الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح198)تعطى المرأة ما يعطى الرجل من الحقوق, ويفرض عليها ما يفرض عليه من الواجبات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 

(ح198)تعطى المرأة ما يعطى الرجل من الحقوق, ويفرض عليها ما يفرض عليه من الواجبات

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسْعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ العِشْرِينِ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 114:تُعْطَى الـمَرأَةُ مَا يُعْطَى الرَّجُلُ مِنَ الحـُقُوقِ، ويُفْرَضُ عَلَيهَا مَا يُفْرَضُ عَلَيهِ مِنَ الوَاجِبَاتِ إِلَّا مَا خَصَّهَا الإِسْلَامُ بِهِ، أَوْ خَصَّ الرَّجُلَ بِهِ بِالأَدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ، فَلَهَا الحَقُّ فِي أَنْ تُزَاوِلَ التِّجَارَةَ وَالزِّرَاعَةَ وَالصِّنَاعَةَ, وَأَنْ تَتَوَلَّى العُقُودَ وَالـمُعَامَلَاتِ. وَأَنْ تُـمَلَّكَ كُلَّ أَنْوَاعِ الـمِلْكِ. وَأَنْ تُنَمِّيَ أَمْوَالَـهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيرِهَا، وَأَنْ تُبَاشِرَ جَمِيعَ شُؤُونِ الحَيَاةِ بِنَفْسِهَا.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الـمِائَةِ.وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

دَلِيلُ هَذِهِ الـمَادَّةِ هُوَ أَنَّ الشَّارِعَ حِينَ خَاطَبَ العِبَادَ خَاطَبَهُمْ بِوَصْفِ وَاحِدِهِمْ إِنْسَانًا، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ كَونِ الـمُخَاطَبِ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً، فَقَالَ تَعَالَى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا).(الأَعْرَافُ 158)، وَقَالَ:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ). (الحج1)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ). (الأنفَالُ 24), وقال: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ). (البَقَرَة 183)، وَقَالَ:   (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).(البَقَرَة 185)، وَقَالَ: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ).(البَقَرَة 43)، وَقَالَ: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ). (التوبة 103)، وَقَالَ: (إِنَّـمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالـمَسَاكِينِ).(التوبة 60)، وَقَالَ: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ). (التوبة 34)، وَقَالَ: (وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).(البَقَرَة 275) إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنَ النَّصُوصِ. وَكُلُّهَا خَاطَبَ بِهَا الشَّارِعُ النَّاسَ خِطَابًا عَامًّا مِنْ غَيرِ نَظَرٍ إِلَى كَونِ الـمُخَاطَبِ رَجُلًا أَوِ امرَأَةً. وَهَذَا العُمُومُ فِي خِطَابِ الشَّارِعِ يَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ. وَمِنْ هُنَا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ آتِيَةً لِلإِنْسَانِ, وَلَيسَ لِلرَّجُلِ بِوَصْفِهِ رَجُلًا, وَلَا لِلْمَرأَةِ بِوَصْفِهَا امْرَأَةً, بَلْ لِلإِنسَانِ مِنْ حَيثُ هُوَ إِنْسَانٌ. فَمَا فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ تَكَالِيفَ شَرعِيَّةٍ إِنَّـمَا جَاءَتْ لِلإِنْسَانِ، وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ حُقُوقٍ وَوَاجِبَاتٍ إِنَّـمَا هِيَ لِلإِنسَانِ وَعَلَى الإِنْسَانِ. وَهَذَا دَلِيلُ مَا جَاءَ فِي الـمَادَّةِ مِنْ أَنَّ الـمَرْأَةَ تُعْطَى مَا يُعْطَى الرَّجُلُ مِنَ الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَاءَ لِلإِنسَانِ، وَكُلٌّ مِنهُمَا إِنْسَانٌ، وَلَـمْ يَأْتِ لِلمَرْأَةِ وَلَا لِلرَّجُلِ فَكَانَا سَوَاءً فِي خِطَابِ الشَّارِعِ لِلإِنسَانِ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ.

 

وَهَذَا العُمُومُ فِي خِطَابِ الشَّارعِ يَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ فِي الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا، وَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ حُكْمٍ مِنْهَا مَا لَـمْ يَرِدْ فِي الشَّرعِ حُكْمٌ خَاصٌّ بِالـمَرْأَةِ بِنَصٍّ شَرْعِيٍّ، أَوْ يَرِدُ حُكْمٌ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ بِنَصٍّ شَرْعِيٍّ، وَحِينَئِذٍ تُخَصَصُّ الـمَرْأَةُ بِذَلِكَ الحُكْمِ فَقَطْ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّصُّ، وَيُخَصَّصُ الرَّجُلُ بِذَلِكَ الحُكْمِ فَقَطْ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّصُّ. وَتَبْقَى الشَّرِيعَةُ عَلَى عُمُومِهَا لِلإِنسَانِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ كَونِهِ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً: قَالَ تَعَالَى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا). (الأعراف 158)، وَتَبْقَى سَائِرُ الأَحْكَامِ عَلَى عُمُومِهَا لِلإِنسَانِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الـمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ: قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ).(الأنفال 24)، وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). (آل عمران 132)، وَقَالَ: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). (البقرة 185)، وَقَالَ: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ).(الطلاق 2) إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحْكَامِ. فَإِنَّهَا كُلَّهَا تَبْقَى عَلَى عُمُومِهَا لِلإِنسَانِ مِنْ غَيرِ نَظَرٍ إِلَى كَونِهِ امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا.فَالأَصْلُ هُوَ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الشَّرِيعَةَ لِلإِنسَانِ، لَا لِلرَّجُلِ وَلَا لِلمَرْأَةِ، بَلْ لَـهُمَا بِوَصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا إِنسَانًا.

 

ثُمَّ جَاءَتْ مِنَ الشَّارِعِ أَحْكَامٌ مُعَيَّنَةٌ خَاصَّةٌ بِالـمَرْأَةِ وَأَحْكَامٌ مُعَيَّنَةٌ مِنَ الشَّرْعِ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ. فَيُوقَفُ تَخْصِيصُ الـمَرْأَةِ بِالأَحْكَامِ الخَاصَّةِ بِهَا، وَتَخْصِيصُ الرَّجُلِ بِالأَحْكَامِ الخَاصَّةِ بِهِ عِندَ حَدِّ هَذِهِ الأَحْكَامِ لَا يَتَعَدَّاهَا، وَعِندَ حَدِّ النُّصُوصِ الَّتِي جَاءَتْ بِـهَا. وَلَا يُخَصَّصُ أَيٌّ مِنْهُمَا بِحُكْمٍ إِلَّا إِذَا وَرَدَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي تَخْصِيصِ أَيٍّ مِنْهُمَا. فَالتَّخْصِيصُ لِلْمَرأَةِ أَوْ الرَّجُلِ بِأَحْكَامٍ مُعَيَّنَةٍ جَاءَ مُسْتَثْنىً مِنَ العُمُومِ, فَتَبْقَى الشَّرِيعَةُ عَلَى عُمُومِهَا, وَيَبْقَى كُلُّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ عَلَى عُمُومِهِ, وَيُوقَفُ فِي الاسْتِثْنَاءِ مِنْ هَذَا العُمُومِ عِندَ حَدِّ النَّصِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ لَا يَتَعَدَّاهُ. فَمَثَلًا هُنَاكَ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِالنِّسَاءِدُونَ الرِّجَالِ مِثْلُ تَرْكِ الصَّلَاةِ, وَالإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ فِي أَيَّامِ الحَيْضِ، وَمِثْلُ جَعْلِ شَهَادَةِ الـمَرْأَةِ الوَاحِدَةِ كَافِيَةً فِي القَضَايَا الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيهَا إِلَّا النِّسَاءُ كَالبَكَارَةِ دُونَ اشتِرَاطِ النِّصَابِ العَامِّ لِلشَّهَادَةِ.

 

فَهَذِهِ خَاصَّةٌ بِالنِّسَاءِ وَرَدَتْ فِيهَا نُصُوصٌ. فَتْخَتَصُّ الـمَرأَةُ بِـَها دُونَ الرَّجُلِ, وَيُحْصَرُ اختِصَاصُهَا بِـهَا، وَبِـمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ فَقَطْ مِنْهَا، وَلَا تُخَصَّصُ فِي غَيرِهَا مُطْلَقًا, بَلْ تَبْقَى مُخَاطَبَةً بِخِطَابِ الشَّارِعِ كَمُخَاطَبَةِ الرَّجُلِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ لِأَنَّ الخِطَابَ لِلإِنسَانِ, وَلَيسَ لِلرَّجُلِ وَلَا لِلْمَرأَةِ. وَمَثَلًا هُنَاكَ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِالرِّجَالِ مِثْلُ الحُكْمِ أَيِ السُّلْطَانِ, فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّاهُ إِلَّا الرِّجَالُ.

 

فَهَذَا خَاصٌّ بِالرِّجَالِ وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ، فَيَخْتَصَّ بِالرَّجُلِ دُونَ الـمَرْأَةِ، وَلَكِنْ يُحْصَرُ اخْتِصَاصُهُ بِالـحُكْمِ فَقَطْ, وَلَا يـَخْتَصَّ بِالقَضَاءِ أَوْ رِئَاسَةِ دَوَائِرِ الدَّولَةِ, لِأَنَّ النَّصَّ جَاءَ بِالـحُكْمِ أَو بِأُولِي الأَمْرِ لَا بِغَيرِهِ، وَيُحْصَرُ بِمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ فَقَطْ مِنهُ، وَلَا يُخَصَّصُ فِيمَا لَـمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ مُطْلَقًا، بَلْ يَبقَى الرَّجُلُ مُخَاطَبًا بِخِطَابِ الشَّارِعِ كَمُخَاطَبَةِ الـمَرْأَةِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ؛ لِأَنَّ الخِطَابَ لِلإِنسَانِ, وَلَيسَ لِلْمَرأَةِ وَلَا لِلرَّجُلِ.

 

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا لَا يُوجَدُ فِي الإِسلَامِ حُقُوقٌ لِلْمَرأَةِ وَحُقُوقٌ لِلرَّجُلِ, أَوْ وَاجِبَاتٌ لِلْمَرأَةِ, وَوَاجِبَاتٌ لِلرَّجُلِ، بَلِ الَّذِي فِي الإِسْلَامِ هُوَ حُقُوقٌ وَوَاجِبَاتٌ لِلإِنْسَانِ بِوَصْفِهِ إِنْسَانًا مِنْ غَيرِ مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ, بَلْ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ كَونِهِ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً. فَالشَّرِيعَةُ جَاءَتْ عَامَّةً لِلإِنسَانِ فِي كُلِّ أَحْكَامِهَا، وَاسْتُثْنِيَتْ (خُصِّصَتْ) مِنهَا بَعْضُ الأَحْكَامِ, فَخُوطِبَتْ بِهَا الـمَرْأَةُ بِوَصْفِهَا امْرَأَةً بِالنَّصِّ الخَاصِّ, وَاسْتُثْنِيَتْ مِنهَا بَعْضُ الأَحْكَامِ, فَخُوطِبَ بِهَا الرَّجُلُ بِوَصْفِهِ رَجُلًا بِالنَّصِّ الخَاصِّ.

 

وَبِنَاءً عَلَى عُمُومِ الشَّرِيعَةِ، وَعُمُومِ كُلِّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهَا فَإِنَّ الـمَرْأَةَ تَشْتَغِلُ فِي التِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ كَمَا يَشْتَغِلُ الرَّجُلَ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ فِيهَا جَاءَ لِلإِنْسَانِ، وَتَقُومَ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ القَوْلِيَّةِ مِنْ عُقُودٍ وَمُعَامَلَاتٍ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ جَاءَ لِلإِنسَانِ، وَتُـمَلَّكُ بِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الـمِلْكِيَّةِ, وَتُنَمِّي أَمْوَالَـهَا بِأَيِّ وَجْهٍ تَرَاهُ بِنَفْسِهَا وَبِغَيرِهَا؛ لِأَنَّ خِطَابَ الشَّارِع ِجَاءَ لِلإِنسَانِ، وَتَتَوَلَّى التَّعْلِيمَ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ جَاءَ لِلإِنسَانِ، وَتَشْتَغِلُ بِالسِّيَاسَةِ, وَتَنْخَرِطُ فِي الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ, وَتُحَاسِبُ الحُكَّامَ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ جَاءَ لِلإِنْسَانِ، وَتُبَاشِرُ جَمِيعَ شُؤُونِ الحَيَاةِ العَامَّةِ كَمَا يُبُاشِرُهَا الرَّجُلُ سَوَاءً بِسَوَاءٍ مِنْ جَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ تَبِعَاتٍ, وَمَا تَحْتَاجُهُ مِنْ خَوضِ مَعَارِكِ الحَيَاةِ وَفْقَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ جَاءَ لِلإِنسَانِ.

 

 

maram198

 

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالخميس, 15 كانون الأول/ديسمبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع