الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح261) جميع البلاد الإسلامية يجب أن تضم للدولة الإسلامية، وأن تخضع للراية الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح261) جميع البلاد الإسلامية يجب أن تضم للدولة الإسلامية، وأن تخضع للراية الإسلامية

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الوَاحِدَةِ وَالسِّتِّينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "جَمِيعُ البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ يَجِبُ أَنْ تُضَمَّ لِلدَّولَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَأَنْ تَخْضَعَ لِلرَّايَةِ الإِسلَامِيَّةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: الرَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ، وَالخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 189: عَلَاقَةُ الدَّولَةِ بِغَيرِهَا مِنَ الدُّوَلِ القَائِمَةِ فِي العَالَـمِ تَقُومُ عَلَى اعتِبَارَاتٍ أَربَعَةٍ:

 

أحدها: الدُّوَلُ القَائِمَةُ فِي العَالَـمِ الإِسْلَامِيِّ تُعتَبَرُ كَأَنَّهَا قَائِمَةٌ فِي بِلَادٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا تَدخُلُ ضِمْنَ العَلَاقَاتِ الخَارِجِيَّةِ، وَلَا تُعْتَبَرُ العَلَاقَاتُ مَعَهَا مِنَ السِّيَاسَةِ الخَارِجِيَّةِ، وَيَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ لِتَوحِيدِهَا كُلِّهَا فِي دَولَةٍ وَاحِدَةٍ.

 

ثانيها: الدُّوَلُ الَّتِي بَينَنَا وَبَينَهَا مُعَاهَدَاتٌ اقتِصَادِيَّةٌ، أَوْ مُعَاهَدَاتٌ تِجَارِيَّةٌ، أَوْ مُعَاهَدَاتُ حُسْنُ جِوَارٍ، أَوْ مُعَاهَدَاتٌ ثَقَافِيَّةٌ، تُعَامَلُ وَفْقَ مَا تَنُصُّ عَلَيهِ الـمُعَاهَدَاتُ. وَلِرَعَايَاهَا الحَقُّ فِي دُخُولِ البِلَادِ بِالهَوِيَّةِ دُونَ حَاجَةٍ إِلَى جَوَازِ سَفَرٍ إِذَا كَانَتِ الـمُعَاهَدُة تَنُصُّ عَلَى ذَلِكَ، عَلَى شَرْطِ الـمُعَامَلَةِ بِالـمِثْلِ فِعْلاً. وَتَكُونُ العَلَاقَاتُ الاقتِصَادِيَّةُ وَالتِّجَارِيَّةُ مَعَهَا مَحدُودَةً بِأَشيَاءَ مُعَيَّنَةٍ، وَصِفَاتٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ ضَرُورِيَّةً، وَمِمَّا لَا يُؤَدِّي إِلَى تَقْوِيَتِهَا.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَذِهِ هِيَ الْـمَادَّةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

التتمة الثالثة للبند الأول من المادة 189:

 

القسم الأول: مِنَ الفَقْرَةِ الـمُتَعَلِّقُ بِعَلَاقَةِ الدَّولَةِ الإِسلَامِيَّةِ بِالدُّوَلِ القَائِمَةِ فِي العَالَـمِ الإِسْلَامِيِّ. وَعَلَى هَذَا فَإِنَّهُ إِذَا قَامَتِ الدَّولَةُ الإِسْلَامِيَّةُ فَوُجِدَتِ الخِلَافَةُ - عَجَّلَ اللهُ فِي قِيَامِهَا- صَارَتِ البِلَادُ الَّتِي تَحْكُمُهَا بِسُلْطَانِ الـمُسْلِمِينَ، وَبِأَمَانِ الإِسْلَامِ (دَارَ إِسْلَامٍ)، وَمَا عَدَاهَا يُنظَرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُحْكُمْ بِالِإِسْلَامِ، أَوْ كَانَ أَمَانُهُ بِأَمَانِ الكُفْرِ، كَانَ (دَارَ كُفْرٍ) أَيْ (دَارَ حَرْبٍ)، وَلَو كَانَ جَمِيعُ أَهْلِهِ مُسْلِمِينَ، وَتَنطَبِقُ عَلَيهِ أَحْكَامُ (دَارِ الحَربِ). وَأَمَّا إِنْ كَانَ يُحْكَمُ بِالإِسْلَامِ، وَأَمَانُهُ بِأَمَانِ الإِسْلَامِ، وَلَكِنَّهُ لَـمْ يَنْضَمَّ إِلَى الخِلَافَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ (دَارَ إِسْلَام)، وَتَنطَبِقُ عَلَيهِ أَحْكُامُ الإِسْلَامِ. وَيَكُونُ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ البُغَاةِ تَصِحُّ عُقُودُهُمْ، وَيَصِحُّ نَصبُهُمْ لِلقُضَاةِ وَالوُلَاةِ، وَيَصِحُّ حُكْمُ قُضَاتِهِمْ وَوُلَاتِهِمْ، وَلَكِنْ يُقَاتَلُونَ لِلدُّخُولِ فِي بَيعَةِ الخَلِيفَةِ، لِحَدِيثِ: «إِذَا بُويِعَ لِخَليفتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا». (رَوَاهُ مُسْلِمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ)، أَيْ قَاتِلُوهُ. وَعَلَى هَذَا فَمَتَى قَامَتِ الدَّولَةُ الإِسْلَامِيَّةُ فِي قُطْرٍ مِنْ أَقْطَارِ الـمُسلِمِينَ كَالعِرَاقِ وَتُركِيَّا وَسُورِيَّة مَثَلاً، فَإِنَّهُ يَكُونُ حُكْمُ الـمُسْلِمِ الَّذِي يَستَوطِنُ إِنجِلْتَرا أَوْ أَمرِيكَا أَوْ رُوسيَا أَوْ غَيرِهَا مِنْ دِيَارِ الكُفُرِ، وَبِلَادِ الكُفَّارِ هُوَ كَحُكْمِ مَنْ يَكُونُ فِي (دَارِ الحَربِ) لَا فَرقَ بَينَ الـمُسْلِمِ وَالكَافِرِ سِوَى بِعِصْمَةِ  دَمِهِ وَمَالِهِ عِندَ فَتْحِ تِلْكَ البِلَادِ.

 

وَأَمَّا الـمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي بِلَادٍ مُسْلِمَةٍ، فَإِنَّهُمْ إِنْ طَبَّقُوا الإِسْلَامَ، وَلَـمْ يَدخُلُوا فِي الخِلَافَةِ كَانَتْ بِلَادُهُمْ (دَارَ إِسْلَامٍ)، وَحُكْمُهُمْ (حُكْمَ البُغَاةِ). أَمَّا إِنْ لَـمْ يُطَبِّقُوا الإِسْلَامَ، فَإِنَّهَا تَكُونُ (دَارَ كُفْرٍ). وَكَذَلِكَ كُلُّ قُطْرٍ مِنْ بِلَادِ الإِسْلَامِ إِذَا ظَلَّ غَيرَ مُطَبِّقٍ لِلإِسْلَامِ، أَوْ كَانَ أَمَانُهُ الخَارِجِيًّ بِغَيرِ أَمَانِ الـمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُعتَبَرُ (دَارَ كُفْرٍ)، وَتُطَبَّقُ فِي حَقِّهِ أَحْكَامُ (دَارِ الحَربِ)، وَلَو كَانَ جَمِيعُ أَهْلِهِ مُسْلِمِينَ. وَلَا فَرْقَ بَينَ أَنْ يَكُونُ مُجَاوِراً لِلدَّولَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، أَيْ لِلبِلَادِ الَّتِي يَحكُمُهَا خَلِيفَةُ الـمُسْلِمِينَ، أَوْ كَانَ غَيرَ مُجَاوِرٍ لَـهَا. فَالدَّولَةُ الإِسْلَامِيَّةُ تَعتَبِرُ جَمِيعَ البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تُحْكَمُ بِالإِسْلَامِ، أَوْ كَانَتْ أَكْثَرِيَّتُهَا مِنَ الـمُسْلِمِينَ، بِلَاداً إِسْلَامِيَّةً وَاحِدَةً يَجِبُ أَنْ تُضَمَّ لِلدَّولَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَأَنْ تَخْضَعَ لِلرَّايَةِ الإِسلَامِيَّةِ، وَأَنْ تَكُونَ فِي عُنُقِهَا بَيعَةٌ لِلخَلِيفَةِ.

 

وَمُصْطَلَحُ (أَمَانِ الإِسْلَامِ) الـمُرَادُ مِنهُ أَنْ يَأْمَنَ بِسُلْطَانِ الإسْلَامِ، وَمُصْطَلَحُ (أمَانِ الكُفْرِ) الـمُرَادُ مِنهُ أَنْ يَأَمَنَ بِسْلُطَانِ الكُفْرِ. قَالَ فِي القَامُوِسِ الـمُحِيطِ: (الأَمْنُ، وَالآمِنُ: كَصَاحِبِ، ضِدُّ الخَوفِ، أَمِنَ: كَفَرِحَ، أَمْناً وَأَمَاناً بِفَتْحِهِمَا) وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ r النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ» وعن أبي بن كعب «فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ رَجُلٌ لا يُعْرَفُ: لا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ r أَمِنَ الأَسْوَدُ وَالأَبْيَضُ إِلا فُلاناً وَفُلاناً نَاساً سَمَّاهُمْ». (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الـمُسْنَدِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ)، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، كِلَاهُمَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه. هُوَ مَعْنَى الأَمَانِ. وَإِضَافَتُهُ إِلَى الإِسْلَامِ أَوْ إِلَى الكُفْرِ إِنَّمَا هِيَ إِضَافَةٌ إِلَى السُّلْطَانِ الَّذِي يُؤَمِّنُ، لِأَنَّ الأَمَانَ فِي الدَّولَةِ إِنَّمَا هُوَ لِلسُّلْطَانِ. فَأَمَانُ الإِسْلَامِ هُوَ الأَمَانُ بِسُلْطَانِ الـمُسْلِمِينَ، وَأَمَانُ الكُفْرِ هُوَ الأَمَانُ بِسُلْطَانِ الكُفَّارِ.وَالأَمَانُ الدَّاخِلِيُّ هُوَ أَنْ يَأْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى عِرْضِهِ وَدَمِهِ وَمَالِهِ بِأَمَانِ السًّلْطَانِ، وَأَمَّا الأَمَانُ الخَارِجِيُّ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ الدَّولَةُ حَامِيَةَ حُدُودِهَا مِنَ الغَارَةِ عَلَيهَا بِسُلْطَانِهَا هِيَ لَا بِسُلْطَانِ غَيرِهَا.

 

maram261

 

وأما البند الثاني من المادة 189: فَإِنَّ دَلِيلَهُ أَنَّ الإِسْلَامَ أَجَازَ عَقْدَ الـمُعَاهَدَاتِ مَعَ الدُّوَلِ قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ). (النِّسَاء 90) وَقَالَ: (وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ). (النِّسَاء 92) وَقَالَ: (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ). (الأَنفَالُ 72) وَالـمِيثَاقُ فِي هَذِهِ الآيَاتِ هُوَ الـمُعَاهَدَةُ. وَالرَّسُولُ r عَقَدَ مُعَاهَدَةً مَعَ يُوحَنَّة بْنِ رُؤْبَةَ صَاحِبِ أَيلَةَ، وَعَقَدَ مُعَاهَدَةً مَعَ بَنِي ضَمْرَةَ. وَتُطَبَّقُ فِي هَذِه الـمُعَاهَدَاتِ الشُّرُوطُ الَّتِي تَتَضَمَّنُهَا، وَيَجِبُ أَنْ يَتَقَيَّدَ الـمُسْلِمُونَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ لِقَولِهِ r : «وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ». (أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ)، عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الشَّرْطُ مُنَاقِضاً لِلإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ مُنَاقِضاً لِلإِسْلَامِ رُفِضَ لِقَولِ الرَّسُولِ r فِي حَدِيثِ التِّرمِذِيِّ: «إِلاَّ شَرْطاً حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً» وَلِقَولِهِ r : «مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَيَقُومُ الـمُسْلِمُونَ بِتَنْفِيذِ هَذِه الشُّرُوطِ حَسَبَ مَا وَرَدَتْ فِي نُصُوصِ الـمُعَاهَدَاتِ إِنْ كَانَتْ لَا تُخَالِفُ الإِسْلَامَ. فَدَلِيلُ هَذِهِ الفَقْرَةِ هُوَ دَلِيلُ جَوَازِ الـمُعَاهَدَاتِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِ الوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ.

 

وأما القسم الثاني: مِنْ هَذِهِ الفَقْرَةِ الـمُتَعَلِّقُ بِالعَلَاقَاتِ الاقتِصَادِيَّةِ وَالتِّجَارِيَّةِ، فَإنَّهُ نَظَراً لِـمَا يُمكِنُ أَنْ يَنْشَأَ مِنَ الـمُعَاهَدِةِ الاقتِصَادِيَّةِ مِنْ ضَرَرٍ عَلَى الأُمَّةِ كَأَنْ كَانَتْ تُـخْرِجُ الـمَوَادَّ الخَامَّ مِنَ البِلَادِ، أَوْ كَانَتْ تُسَبِّبُ إِقْفَالَ مَصَانِعِ البِلَادِ أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُحَدَّدُ بِـمَا لَا ضَرَرَ مِنهُ، وَتُـمْنَعُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ ضَرَرٌ؛ عَمَلاً بِقَاعِدَة: (كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الـمُبَاحِ إِذَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ يـُمـنَعُ ذَلِكَ الفَرْدُ وَيَبقَى الشَّيءُ مُبَاحاً) وَكَذَلِكَ الحَالُ فِي الـمُعَاهَدَاتِ التِّجَارِيَّةِ.وَتُعتَبَرُ هَذِهِ الدُّوَلُ دُوَلاً مُحَارِبَةً حُكْماً، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَونَهُمْ كُفَّاراً لَـمْ يَخْضَعُوا لِسُلْطَانِ الإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ يُعتَبَرُونَ مُحَارِبِينَ، لِأَنَّ الرَّسُولَ r يَقُولُ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ» فَهُوَ عَامٌّ، وَكَونُهُمْ يُعتَبَرُونَ مُحَارِبِينَ حُكْماً، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلأَحْكَامِ، فَإِنَّهُ بِسَبَبِ الـمُعَاهَدَاتِ الَّتِي بَيْنَنَا وَبَينَهُمْ.  

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالأربعاء, 15 شباط/فبراير 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع