الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح168) الإشراف على الأمن الداخلي, والتعامل مع أهل الريب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح168)  الإشراف على الأمن الداخلي, والتعامل مع أهل الريب

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"الإِشْرَافُ عَلَى الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ وَالتَّعَامُلِ مَعَ أَهْلِ الرِّيَبِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 72: أَبْرَزُ مَا يُهَدِّدُ الأَمْنَ الدَّاخِلِيَّ الَّذِي تَتَوَلَّى دَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ مُعَالَجَتَهُ هُوَ: الرِّدَّةُ، البَغْيُ وَالحِرَابَةُ، الاعتِدَاءُ عَلَى أَمْوالِ النَّاسِ، التَّعَدِّي عَلَى أَنْفُسِ النَّاسِ وَأَعرَاضِهِمْ، التَّعَامُلُ مَعَ أَهْلِ الرِّيَبِ الَّذِينَ يَتَجَسَّسُونَ لِلكُفَّارِ الـمُحَارِبِينَ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَذِهِ هِيَ التَتِمَّةُ الأُولَى للـمَادَّةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبعِينَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

وَيُعْهَدُ إِلَى الشُّرطَةِ بِحِفْظِ النِّظَامِ، وَالإِشرَافِ عَلَى الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ، وَالقِيَامِ بِجَمِيعِ النَّوَاحِي التَّنفِيذِيَّةِ؛ لِـحَدِيثِ أَنَسٍ فِي جَعْلِ النَّبِيِّ e قَيسَ بْنَ سَعْدٍ بَينَ يَدَيهِ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُرطَةِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّرْطَةَ يَكُونُونَ بَينَ يَدَيِ الحُكَّامِ، وَمَعْنَى كَونِهِمْ بَينَ يَدَيهِمْ, هُوَ قِيَامُهُمْ بِمَا يَحتَاجُهُ الحُكَّامُ مِنْ قُوَّةِ التَّنفِيذِ، لِتَنفِيذِ الشَّرْعِ، وَحِفْظِ النِّظَامِ، وَصِيَانَةِ الأَمْنِ، وَتَقُومُ كَذَلِكَ بِالعَسَسِ، وَهُوَ الطَّوَافُ بِاللَّيلِ، لِتَتَبُّعِ اللُّصُوصِ، وَطَلَبِ أَهْلِ الفَسَادِ، وَمَنْ يُخْشَى شَرُّهُمْ. وَقَدَ كَانَ عَبدُ اللهِ بْنُ مَسعُودٍ أَمِيرًا عَلَى العَسَسِ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ العَسَسَ، وَكَانَ يَصْطَحِبُ مَعَهُ مَولَاهُ، وَرُبَّمَا اسْتَصْحَبَ عَبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوفٍ. وَلِذَلِكَ كَانَ مِنَ الخَطَأِ مَا يُفعَلُ فِي بَعْضِ البُلدَانِ الإِسلَامِيَّةِ مِنْ إِقَامَةِ أَصْحَابِ الحَوَانِيتِ حُرَّاسًا فِي اللَّيلِ يَحرُسُونَ بُيَوتَهُمْ، أَوْ إِقَامَةِ الدَّولَةِ حُرَّاسًا عَلَى نَفَقَةِ أَصْحَابِ الحَوَانِيتِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنَ العَسَسِ، وَهُوَ عَلَى الدَّولَةِ، وَهُوَ مِنْ وَظَائِفِ الشُّرْطَةِ، فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ النَّاسُ، وَلَا يُكلَّفُونَ بِنَفَقَاتِهِ.

 

maram168

 

أَمَّا التَّعَامِلُ مَعَ أَهْلِ الرِّيَبِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُخْشَى مِنهُمْ ضَرَرٌ وَخَطَرٌ عَلَى كَيَانِ الدَّولَةِ أَوِ الجَمَاعَةِ أَو حَتَّى الأَفرَادِ، هَذَا النَّوعُ مِنَ الرِّيَبِ يَجِبُ تَتَبُّعُهُ مِنْ قِبَلِ الدَّولَةِ، وَمَنِ اطَّلَعَ عَلَى شَيءٍ مِنهُ وَجَبَ عَلَيهِ التَّبلِيغُ عَنهُ. وَالأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمُ عَنْ زَيدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «كُنْتُ فِي غَزَاةٍ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ يَقُولُ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَلَئِنْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَـيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي أَوْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ r ، فَدَعَانِي، فَحَدَّثْـتُهُ ...» الحَدِيثُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمِ «فأتيتُ النبيَّ r فأخبرتُه بذلك». وَابْنُ أُبَيٍّ كَانَ مَعرُوفًا تَردُّدُهُ عَلَى الكُفَّارِ الـمُحَارِبِينَ، وَكَذَلِكَ مَعرُوفَةٌ عَلَاقَاتُهُ مَعَهُمْ, مِثْلُ مَا كَانَ مَعَ اليَهُودِ حَولَ الـمَدِينَةِ، وَأَعْدَاءِ الإِسلَامِ. وَهُنَا يَجِبُ التَّعَامُلُ بِكُلِّ دِقَّةٍ مَعَ هَذَا الـمَوضُوعِ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطَ بِالتَّجَسُّسِ عَلَى الرَّعِيَّةِ الذَّيِ هُو مُحَرَّمٌ؛ لِقَولِهِ تَعَالَى: (وَلَا تَجَسَّسُوا). (الحجرات 12) وَلِذَلِكَ يُقتَصَرُ هُنَا فَقَطْ عَلَى أَهْلِ الرِّيَبِ. وَأَهْلُ الرِّيَبِ هُمُ الَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ عَلَى الكُفَّارِ الـمُحَارِبينَ فِعْلًا أَو حُكمًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّجَـسُّـسَ جَـائِـزٌ عَلَى الكُفَّارِ الـمُحَارِبينَ مِنْ بَابِ السِّيَاسَةِ الحَربِيَّةِ، وَمَنْعِ الضَّرَرِ عَلَى الـمُسلِمِينَ، وَلِلأَدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَهِيَ تَشْمَلُ كُلَّ أَهْلِ الحَرْبِ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا حَربِيِّينَ فِعْلًا فَوَاضِحٌ وُجُوبُهُ عَلَى الدَّولَةِ، وَإِنْ كَانُوا حَربِيِّينَ حُكْمًا فَكَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الحَرْبَ مُتَوَقَّعَةٌ مَعَهُمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ.وَيَكُونُ بِذَلِكَ كُلُّ فَردٍ مِنْ أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ يَتَرَدَّدُ عَلَى الكُفَّارِ الـمُحَارِبينَ، وَاقِعًا تَحْتَ الرِّيبَةِ لِاتِّصَالِهِ بِالَّذِينَ يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيهِمْ، أَيِ الكُفَّارِ الـمُحَارِبِينَ.وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:

 

1- التَّجَسُّسُ عَلَى الكُفَّارِ الـمُحَارِبِينَ فِعْلًا وَاجِبٌ عَلَى الدَّولَةِ، وَتُؤكِّدُهُ بِالإِضَافَةِ إِلَى مَا سَبَقَ قَاعِدَةُ: (مَا لَا يَتِمُّ الوَاجبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجبٌ) حَيثُ إِنَّ مَعْرِفَةَ قُوَّةِ العَدُوِّ وَخُطَطِهِ وَأَهْدَافِهِ وَمَوَاقِعِهِ الاستِرَاتِيجيَّةِ, وَنَحْوِ ذَلِكَ، أُمُورٌ لَازِمَةٌ لِهَزِيـمَةِ العَدُوِّ، وَتَتَوَلَّاهُ دَائِرَةُ الحَربِيَّةِ، وَيَشْمَلُ كَذَلِكَ الرَّعَايَا الَّذِينَ يَتَّصِلُونَ بِالكُفَّارِ الـمُحَارِبِينَ فِعْلًا؛ لِأَنَّ الأَصْلَ أَنْ لَا يَكُونَ اتِّصَالٌ مُعتَادٌ مِنَ الرَّعَايَا مَعَ الـمُحَارِبينَ فِعْلًا، حَيثُ العَلَاقَةُ مَعَهُمْ عَلَاقَةُ حَرْبٍ.

 

2- التَّجَسُّسُ عَلَى الـمُحَارِبِينَ حُكْمًا جَائِزٌ, وَيَكُونُ وَاجبًا عَلَى الدَّوْلَةِ فِي حَالَةِ الضَّرَرِ, كَأَنْ يُخْشَى مُسَاعَدَتُـهُمْ لِلمُحَارِبِينَ فِعْلًا، أَوِ الانضِمَامُ لَـهُمْ. وَالكُفَّارُ الـمُحَارِبُونَ حُكْمًا نًوعًانِ:الأَوَّلُ: الكُفَّارُ الـمُحَارِبُونَ حُكْمًا الَّذِينَ فِي بِلَادِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ تَتَوَلَّى التَّجَسُّسَ عَلَيهِمْ دَائِرَةُ الحَربِيَّةِ.الثَّانِي: الكُفَّارُ الـمُحَارِبُونَ حُكْمًا الَّذِينَ يَدخُلُونَ بِلَادَنَا، كَالسُّفَرَاءِ وَالـمُعَاهِدِينَ وَنَحْوِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ تَتَوَلَّى مُرَاقَبَتَهُمْ, وَالتَّجَسُّـس عَلَيهِمْ دَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالثلاثاء, 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع