسُولِ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الحَادِيَةِ وَالتِّسعِينَ, وَعُنوَانُهَا: "التَّأسِّي بِأفعَالِ الرَّسُولِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الحَادِيَةِ والثَّمَانِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "الأَفْعَالُ الَّتِي صَدَرَتْ عَنِ النَبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلهِ وسَلَّمَ قِسْمَانِ، مِنْهَا ما كَانَ مِنَ الأَفْعَالِ الجِبِلِّيَّةِ، ومِنْهَا ما سِوَى ذَلِكَ: أَمَّا الأَفْعَالُ الجِبِلِّيَّةُ كالقِيَامِ، والقُعُودِ، والأَكْلِ، والشُرْبِ، ونَحْوِهِ، فَلا نِزَاعَ في كَوْنِهَا عَلَى الإِبَاحَةِ بالنِسْبَةِ إِلَيْهِ ولأُمَّتِهِ، ولذَلِكَ لا تَدْخُلُ في المَنْدُوبِ.وأمَّا الأَفْعَالُ الَّتِي لَيْسَتْ جِبِلِّيَّةً فَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّا ثَبَتَ كونُها مِنْ خَواصِّهِ الَّتِي لا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ، أَوْ لا تَكُونَ مِنْ خَوَاصِّهِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا ثَبَتَ كَوْنُهَا مِنْ خَواصِّهِصلى الله عليه وسلم، وذَلِكَ كاخْتِصَاصِهِ بإِباحَةِ الوِصَالِ في الصَوْمِ، أَيْ مُوَاصَلَةِ النَهَارِ باللَيْلِ في الصَوْمِ، وكالزِيَادَةِ في النِكَاحِ عَلَى أَرْبَعِنِسْوَةٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ خَصَائِصِهِ، فَلا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُشَارِكَهُ بِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ خَوَاصِّهِ صلى الله عليه وسلمبالإِجْمَاعِ، ولذَلِكَ لا يَجُوزُ التَأَسِّي بِهِ فِيهَا. وأمَّا مَا عُرِفَ كَوْنُ فِعْلِهِ بَيانًا لَنَا فَهُوَ دَلِيلٌ مِنْغَيْرِ خِلافٍ، وذَلِكَ إِمَّا بِصَرِيحِ مَقَالِهِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ بَيَانٌ لَنَا لِنَتَّبِعَهُ، وإِمَّا بِقَرَائِنِ الأَحْوَالِ، وذَلِكَ كَقَطْعِهِ يَدَ السَارِقِ مِنَ الكُوعِ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالى: (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، وهَذَا البَيَانُ في فِعْلِهِ بالقَوْلِ أَوْ قَرَائِنِ الأَحْوَالِ تَابِعٌ للمُبَيَّنِ في الوُجُوبِ أَوِ النَدْبِ أَوِ الإِبَاحَةِ عَلَى حَسَبِ دِلالَةِ الدَلِيلِ.أمَّا الأَفْعَالُ الَّتِي لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا ما يَدُلُّ عَلَى أَنَّها لِلْبَيَانِ لانَفْيًا ولا إِثْبَاتًا فَهِيَ إِمَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا قَصْدُ القُرْبَةِ وإِمَّا أَنْ لا يَظْهَرَ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا قَصْدُ القُرْبَةِ فَهِيَ تَدْخُلُ في المَنْدُوبِ، يُثَابُ المَرْءُ عَلَى فِعْلِهَا ولا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا، مِثْلِ سُنَّةِ الضُحَى، وإِنْ لَمْ يَظهَرْ فِيهَا قَصْدُ القُرْبَةِ فَهِيَ تَدْخُلُ في المُبَاحِ".
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: بَعدَ أنْ بَيَّنَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ - مَعنَى السُّنَّةِ فِي اللُّغَةِ, وَفِي الشَّرعِ, وَأبطَلَ مَفهُومًا شَاعَ وَذَاعَ بَينَ النَّاسِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَوضُوعِ تَشرِيعِ السُّنةِ وَالفَرضِ, وَهُوَ أنَّ السُّنةَ مِنْ عِندِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, وَالفَرضَ مِنْ عِندِ اللهِ جَلَّ فِي عُلاهُ. بَعدَ ذَلِكَ أخَذَ يُفَصِّلُ الحَدِيثَ عَنْ أنوَاعِ الأفعَالِ الصَّادِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, وَأيِّ هَذِهِ الأفعَالِ يُتَأَسَّى بِهِ فِيهَا, وَأيِّهَا لا يُتَأَسَّى بِهِ فِيهَا, وَيُمكِنُ إِجْمَالُ الأفكَارِ الوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الفَقْرَةِ بِالنُّقَاطِ الآتِيَةِ:
1. الأَفْعَالُ الَّتِي صَدَرَتْ عَنِ النَبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلهِ وسَلَّمَ قِسْمَانِ: مِنْهَا ما كَانَ مِنَ الأَفْعَالِ الجِبِلِّيَّةِ. ومِنْهَا ما سِوَى ذَلِكَ.
2. الأَفْعَالُ الجِبِلِّيَّةُ كالقِيَامِ، والقُعُودِ، والأَكْلِ، والشُرْبِ، ونَحْوِهِ، فَلا نِزَاعَ في كَوْنِهَا عَلَى الإِبَاحَةِ بالنِسْبَةِ إِلَيْهِ ولأُمَّتِهِ، ولذَلِكَ لا تَدْخُلُ في المَنْدُوبِ.
3. الأَفْعَالُ الَّتِي لَيْسَتْ جِبِلِّيَّةً فَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّا ثَبَتَ كونُها مِنْ خَواصِّهِ الَّتِي لا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ، أَوْ لا تَكُونَ مِنْ خَوَاصِّهِ.
4. إِنْ كَانَتِ الأَفْعَالُ مِمَّا ثَبَتَ كَوْنُهَا مِنْ خَواصِّهِ صلى الله عليه وسلم، وذَلِكَ كاخْتِصَاصِهِ بإِباحَةِ الوِصَالِ في الصَوْمِ، أَيْ مُوَاصَلَةِ النَهَارِ باللَيْلِ في الصَوْمِ، وكالزِيَادَةِ في النِكَاحِ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ خَصَائِصِهِ، فَلا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُشَارِكَهُ بِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ خَوَاصِّهِ صلى الله عليه وسلم بالإِجْمَاعِ، ولذَلِكَ لا يَجُوزُ التَأَسِّي بِهِ فِيهَا.
5. مَا عُرِفَ كَوْنُ فِعْلِهِ بَيانًا لَنَا فَهُوَ دَلِيلٌ مِنْغَيْرِ خِلافٍ, وَهَذَا الدَّلِيلُ نَوعَانِ:
1) دَلِيلٌ بِصَرِيحِ مَقَالِهِ صلى الله عليه وسلم كَقَوْلِهِ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي», وَ«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ بَيَانٌ لَنَا لِنَتَّبِعَهُ.
2) دَلِيلٌ بِقَرَائِنِ الأَحْوَالِ، وذَلِكَ كَقَطْعِهِ يَدَ السَارِقِ مِنَ الكُوعِ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالى: (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا). وَالكُوعُ فِي اليَدِ - كَمَا جَاءَ فِي المُعجَمِ الوَسِيطِ, وَكَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الصُّورَةِ المُرفَقَةِ الآتِيَةِ -هُوَ طَرَفُ الزِّندِ الَّذِي يَلِي الإِبهَامَ.
6. هَذَا البَيَانُ في فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم بالقَوْلِ أَوْ قَرَائِنِ الأَحْوَالِ تَابِعٌ للمُبَيَّنِ في الوُجُوبِ أَوِ النَدْبِ أَوِ الإِبَاحَةِ عَلَى حَسَبِ دِلالَةِ الدَلِيلِ.
7. الأَفْعَالُ الَّتِي لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا ما يَدُلُّ عَلَى أَنَّها لِلْبَيَانِ لانَفْيًا ولا إِثْبَاتًا فَهِيَ نَوعَانِ:
1) إِمَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا قَصْدُ القُرْبَةِ: فَهِيَ تَدْخُلُ في المَنْدُوبِ، يُثَابُ المَرْءُ عَلَى فِعْلِهَا ولا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا، مِثْلِ سُنَّةِ الضُحَى.
2) وإِمَّا أَنْ لا يَظْهَرَ فِيهَا قَصْدُ القُرْبَةِ: فَهِيَ تَدْخُلُ في المُبَاحِ.
وَقَبلَ أنْ نُوَدِّعَكُمْ إِخوَانَنَا الكِرَامَ وَأخَوَاتِنَا الكَرِيمَاتِ بَقِيَ أنْ نَقُولَ لَكُمْ: إِنَّ هَذَا هُوَ الجَانِبُ النَّظَرِيُّ فِي مَوضُوعِ التَّأَسِّي بِأفعَالِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم, وَلِلتَّعَرُّفِ إِلَى الجَانِبِ العَمَلِيِّ هَلُمُّوا مَعَنَا إِلَى مَائِدَتِهِ صلى الله عليه وسلم لِنَعرِضَ عَلَى أسمَاعِكُمْ مَوَاقِفَ ثَلاثَةً فَقَط حَتَّى لا نُطِيلَ فِي المَوضُوعِ.
الموقف الأول: مِنَ الرُّخَصِ أثنَاءَ السَّفَرِ أدَاءُ النَّوَافِلِ كَسُنَّةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ اقتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- بِطَرِيقِ مَكَّةَ, فَقَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ثُمَّ لَحِقْتُهُ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟! فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ, قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ».
الموقف الثاني: عَنْ أبِي أُمَامَةَ بْنِسَهْ لِبْنِ حُنَيفٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ مَيمُونَةَ، فَأُتِي بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ أي مَشوِيٍّ، فَأهوَى إِلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ،فَقَالَ بَعضُ النِّسْوَةِ الَّلاتِي فِي بَيتِ مَيمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا يُرِيدُ أنْ يَأكُلَ مِنْهُ، فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ، فَرَفَعََ رُسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ ،قَالَ: فَقُلْتُ: أحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرضِ قَومِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ. فَاجْتَرَرْتُهُ فَأكَلتُهُ وَرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَنظُرُ».
الموقف الثالث: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا, فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ,فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: الْحَمْدُلِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ,وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ,ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ مِثْلَمَا فَعَلْتُ, ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟قَالَ: «إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي, يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُالذُّنُوبَ غَيْرِي».
هَكَذَا كَانَ تَأسِّي وَاقتِدَاءُ الصَحَابَةِ برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, فَإِذَا أرَدْنَا أنْ نَسْعَدَ كَمَا سَعِدُوا, وَيَرضَى اللهُ عَنَّا كَمَا رَضِيَ عَنهُمْ فَلنتَأَسَّ كَمَا تَأسَّوا بِهِ. قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا). (الأحزاب 21) صدق الله العظيم.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.