الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح264) الأخلاق في الإسلام لا تؤثر في قيام المجتمع بحال

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح264) الأخلاق في الإسلام لا تؤثر في قيام المجتمع بحال

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الرَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ بَعدَ المِائَتين، وَعُنوَانُهَا: "الأَخْلَاقُ فِي الإِسْلَامِ لَا تُؤَثِّرُ فِي قِيَامِ الـمُجْتَمَعِ بِحَالٍ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: الخَامِسَةِ وَالثَّلاثِينَ، وَالسَّادِسَةِ وَالثَّلاثِينَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "عُرِّفَ الإِسْلامُ بأَنَّهُ الدِينُ الَّذِي أَنزَلَهُ اللهُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، لتَنْظِيمِ عَلاقَةِ الإِنْسَانِ بخَالِقِهِ، وَبِنَفْسِهِ، وَبِغَيْرِه مِنْ بَنِي الإِنْسَانِ. وعَلاقَةُ الإِنْسَانِ بخَالِقِهِ تَشْمُلُ العَقَائِدَ وَالعِبَادَاتِ، وعَلاقَةُ الإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ تَشْمُلُ الأَخْلاقَ وَالـمَطْعُومَاتِ والـمَلْبُوسَاتِ، وعَلاقَتُهُ بغَيْرِهِ مِن بني الإِنْسَانِ تَشْمُلُ الـمُعَامَلَاتِ وَالعُقُوبَاتِ.

 

والإِسْلامُ يُعالِجُ مَشَاكِلَ الإِنْسَانِ كُلَّهَا، وينَظُرُ للإِنْسَانِ كُلاًّ لا يَتَجَزَّأُ، وَلِذَلِكَ يُعَالِجُ مَشَاكِلَهُ بطَرِيقَةٍ واحدةٍ، وقَدْ بَنى نِظَامَهُ عَلَى أَسَاسٍ رُوحيٍّ، هُوَ العَقِيدَةُ، فكَانَتِ النَاحِيَةُ الرُوحيَّةُ هِيَ أَسَاسَ حَضَارَتِهِ، وهي أَسَاسَ دولَتِهِ، وَهِيَ أَسَاسَ شَريعتِهِ.

 

ومَعَ أَنَّ الشَريعةَ الإِسْلامِيَّةَ فَصَّلَتِ الأَنظمَةَ تَفْصِيلاً دقيقاً، كأَنظِمَةِ العِبَادَاتِ وَالـمُعَامَلَاتِ وَالعُقُوبَاتِ، فَإِنَّها لَمْ تجَعَلْ للأَخْلَاقِ نِظَاماً مُفَصَّلاً، وَإِنَّما عَالَجَتْ أَحْكَامَ الأَخْلاقِ عَلَى اعتبارِ أَنَّها أَوَامِرُ وَنَوَاهٍ مِنَ اللهِ، دُونَ النَظَرِ إِلَى تَفْصِيلِ أَنَّها أَخْلاقٌ يَجِبُ أَن تُعطَى جَانِباً خَاصّاً مِنَ العنايةِ يمتازُ عَلَى غَيْرِهِ، بَلْ هِيَ مِن حَيْثُ تفصيلُ الأَحْكَامِ، أَقَلُّ تفصيلاً مِن غَيْرها، وَلَمْ تَجْعَلْ لَـهَا في الفِقْهِ باباً خَاصّاً، فَلَا نَجِدُ في كُتُبِ الفِقْهِ الَّتِي تَحوِي الأَحْكَامَ الشَرْعيّةَ بَاباً يُسَمَّى بَابَ الأَخْلاقِ. وَلَمْ يُعْنَ الفُقَهَاءُ وَالـمُجْتَهِدُونَ فِي أَمْرِ الأَحْكَامِ الخُلُقِيَّةِ بِالبَحْثِ وَالاستِنبَاطِ.

 

والأَخْلاقُ لا تؤثِّرُ في قِيَامِ المجتمعِ بِحَالٍ، لأَنَّ المجتمعَ يَقُومُ عَلَى أَنظمةِ الحَيَاةِ، وتؤثِّرُ فِيهِ المشاعرُ والأَفْكَارُ، وأَمَّا الخُلُقُ فلا يُؤَثِّرُ في قِيَامِ المجتمعِ، ولا في رِقِيِّهِ أَوْ انحطاطِهِ، بَل المؤثرُ هُوَ العرفُ العامُّ الناجمُ عَنِ الـمَفَاهِيمِ عَنِ الحَيَاةِ، والـمُسيِّرُ لِلمُجْتَمَعِ لَيْسَ الخُلُقُ، وَإِنَّـمَا هِيَ الأَنظمةُ الَّتِي تُطَبَّقُ فِيهِ، والأَفْكَارُ والمشاعِرُ الَّتِي يحَمِلُها الناسُ والخُلقُ ذاتُهُ ناجِمٌ عَنِ الأَفْكَارِ وَالـمَشَاعِرِ ونتيجةٌ لتَطْبِيقِ النِظَامِ".

 

maram264

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ:

 

أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ كِتَابَ: «نِظَامِ الإِسْلَامِ» هَذَا الكِتَابُ الَّذِي عَرَضْنَاهُ عَلَيكُمْ عَرْضاً مُفَصَّلاً، وَقَدْ أَوْشَكْنَا عَلَى الانتِهَاءِ مِنْ عَرضِهِ، بَيَّنَ فِيهِ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ الأَجِلَّاءُ لِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا دِينَ الإِسلَامِ غَضّاً طَرِيّاً كَمَا أَنْزَلَهُ اللهُ رَبُّ العَالَـمِينَ، ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ الكَامِلُ، والشَّامِلُ لِجَمِيعِ شُؤُونِ الحَيَاةِ، بِصُورَتِهِ النَّاصِعَةِ الوَاضِحَةِ، وَحَقِيقَتِهِ النَّقِيَّةِ الصَّافِيَةِ الـمُبَلْوَرَةِ.

 

وَفي خِتَامِ كِتَابِ «نِظَامِ الإِسْلَامِ» وَحَتَّى لَا تَلْتَبِسَ سَبِيلِ النَّهْضَةِ عَلَى السَّائِرِينَ، بَحَثَ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ مَوضُوعاً في غَايَةِ الأَهَمِّيَّةِ، أَلَا وَهُوَ «الأَخلَاق فِي الإِسلَامِ» وَلِكَيْ يَسْهُلَ تَنَاوُلَنَا لَهْ ارْتأَينَا تَجزِئَتَهُ لِعِدَّةِ أَجْزَاءَ، وَإِلَيكُمُ الجُزْءَ الأَوَّلَ مِنهُ. وَيُمكِنُ بَيَانُ وَإِبرَازُ مَوضُوعِنَا مِنْ خِلَالِ النُّقَاطِ الآتِيَةِ:

 

  1. عُرِّفَ الإِسْلامُ بأَنَّهُ الدِينُ الَّذِي أَنزَلَهُ اللهُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَى آلهِ وسَلَّمَ، لتَنْظِيمِ عَلاقَةِ الإِنْسَانِ بخَالِقِهِ، وبنفْسِهِ، وبغَيْرِه مِن بني الإِنْسَانِ.
  2. عَلاقَةُ الإِنْسَانِ بخَالِقِهِ تَشْمُلُ: العَقَائِدَ وَالعِبَادَاتِ.
  3. عَلاقَةُ الإِنْسَانِ بنفسِهِ تَشْمُلُ: الأَخْلاقَ وَالـمَطْعُومَاتِ وَالـمَلبُوسَاتِ.
  4. عَلاقَتُهُ بغَيْرِهِ مِن بني الإِنْسَانِ تَشْمُلُ: الـمُعَامَلَاتِ وَالعُقُوبَاتِ.
  5. الإِسْلامُ يُعالِجُ مشاكلَ الإِنْسَانِ كُلَّهَا، وينَظُرُ للإِنْسَانِ كُلّاً لا يَتَجَزَّأُ.
  6. الإِسْلامُ يعالِجُ مشاكِلَ الإِنْسَانِ بطَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، وقَدْ بَنَى نِظَامَهُ عَلَى أَسَاسٍ رُوحيٍّ، هُوَ العَقِيدَةُ، فكَانَتِ النَاحِيَةُ الرُوحيَّةُ هِيَ أَسَاسَ حَضَارَتِهِ، وَهِيَ أَسَاسَ دولَتِهِ، وهي أَسَاسَ شَريعتِهِ.
  7. مَعَ أَنَّ الشَريعةَ الإِسْلامِيَّةَ فَصَّلَتِ الأَنظمَةَ تَفْصِيلاً دَقِيقاً، كَأَنظِمَةِ العِبَادَاتِ وَالـمُعَامَلَاتِ وَالعُقُوبَاتِ، فإنَّها لَمْ تجَعَلْ للأَخْلاقِ نِظَاماً مُفَصَّلاً.
  8. عالَجَتْ أَحْكَامَ الأَخْلاقِ عَلَى اعتبارِ أَنَّها أَوَامِرُ ونواهٍ مِنَ اللهِ، دُونَ النَظَرِ إِلَى تَفْصِيلِ أَنَّها أَخْلاقٌ يَجِبُ أَن تُعطَى جَانِباً خَاصّاً مِنَ العنايةِ يمتازُ عَلَى غَيْرِهِ، بَلْ هِيَ مِن حَيْثُ تَفْصِيلُ الأَحْكَامِ، أَقَلُّ تَفْصِيلاً مِن غَيْرها.
  9. لَـمْ تَجْعَلْ أَحْكَامُ الإِسلَامِ لِلأَخلَاقِ فِي الفِقْهِ بَاباً خاصاً، فلا نَجِدُ في كُتُبِ الفقهِ الَّتِي تَحوِي الأَحْكَامَ الشَرْعيّةَ باباً يُسَمَّى بابَ الأَخْلاقِ.
  10. لَـمْ يُعْنَ الفُقَهَاءُ وَالـمُجْتَهِدونَ في أَمْرِ الأَحْكَامِ الخُلُقِيَّةِ بِالبَحْثِ وَالاستِنبَاطِ.
  11. الأَخْلاقُ لا تؤثِّرُ في قِيَامِ المجتمعِ بِحَالٍ، لأَنَّ المجتمعَ يَقُومُ عَلَى أَنظمةِ الحَيَاةِ، وتؤثِّرُ فِيهِ الـمَشَاعِرُ والأَفْكَارُ، وأَمَّا الخُلُقُ فلا يُؤَثِّرُ في قِيَامِ الـمُجْتَمَعِ، وَلَا فِي رِقِيِّهِ أَوْ انحِطَاطِهِ، بَل المؤثرُ هُوَ العُرفُ العَامُّ النَّاجِمُ عَنِ الـمَفَاهِيمِ عَنِ الحَيَاةِ.
  12. الـمُسيِّرُ لِلمُجْتَمَعِ لَيْسَ الخُلُقُ، وَإِنَّـمَا هِيَ الأَنظمةُ الَّتِي تُطَبَّقُ فِيهِ، والأَفْكَارُ وَالـمَشَاعِرُ الَّتِي يحَمِلُها الناسُ، والخُلقُ ذاتُهُ ناجِمٌ عَنِ الأَفْكَارِ وَالـمَشَاعِرِ وَنَتِيجَةٌ لتَطْبِيقِ النِظَامِ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالأحد, 19 شباط/فبراير 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع