الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح221) كل من ملك أرضًا يجبر على استغلالها، وكل من أهملها ثلاث سنين تؤخذ منه وتعطى لغيره

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح221) كل من ملك أرضًا يجبر على استغلالها،

وكل من أهملها ثلاث سنين تؤخذ منه وتعطى لغيره

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الوَاحِدَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا:" كُلُّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا يـُجْبَرُ عَلَى استِغْلَالِـهَا، وَكُلَّ مَنْ أَهْمَلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ تُؤْخَذُ مِنهُ وَتُعْطَى لِغَيرِهِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الرَّابِعَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 136: يـُجْبَرُ كُلُّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا عَلَى استِغْلَالِـهَا، وَيُعْطَى الـمُحْتَاجُ مِنْ بَيتِ الـمَالِ مَا يـُمَكِّنُهُ مِنْ هَذَا الاستِغْلَالِ. وَكُلُّ مَنْ يُهْمِلِ الأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ مِنْ غَيرِ استِغْلَالٍ تُؤْخَذُ مِنهُ وَتُعْطَى لِغَيرِهِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلاثُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ: دَلِيلُهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي الخَراجِ عَنْ سَالِـمِ بْنِ عَبدِ اللهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه  قَالَ عَلَى الـمِنْبَرِ "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ. وَلَيسَ لِـمُحْتَجرٍ حَقٌّ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِينَ"، وَقَدْ قَالَهُ عُمَرُ وَعَمِلَ بِهِ عَلَى مَرْأَىً وَمَسْمَعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَـمْ يُنْكِرُوا عَلَيهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الأَرْضَ الـمَيتَةَ إِذَا أَحْيَاهَا الشَّخْصُ، أَوْ وَضَعَ عَلَيهَا حِجَارَةً، أَيْ وَضَعَ عَلَيهَا يَدَهُ، فَإِنَّهُ يَملِكُهَا.

 

وَلَكِنْ إِذَا لَـمْ يَسْتَغِلَّهَا مُدَّةَ ثَلاثِ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً، فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنهُ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الإِحْيَاءِ وَالتَّحْجيرِ مِنْ حَيثُ الـمِلْكِيَّةُ، وَمِنْ حَيثُ الأَخْذُ مِنهُ إِذَا أَهْمَلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، وَلَا يُقَالُ: "إِنَّ النَّصَّ قَدِ اقتَصَرَ فِي الـمِلْكِيَّةِ عَلَى الـمُحْيِي «فَمَنَ أَحْيَا» وَاقتَصَرَ فِي أَخْذِ الأَرْضِ عَلَى الـمُحْتَجرِ «وليس لمحتجر» بِمَعْنَى أَنَّ الـمِلْكِيَّةَ لِلمُحْيِي، وَأَنَّ أَخْذَ الأَرْضِ إِذَا أُهْمِلَتْ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلمُحْتَجرِ دُونَ الـمُحْيِي، لَا يُقَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الإِيـجَازِ بِالحَذْفِ، فَيَدْخُلُ الـمُحْتَجِرُ بِالـمِلْكِيَّةِ، وَيَدْخُلُ الـمُحْيِي بِالأَخْذِ، فَكَأَنَّ عُمَرَرضي الله عنه  قَالَ: (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيسَ لَهُ حَقٌّ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَمَنِ احتَجَرَ أَرْضًا مَيتَةً، فَهِيَ لَهُ وَلَيسَ لِـمُحْتَجرٍ حَقٌّ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ).

 

5511

 

وَمَعَ أَنَّ قَولَ عُمَرَ يَنُصُّ عَلَى الأَرْضِ الـمَيتَةِ الَّتِي يَملِكُهَا الشَّخْصُ بِالإِحْيَاءِ أَوْ بِالتَّحْجيرِ، أَيْ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيهَا، فَإِنـَّهَا إِذَا أُهْمِلَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ تُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهَا، إِلَّا أَنَّ نُصُوصًا أُخْرَى وَرَدَتْ فِي غَيرِ الإِحْيَاءِ وَالتَّحْجِيرِ، وَفِي غَيرِ الأَرْضِ الـمَيتَةِ، بَلْ حَتَّى فِي الأَرْضِ العَامِرَةِ الـمُقْطَعَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ يَحْيَى بْنِ آدَمَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ قَالَ: «أَقْطَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا مِنْ مُزْيَنَةِ أَوْ جُهَيْنَةِ أَرْضًا فَعَطَّلُوهَا، فَجَاءَ قَوْمٌ فَأَحْيَوْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَتْ قَطِيعَةً مِنِّي أَوْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لَرَدَدْتُهَا، وَلَكِنْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم». وَالـمُرَادُ أَنَّهُ قَدْ مَضَى عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، أَيْ لَو كَانَتْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِـمَا مَضَى عَلَيهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، أَوْ مِنْ عُمَرَ لَمَا مَضَى عَلَيهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَرَدَّهَا عُمَرُ لِـمَنْ أُقطِعَتْ إِلَيهِمْ، وَلَكِنَّ الإِقطَاعَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَا يُمكِنُ إِرْجَاعُهَا، بَلْ أَقَرَّهَا عُمَرُ لِـمَنْ أَحْيَوهَا.

 

وَيَظْهَرُ أَنَّ الحَادِثَ كَانَ بَعْدَ مِضِيِّ سَنَةٍ أَوْ يَزِيدُ مِنْ تَوَلِّي عُمَرَ، وَخِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَانِ، فَيَكُونُ قَدْ مَضَى عَلَى تَعْطِيلِهَا ثَلَاثُ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَلِذَلِكَ لَـمْ يَرُدَّهَا عُمَرُ. وَكَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَإِنَّ هَذِهِ الحَادِثَةَ فِي الإِقطَاعِ، وَلَيْسَتْ فِي إِحْيَاءِ الـمَوَاتِ أَوِ تَحجيرِ الـمَوَاتِ.

 

وَكَذَلِكَ أَخرَجَ أَبُو عُبَيدٍ فِي الأَمْوَالِ عَنْ بِلَالٍ بْنِ الحَارِثِ الـمُزْنِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ العَقِيقَ أَجْمَعَ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ قَالَ لِبِلاَلٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُقْطِعْكَ لِتَحْجُرَهُ عَلَى النَّاسِ، إِنَّمَا أَقْطَعَكَ لِتَعْمَلَ، فَخُذْ مِنْهَا مَا قَدِرْتَ عَلَى عِمَارَتِهِ وَرُدَّ البَاقِي»، وَوَاضِحٌ مِنهُ أَنَّ إِهْمَالَ الأَرْضِ بِعَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى استِغْلَالِـهَا هُوَ سَبَبُ أَخْذِ الأَرْضِ، كَمَا فَهِمَهُ عُمَرُ وَعَمِلَ بِهِ، وَقَدْ حُدِّدَتْ مُدَّةُ الإِهْمَالِ الـمُوجِبَةُ لِأَخْذِ الأَرْضِ بِثَلاثِ سِنِينَ كَمَا فِي قَولِ عُمَرَ السَّابِقِ.

 

وَلَا يُقَالُ إِنَّ هَذَا فِي الأَرْض الـمُقْطَعَةِ، لِأَنَّ الـمَوضُوعَ لَيسَ سُؤَالًا، وَلَا حَادِثَةً حَصَلَتْ لِيَكُونَ النَّصُّ خَاصًّا بِهَا، بَلْ هُوَ عَامٌّ، فَيَكُونُ عَامًّا كُلَّ أَرْضٍ مَـمْلُوكَةٍ، فَسَبَبُ أَخْذِ الأَرْضِ إِذَا أُهْمِلَتْ لَيسَ لِكَونِهَا مُقْطَعَةً، بَلْ لِأَنَّهَا أُهْمِلَتْ.

 

وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَولُ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَنْ عَطَّلَ أَرْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ لَـمْ يَعْمُرْهَا فَجَاءَ غَيرُهُ فَعَمَرَهَا، فَهِيَ لَهُ»، أَخرَجَهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ فِي الخَرَاجِ، وَابنُ زنـجَوَيهِ فِي الأَمْوَالِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ، وَقَولُهُ «أَرْضًا» لَفْظٌ مُطْلَقٌ يَشْمَلُ كُلَّ أَرْضٍ مَـمْلُوكَةٍ، سَوَاءً أَكَانَتْ مَيتَةً مَلَكَهَا بِالإِحْيَاءِ وَالتَّحْجيرِ، أَمْ كَانَتْ عَامِرَةً مَلَكَهَا بِالإِقْطَاعِ أَوْ الإِرْثِ أَوِ الشِّرَاءِ أَوِ الهِبَةِ... فَالحُكْمُ يَنْطَبِقُ عَلَيهَا، فَتُؤْخَذُ إِذَا أُهْمِلَتْ ثَلَاث سِنِينَ.

 

فهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الأَرْضَ الَّتِي يَـمْلِكُهَا الشَّخْصُ، سَوَاءً أَكَانَ ذَلِكَ بِالإِحْيَاءِ أَمْ بِالتَّحْجِيرِ أَمْ بِالإِقْطَاعِ أَمْ بِالشِّرَاءِ... فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنهُ إِذَا لَـمْ يَسْتَغِلَّهَا ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَتَالِيَةً، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِعْلُ عُمَرَ فِي حَادِثَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ، وَفِي قَولِهِ «مَنْ عَطَّلَ أَرْضًا»، وَفِي حَادِثَةِ بِلَالٍ، وَلَـمْ يُسْمَعْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مَعَ أَنَّ هَذَا مِـمَّا يُنْكُرُ، لِأَنَّهُ أَخْذٌ لِأَرْضٍ مِنْ مَالِكِهَا جَبرًا عَنهُ دُونَ مُقَابِلَ، وَالآخِذُ هُوَ الخَلِيفَةُ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ الإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ هُوَ فِعْلُ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِعْلًا مِـمَّا يُنكَر، عَلَى مَلأٍ مِنْهُمْ، وَلَا يُنكِرُ عَلَيهِ أَحَدٌ، وَهُوَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ بِأَنَّ الأَرْضَ الـمَيتَةَ أَوِ العَامِرَةَ إِذَا مَلَكَهَا شَخْصٌ، وَأَهْمَلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً تَأْخُذُهَا الدَّولَةُ مِنهُ جَبْرًا عَنهُ دُونَ مُقَابِلَ. وَمِنهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا الحُكْمَ يَشْمَلُ كُلَّ أَرْضٍ، سَوَاءٌ أَمُلِكَتْ بِالإِحْيَاءِ، أَمْ  بِالإِقْطَاعِ، أَمْ الإِرْثِ، أَمِ الشِّرَاءِ، أَمْ غَيرِ ذَلِكَ، فَكُلُّ أَرْضٍ قَدْ عُطِّلَتْ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ تَأْخُذُهَا الدَّولَةُ مِنْ صَاحِبِهَا جَبْرًا عَنهُ دُونَ مُقَابِلَ.

 

أَمَّا كُونُ الثَّلَاثِ سَنَوَاتٍ هِيَ مُتَوَالِيَةً، فَإِنَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنَ النَّصِّ، فَإِنَّهُ مُنْصَبٌّ فِي أَخْذِ الأَرْضِ وَفِي التَّعطِيلِ عَلَى الثَّلَاثِ، فَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ عَطَّلَ أَرْضاً ثَلاثَ سِنِيْنَ»، فَسُلِّطَ التَّعْطِيلُ عَلَى الثَّلَاثِ، فَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّنَوَاتِ الثَّلَاثَ مُتَوَالِيَةٌ، وَقَدْ تَأَكَّدَ هَذَا دُونَ غُمُوضٍ بِقَولِهِ: «وَلَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ حَقٌ بَعْدَ ثَلاثٍ»، فَسُلِّطَ نَفْيُ الحَقِّ عَلَى «بَعْدَ ثَلاثٍ»، وَلَا يُقَالُ «بَعْدَ ثَلاثٍ» إِذَا كَانَتْ مُتَقَطِّعَةً، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيةً تُعَدُّ مُتَسَلْسِلَةً وَرَاءَ بَعْضِهَا.

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

آخر تعديل علىالسبت, 07 كانون الثاني/يناير 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع