الخميس، 24 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح223) المصنع يأخذ حكم المادة التي يصنعها، لا يجوز للدولة أن تحول ملكية فردية إلى عامة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح223)  المصنع يأخذ حكم المادة التي يصنعها، لا يجوز للدولة أن تحول ملكية فردية إلى عامة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّالِثَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "المصنع يأخذ حكم المادة التي يصنعها، لا يجوز للدولة أن تحول ملكية فردية إلى عامة". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الرَّابِعَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 138: الـمَصْنَعُ مِنْ حَيثُ هُوَ مِنَ الأَمْلَاكِ الفَردِيَّةِ. إِلَّا أَنَّ الـمَصْنَعَ يَأْخُذُ حُكْمَ الـمَادَّةِ الَّتِي يَصْنَعُهَا. فَإِنْ كَانَتِ الـمَادَّةُ مِنَ الأَمْلَاكِ الفَردِيَّةِ كَانَ الـمَصْنَعُ مِلْكًا فَرْدِيًّا كَمَصَانِعِ النَّسِيجِ. وَإِنْ كَانَتِ الـمَادَّةُ مِنَ الأَمْلَاكِ العَامَّةِ كَانَ الـمَصْنَعُ مِلْكًا عَامًّا كَمَصَانِعِ استِخْرَاجِ الحَدِيدِ.

 

المادة 139: لَا يَـجُوزُ لِلدَّولَةِ أَنْ تُـحَوِّلَ مِلْكِيَّةً فَردِيَّةً إِلَى مِلْكِيَّةٍ عَامَّةٍ، لِأَنَّ الـمِلْكِيَّةَ العَامَّةَ ثَابِتَةٌ فِي طَبِيعَةِ الـمَالِ وَصِفَتِهِ لَا بِرَأْيِ الدَّولَةِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَاتَانِ هُمَا الـمَادَّتَانِ: الثَّامِنَةُ وَالثَّلاثُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ، وَالتَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

إِنَّ هَذِهِ الـمَادَّةَ ذَاتِ شِقَّينِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ الأَصْلَ فِي الـمَصَانِعِ أَنَّهَا مِنَ الأَمْلَاكِ الفَردِيَّةِ، وَالشِّقُّ الثَّانِي أَنَّ الـمَصْنَعَ يَأْخُذُ حُكْمَ الـمَادَّةِ الَّتِي يَصْنَعُهَا.

 

maram223

 

أولا: أدلة الشق الأول من المادة 138: أَمَّا الشِّقُّ الأَوَّلُ فَدَلِيلُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ r اصْطَنَعَ خَاتَمًا». (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)، وَ«أَنَّهُ r اسْتَصْنَعَ المِنْبَرَ». (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ)، وَاسْتَصْنَعَهَا عِندَ مَنْ يَـمْلِكُ الـمَصْنَعَ مِلْكِيَّةً فَردِيَّةً، وَكَانَ النَّاسُ يَسْتَصْنِعُونَ فِي أَيَّامِ الرَّسُولِ r وَسَكَتَ عَنْهُمْ، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَصْنَعُ الأَسْلِحَةَ مِثْلَ خَبَّابٍ رضي الله عنه الَّذِي كَانَتْ السُّيُوفُ صِنَاعَتَهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَيهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِ رضي الله عنه، وَقِصَّتُهُ، كَمَا فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ، مَعَ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ عِندَمَا اشتَرَى السُّيُوفَ مِنْ خَبَّابٍ، فَلَمَّا جَاءَ خَبَّابُ العَاصَ يَتَقَاضَاهُ الثَّمَنَ قَالَ لَهُ: "فِي الجَنَّةِ أَقْضِيكَ استِهْزَاءً ..."، مِـمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ r  أَقَرَّ الـمِلْكِيَّةَ الفَردِيَّةَ لِلمَصَانِعِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَصَانِعَ أَسْلِحَةٍ، أَمْ مَصَانِعَ مَعَادِن، أَمْ مَصَانِعَ نِجَارَةٍ، أَمْ غَيرَهَا.

 

وَلَـمْ يُرْوَ أَيُّ نَـهْيٍ عَنْ مِلْكِيَّةِ الـمَصْنَعِ، وَلَـمْ يَرِدْ أَيُّ نَصٍّ عَلَى أَنَّ الـمَصْنَعَ مِلْكِيَّةٌ عَامَّةٌ، كَمَا لَـمْ يَرِدْ أَيُّ نَصٍّ عَلَى أَنَّ الـمَصْنَعَ مِلْكِيَّةُ دَوْلَةٍ، فَيَبْقَى الدَّلِيلُ عَامًّا عَلَى أَنَّ الـمَصَانِعَ دَاخِلَةٌ فِي الـمِلْكِيَّةِ الفَردِيَّةِ. هَذِهِ أَدِلَّةُ الشِّقِّ الأَوَّلِ.

 

ثانيا: أدلة الشق الثاني من المادة 138: أَمَّا الشِّقُّ الثَّانِي: فَدَلِيلُهُ قَاعِدُةُ: «إِنَّ الـمَصْنَعَ يَأْخُذُ حُكْمَ مَا يُنتِجُ» وَهَذِهِ القَاعِدَةُ مُسْتَنبَطَةٌ مِنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّسُولَ r  قَالَ: «لَعَنَ اللهُ شَارِبَ الخَمْرِ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا». وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ الرَّسُولِ r مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ، وَصَحَّحَهُ ابنُ السَّكَنِ، وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ r : «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ»، فَالنَّهْيُ عَنْ عَصْرِ الخَمْرِ لَيسَ نَهيًا عَنِ العَصْرِ، وَإِنَّما هُوَ نَـهْيٌ عَنْ عَصْرِ الخَمْرِ، فَالعَصْرُ لَيسَ حَرَامًا، وَإِنَّمَا عَصْرُ الخَمْرِ هُوَ الحَرَامُ. فَالعَصْرُ وَالاعتِصَارُ قَدْ حُرِّمَا لِتَحْرِيمِ الخَمْرِ، فَأَخَذَا حُكْمَ الشَّيءِ الَّذِي جَرَى عَصْرُهُ، فَالنَّهْيُ مُنْصَبٌّ عَلَى العَصْرِ أَيْ عَلَى صِنَاعَةِ العَصْرِ فَيَكُونُ مُنْصَبًّا عَلَى آلَةِ العَصْرِ، فَالصِّنَاعَةُ تَأْخُذُ حُكْمَ الشَّيءِ الَّذِي يُصْنَعُ، وَالـمَصْنَعُ يَأْخُذُ حُكْمَ الشَّيءِ الَّذِي يَصْنَعُهُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الـمَصْنَعَ يَأْخُذُ حُكْمَ مَا يُنتِجُ، أَيْ دَلِيلُ هَذِهِ القَاعِدَةِ، فَجَاءَتْ حُرْمَةُ الـمَصْنَعِ مِنْ حُرْمَةِ الإِنْتَاجِ الَّذِي يُنتِجُهُ.

 

فَالحَدِيثُ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الـمَصَانِعَ مِلْكِيَّةٌ عَامَّةٌ، بَلْ هُوَ فَقَطْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الـمَصْنَعَ يَأْخُذُ حُكْمَ الـمَادَّةِ الَّتِي يُنتِجُهُا. وَهَذَا هُوَ دَلِيلُ الشِّقِّ الثَّانِي، أَيْ أَنَّ القَاعِدَةَ الـمُسْتَنبَطَةَ مِنَ الحَدِيثِ هِيَ دَلِيلُ الشِّقِّ الثَّانِي.

 

وَعَلَى هَذَا الأَسَاسِ يُنْظَرُ فِي الـمَصَانِعِ، فَإِنْ كَانَتِ الـمَوَادُّ الَّتِي تُصْنَعُ فِيهَا لَيْسَتْ مِنَ الـمَوَادِّ الدَّاخِلَةِ فِي الـمِلْكِيَّةِ العَامَّةِ، كَانَتْ هَذِهِ الـمَصَانِعُ مِلْكِيَّةً فَرْدِيَّةً، كَمَصَانِعِ النَّسِيجِ، لِأَنَّ الرَّسُولَ r قَدْ أَقَرَّ صِنَاعَةَ السُّيُوفِ، وَصِنَاعَةَ الثِّيَابِ، وَصِنَاعَةَ الأَحْذِيَةِ، مِـمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي الـمِلْكِيَّةِ الفَرْدِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتِ الـمَصَانِعُ لِصُنْعِ الـمَوَادِّ الدَّاخِلَةِ فِي الـمِلْكِيَّةِ العَامَّةِ، كَمَصَانِعِ استِخْرَاجِ النِّفْطِ، وَمَصَانِعِ استِخْرَاجِ الحَدِيدِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ مْلْكًا عَامًّا، وَلَا تَدْخُلُ فِي الـمِلْكِيَّةِ الفَردِيَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ r حِينَ مَنَعَ مَصَانِعَ الخَمْرِ أَعْطَى الـمَصْنَعَ حُكْمَ الـمَادَّةِ الَّتِي يَصْنَعُهَا، وَهَذَا هُوَ دَلِيلُ الـمَادَّةِ.

 

ثالثا: أدلة المادة 139: دَلِيلُهَا حَدِيثُ الرَّسُولِ r الـمُتَّفَقُ عَلَيهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرَةَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا...». وَهَذَا خِطَابٌ عَامٌّ يَشْمَلُ كُلَّ إِنْسَانٍ، فَيَحْرُمُ أَخْذُ مَالِ أَيِّ فَرْدٍ مِنَ النَّاسِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ غَيرَ مُسْلِمٍ، إِلَّا بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ، فَيَحْرُمُ عَلَى الدَّولَةِ أَنْ تَأْخُذَ مَالَ أَيِّ فَرْدٍ إِلَّا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ. وَلِذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيهَا أَنْ تَأْخُذَ مَالَ فَرْدٍ مِنَ الأَفْرَادِ وَتَجْعَلَهُ مِلْكًا لِلدَّولَةِ بِـحُجَّةِ الـمَصْلَحَةِ، أَوْ مِلْكِيةً عَامَّةً بِـحُجَّةِ مَصْلَحَةِ الأُمَّةِ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الحَدِيثَ حَرَّمَ ذَلِكَ، فَالـمَصْلَحَةُ لَا تَـجْعَلُهُ حَلَالًا، فَحِلُّهُ يـَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا يُقَالُ: "إِنَّ لِلإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ رِعَايَةً لِـمَصَالِـحِ الـمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ لَهُ حَقُّ رِعَايَةِ الشُّؤُونِ". لَا يُقَالُ ذَلِكَ لِأَنَّ رِعَايَةَ الشُّؤُونِ هِيَ القِيَامُ بِـمَصَالِـحِ النَّاسِ حَسَبَ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ، وَلَيْسَتْ هِيَ القِيَامَ بِـمَصَالِـحِ النَّاسِ حَسَبَ رَأْيِ الخَلِيفَةِ، فَمَا حَرَّمَهُ اللهُ لَيسَ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يَـجْعَلَهُ حَلَالًا مُطْلَقًا، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ فِعْلُهُ مَظْلِمَةً يُحَاكَمُ عَلَيهَا، وَيُرَجَّعُ الـمَالُ لِصَاحِبِهِ.

 

وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مَا يُسَمَّى بِالتَأْمِيمِ لَيسَ مِنَ الشَّرْعِ فِي شَيءٍ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي مَالٍ طَبِيعَتُهُ وَصِفَتُهُ مِلْكٌ عَامٌّ كَانَ فَرْضًا عَلَى الدَّولَةِ أَنْ تَجْعَلَهُ مِلْكِيَّةً عَامَّةً، وَلَيْسَتْ مُـخْتَارَةً فِي ذَلِكَ، فَلَا تَكُونُ قَدْ أَمَّـمَتْهُ، وَإِنَّما طَبِيعَتُهُ وَصِفَتُهُ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّولَةِ أَنْ تَـجْعَلَهُ مِلْكِيَّةً فَرْدِيَّةً.

 

وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي مَالٍ طَبِيعَتُهُ وَصِفَتُهُ مِلْكٌ لِفَردٍ، وَلَيسَ مِنْ طَبِيعَتِهِ، وَلَا مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا عَامًّا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الدَّولَةِ أَنْ تُؤَمِّـمَهُ، وَإِنْ فَعَلَتْ تُحَاكَمُ وَيُرَّجَعُ لِصَاحِبِهِ. فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ r أَرْجَعَ أَرْضَ الـمِلْحِ مِنْ أبْيَضِ بْنِ حَمَّالٍ بَعْدَ أَنْ أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا حِينَ ظَهَرَ أَنَّهُ مَعْدِنٌ لَا يَنقَطِعْ.

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع