السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح185) الجهاز الإداري: خازن بيت المال, وصاحب بيت المال

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح185) الجهاز الإداري: خازن بيت المال, وصاحب بيت المال

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"الجِهَازُ الإِدَارِي: خَازِنُ بَيتِ الـمَالِ, وَصَاحِبُ بَيتِ الـمَالِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 102:بَيْتُ الـمَالِ دَائِرَةٌ تَتَوَلَّى الوَارِدَاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَفْقَ الأَحْكَامِ الشَّـرعِيَّةِ مِنْ حَيثُ جَمْعُهَا وَحِفْظُهَا وَإِنفَاقُهَا. وَيُسَمَّى رَئِيسُ دَائِرَةِ بَيْتِ الـمَالِ (خَازِنُ بَيْتِ الـمَالِ)، وَيَتْبَعُ هَذِهِ الدَّائِرَةَ إِدَارَاتٌ فِي الوِلَايَاتِ, وَيُسَمَّى رَئِيسُ كُلِّ إِدَارَةٍ (صَاحِبُ بَيْتِ الـمَالِ).

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ: (بَيْتُ الـمَالِ) عَلَمٌ مُركَّبٌ تَركِيبًا إِضَافِيًا, أَيْ أَنَّهُ تركِيبٌ مُركَّبٌ مِنْ كَلِمَتَينِ: الأُولَى (بَيْتُ) وَهِيَ الـمُضَافُ, وَالثَّانِيَةُ (الـمَالِ) وَهِيَ الـمُضَافُ إِلَيهِ. يُطْلَقُ, وَيُرَادُ بِهِ الـمَكَانُ الَّذِي تُحفَظُ فِيهِ وَارِدَاتُ الدَّولَةِ رَيثَمَا يَتِمُّ إِنفَاقُهَا. وَيُطْلَقُ, وَيُرَادُ بِهِ الجِهَةُ الَّتِي تَخْتَصُّ بِقَبْضِ وَإِنفَاقِ مَا يَستَحِقُهُ الـمُسلِمُونَ مِنْ مَالٍ. وَحَيْثُ إِنَّنَا نَتَبَنَّى - كَمَا بَيَّنَّا سَابِقًا - أَنْ يُوَلَّى الوَالِي وِلَايَةً خَاصَّةً دُونَ الجَـيشِ وَالقَـضَـاءِ وَالـمَالِ؛ فَعَلَيهِ كَانَ لِلجَـْيـشِ كُلِّهِ دَائِـَرةٌ مَركَـزِيَّةٌ (أَمِيرُ الجِهَادِ)، وَلِلقَضَاءِ كُلِّهِ دَائِرَةٌ مَركَزِيَّةٌ (القَضَاءُ)، وَيَكُونُ كَذَلِكَ لِلمَالِ كُلِّهِ دَائِرَةٌ مَركَزِيَّةٌ (بَيتُ الـمَالِ)؛ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ (بَيتَ الـمَالِ) جِهَازٌ مُسْـتَـقِـلٌّ عَنْ أَيِّ جِهَازٍ آخَرَ مِنْ أَجْهِزَةِ الدَّولَةِ، يَتْبَعُالخَلِيفَةَ كَمَا يَتْبَعُهُ أَيُّ جِهَازٍ آخَرَ مِنْ أَجْهِزَةِ الدَّولَةِ.هَذَا بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ الأَدِلَّةَ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّ بَيتَ الـمَالِ كَانَ تَابِعًا لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُبَاشَرَةً، أَوِ الخَلِيفَةِ، أَوْ مَنْ يَوَلَّى عَلَيهِ بِإِذْنِهِ، فَقْدَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ أَحْيَانًا خَزْنَ الـمَالِ، وَكَانَتْ لَهُ خِزَانَةٌ. وَكَانَ يُبَاشِرُ قَبْضَ الـمَالِ، وَتَوزِيعَهُ، وَوَضْعَهُ مَوَاضِعَهُ. وَأَحْيَانًا كَانَ يُوَلِّي غَيرَهُ هَذِهِ الأُمُورَ. وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، حَيثُ كَانُوا يَتَوَلَّونَ بِأَنْفُسِهِمْ أُمُورَ بَيتِ الـمَالِ أَوْ يُنِيبُونَ عَنْهُمْ غَيرَهُمْ.فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ الـمَالَ إِمَّا فِي الـمَسْجِدِ، كَمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ». وَإِمَّا فِي حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِ زَوجَاتِهِ، كَمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَـيْئًا مِنْ تِـبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». وَإِمَّا فِي خِزَانَتِهِ كَمَا رَوَى مُسْلِمُ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ: «... فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ ... فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ. قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْـنَايَ قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَمَا لِي لاَ أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلاَّ مَا أَرَى؟...». والقَرَظُكَمَا فِي القَامُوسِ الـمُحِيطِ: وَرَقُ شَجَرِ السَّلَمِ أَوْ ثَمَرُ شَجَرِ السَّنْطِ يُعتَصَرُ مِنهُ. وَالأَفِيقُ: الجِلْدُ لَمْ يَتِمَّ دِبَاغُهُ. وَفِي عَهْدِ الرَّاشِدِينَ صَارَ الـمَكَانُ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ الـمَالُ يُسَمَّى بَيتَ الـمَالِ، ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَغَيرِهِ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسَّنْحِ لَيسَ يَحرُسُهُ أَحَدٌ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَجْعَلْ عَلَيهِ مَنْ يَحْرُسُهُ؟ قَالَ: عَلَيهِ قُفْلٌ. فَكَانَ يُعْطِي مَا فِيهِ حَتَّى يَفْرُغَ. فَلَمَّا انتَقَلَ إِلَى الـمَدِينَةِ، حَوَّلَهُ فَجَعَلَهُ فِي دَارِهِ». وَرَوَى هَنَادُ فِي الزُّهْدِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَن أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الـمُؤْمِنِينَ، احْمِلْنِي فَإِنِّي أُرِيدُ الجِهَادَ، فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ: خُذْ بِيَدِهِ فَأَدْخِلْهُ بَيْتَ الـمَالِ يَأْخُذُ مَا يَشَاءُ ...». وَفِي السُّنَنِ الكُبْرَى لِلبَيهَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَجَرْ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ وَدِيعَةَ قَالَ: «كَانَ سَالِـمُ مَولَى أَبِي حُذَيفَةَ مَولَىً لِامرَأَةٍ مِنَّا يُقَالُ لَهَا سَلْمَى بِنْتُ يَعَار، أَعْتَقَتْهُ سَائِبَةُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا أُصِيبَ بِاليَمَامَةِ، أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِمِيرَاثِهِ، فَدَعَا وَدِيعَةَ بْنَ خُذَامٍ فَقَالَ: هَذَا مِيرَاثُ مَولَاكُمْ, وَأَنتُمْ أَحَقُّ بِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الـمُؤْمِنِينَ قَدْ أَغْنَانَا اللهُ عَنهُ، قَدْ أَعْتَقَتْهُ صَاحِبَتُنَا سَائِبَةُ، فَلَا نُرِيدُ أَنْ نَنْدَى مِنْ أَمْرِهِ شَيئًا، أَوْ قَالَ نَرْزَأُ، فَجَعَلَهُ عُمَرُ فِي بَيتِ الـمَالِ».

 

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ «أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ الثَّقَفِيِّ وَجَدَ عَيبَةً،والعَيْبَةُ -كَمَا فِي مُعْجَمِ الـمَعَانِي الجَامِعِ- وِعَاءٌ مِنْ خُوصٍ وَنَحوِهِ يُنْقَلُ فِيهِ الزَّرعُ الـمَحْصُودُ إِلَى الجَرِينِ. فَأَتَى بِهَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ عُرِفَتْ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ، فَلَمْ تُعْرَفْ. فَلَقِيَهُ بِهَا القَابِلَ فِي الـمَوسِمِ فَذَكَرَهَا لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هِيَ لَكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِذَلِكَ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، فَقَبَضَهَا عُمَرُ فَجَعَلَهَا فِي بَيتِ الـمَالِ». وَرَوَى الدَّارِمِيُّ وَابنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «مَاتَ مَولَى عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ لَيسَ لَهُ وَالٍ، فَأَمَرَ بِمَالِهِ فَأُدْخِلَ بَيتَ الـمَالِ». وَرَوَى ابْنُ عَبدِ البَرِّ فِي الاستِذْكَارِ عَنْ أَنَسٍ بنِ سِيرِينَ «أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُقَسِّمُ الأَمْوَالَ حَتَّى يَفْرُغَ بَيتُ الـمَالِ، فَيُرَشُّ لَهُ، فَيَجْلِسُ فِيهِ».

 

815

 

هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلإِطْلَاقِ الأَوَّلِ أَيِ الـمَكَانِ. أَمَّا الإِطلَاقُ الثَّانِي أَيِ الجِهَةُ، فَالَّذِي يَدعُو إِلَيهِ هُوَ أَنَّ الـمَالَ أَحْيَانًا لَا يُؤْوَى فِي بَيتٍ، كَالأَرَاضِي، وَآبَارِ النِّفْطِ، وَالغَازِ، وَجِبَالِ الـمَعَادِنِ، وَأَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الأَغْنِيَاءِ فَتُصْرَفُ لِلمُستَحِقِّينَ دُونَ أَنْ تُؤْوَى بَيتًا. وَقَدْ كَانُوا يَستَعْمِلُونَ «بَيْتَ الـمَالِ» بِمَعْنَى (الجِهَةِ) أَحْيَانًا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الـمَكَانُ، وَذَلِكَ كَمَا رَوَى البَيهَقِيُّ فِي السُّنَنِ، وَأَحْمَدُ فِي الـمُسْنَدِ، وَعَبدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حَمِيدٍ «وَبَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى القَضَاءِ وَعَلَى بَيتِ الـمَالِ». وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بَعَثَهُ بَوَّابًا عَلَى بَيتِ الـمَالِ، وَإِنَّمَا عَلَى (الجِهَةِ) بِحَيثُ يَقْبِضُ وَيُنفِقُ. وَبِهَذَا الـمَعْنَى مَا رَوَاهُ ابْنُ الـمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنِ الحَسَنِ، عِندَمَا جَاءَ أُمَرَاءُ البَصْرَةِ مَعَ أَبِي مُـوسَـى الأَشْـعَـرِيِّ، وَطَلَبُوا مِنْ عُمَرَ أَنْ يَفْرِضَ لَهُمْ طَعَامًا، فَقَالَ لَـهُمْ فِي خِتَامِ كَلَامِهِ: «يَا مَعْشَرَ الأُمَرَاءِ قَدْ فَرَضْتُ لَكُمْ مِنْ بَيتِ الـمَالِ شَاتَينِ وَجَرِيبَينِ». وَالـمَقْصُودُ(الجِهِةُ).

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع