- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح266) الأخلاق جزء من الشريعة، وقسم من أوامر الله ونواهيه
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالسِّتِّينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "الأخلاقُ جُزءٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، وَقِسمٌ مِنْ أوَامِرِ اللهِ وَنَوَاهِيهِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلاثِينَ بَعدَ المائة مِنْ كِتَابِ «نِظَامِ الإِسْلَامِ» لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: وقد بَيَّنَ الشَرْعُ الصفاتِ الَّتِي يُعتَبَرُ الاتِّصافُ بِهَا خُلُقاً حسناً والَّتِي يعتَبَرُ الاتِّصافُ بِهَا خُلُقاً سَيِّئاً، فحثَّ عَلَى الحَسَنِ مِنْهَا ونهى عَنِ السيِّئ: حث عَلَى الصدقِ، والأَمَانةِ، وطلاقَةِ الوجهِ، والحياءِ، وبِرِّ الوالدِين، وصِلَةِ الرَّحِمِ، وتفريجِ الكُرُبَاتِ، وأَن يُحِبَّ المرءُ لأَخيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ، واعتَبَرَ كلَّ ذَلِكَ ومثلَهُ حَثَّاً عَلَى اتِّبَاعِ أَوَامِرِ اللهِ. ونهى عَن أضدادِها كالكَذِبِ والخيانةِ والحَسَدِ والفُجُورِ وأمثالِها، واعتَبَرَ ذَلِكَ ومثلَهُ نهياً عمَّا نهَى اللهُ عنْهُ. والأَخْلاقُ جزءٌ مِن هَذِهِ الشَرّيعةِ، وقسمٌ مِن أَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ، لا بُدَّ مِنْ تَحقيقِها في نفسِ الـمُسْلِمِ ليتِمَّ عَمَلُهُ بالإِسْلامِ، ويَكْمُلَ قِيَامُهُ بأَوَامِرِ اللهِ. غَيْرَ أَنَّ الوُصُولَ إِلَيهَا فِي المجتَمَعِ كُلِّهِ يَكُونُ عَن طَرِيقِ إِيجَادِ الـمَشَاعِرِ الإِسْلامِيَّةِ، والأَفْكَارِ الإِسْلامِيَّةِ، وَبتَحْقِيقِهَا فِي الجَمَاعَةِ تَتَحَقَّقُ فِي الأَفرَادِ ضَرورَةً، وبَدَهِيٌّ أَنَّ الوُصُولَ إِلَيهَا لَا يَكُونُ بالدَعْوَةِ إِلَى الأَخْلاقِ، بَلْ بالطَرِيقِ الـمُشَارِ إِلَيهَا مِن إيجادِ المشاعرِ والأَفْكَارِ، غَيْرَ أَنَّ البَدْءَ يقضي بإعدادِ كتلةٍ بالإِسْلامِ كُلِّهِ، يَكُونُ فِيهِا الأفرادُ كأجزاءٍ في جَمَاعَةٍ، لا كأفرادٍ مستقلِّينَ، ليحَمِلوا الدَعْوَةَ الإِسْلامِيَّةَ الكامِلَةَ في المجتمعِ، فيُوجِدُوا المشاعرَ الإِسْلامِيَّةَ، والأَفْكَارَ الإِسْلامِيَّةَ، فيدخُلَ الناسُ في الأَخْلاقِ أَفْواجاً تَبَعاً لدخولِهمْ في الإِسْلامِ أفواجاً. وينبغي أَن يُفْهَمَ جليّاً أَنَّ قَوْلَنَا هَذَا يَجْعَلُ الأَخْلاقَ لازمةً لزوماً حَتْمِيّاً لأَوَامِرِ اللهِ، وتَطْبِيقِ الإِسْلامِ، ويؤكِّدُ ضَرورَة َاتِّصافِ الـمُسْلِمِ بالأَخْلاقِ الحسَنَةِ. وقد بَيَّنَ اللهُ تعالى في كثيرٍ مِن سُوَرِ القُرْآنِ الكريمِ الصفاتِ الَّتِي يَجِبُ أَن يتصفَ بِهَا الإِنْسَانُ، والَّتِي يَجِبُ أَن يسعى إليها. وهذهِ الصفاتُ هِيَ العقائدُ، والعباداتُ، والمعاملاتُ، والأَخْلاقُ، ولا بُدَّ مِنْ أَن تَكَوْنَ هَذِهِ الصفاتُ الأربعُ مجتمعةً:
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ:
أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ كِتَابَ: «نِظَامِ الإِسْلَامِ» هَذَا الكِتَابُ الَّذِي عَرَضْنَاهُ عَلَيكُمْ عَرْضاً مُفَصَّلاً، وَقَدْ أَوْشَكْنَا عَلَى الانتِهَاءِ مِنْ عَرضِهِ، بَيَّنَ فِيهِ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ الأَجِلَّاءُ لِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا دِينَ الإِسلَامِ غَضّاً طَرِيّاً كَمَا أَنْزَلَهُ اللهُ رَبُّ العَالَـمِينَ، ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ الكَامِلُ، والشَّامِلُ لِجَمِيعِ شُؤُونِ الحَيَاةِ، بِصُورَتِهِ النَّاصِعَةِ الوَاضِحَةِ، وَحَقِيقَتِهِ النَّقِيَّةِ الصَّافِيَةِ الـمُبَلْوَرَةِ.
وَفي خِتَامِ كِتَابِ «نِظَامِ الإِسْلَامِ» وَحَتَّى لَا تَلْتَبِسَ سَبِيلِ النَّهْضَةِ عَلَى السَّائِرِينَ، بَحَثَ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ مَوضُوعاً في غَايَةِ الأَهَمِّيَّةِ، أَلَا وَهُوَ «الأَخلَاق فِي الإِسلَامِ» وَلِكَيْ يَسْهُلَ تَنَاوُلَنَا لَهْ ارْتأَينَا تَجزِئَتَهُ لِعِدَّةِ أَجْزَاءَ، وَإِلَيكُمُ الجُزْءَ الثَّالِثَ مِنهُ. وَيُمكِنُ بَيَانُ وَإِبرَازُ مَوضُوعِنَا مِنْ خِلَالِ النُّقَاطِ الآتِيَةِ:
- بَيَّنَ الشَرْعُ الصفاتِ الَّتِي يُعتَبَرُ الاتِّصافُ بِهَا خُلُقاً حسناً والَّتِي يعتَبَرُ الاتِّصافُ بِهَا خُلُقاً سَيِّئاً، فحثَّ عَلَى الحَسَنِ مِنْهَا ونهى عَنِ السيِّئ.
- حَثَّ الشَّرعُ عَلَى الصدقِ، والأَمَانةِ، وطلاقَةِ الوجهِ، والحياءِ، وبِرِّ الوالدِين، وصِلَةِ الرَّحِمِ، وتفريجِ الكُرُبَاتِ، وأَن يُحِبَّ المرءُ لأَخيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ، واعتَبَرَ كلَّ ذَلِكَ ومثلَهُ حَثَّاً عَلَى اتِّبَاعِ أَوَامِرِ اللهِ.
- نَهَى الشَّرعُ عَنْ أَضْدَادِ تِلْكَ الصِّفَاتِ السَّيِّئَةِ، كالكَذِبِ والخيانةِ والحَسَدِ والفُجُورِ وأمثالِها، واعتَبَرَ ذَلِكَ ومثلَهُ نهياً عمَّا نهَى اللهُ عنْهُ.
- الأَخْلاقُ جزءٌ مِن هَذِهِ الشَرّيعةِ، وقسمٌ مِن أَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ، لا بُدَّ مِنْ تَحقيقِها في نفسِ الـمُسْلِمِ ليتِمَّ عَمَلُهُ بالإِسْلامِ، ويَكْمُلَ قِيَامُهُ بأَوَامِرِ اللهِ.
- الوصولُ إِلَى العَمَلِ بِالإِسلَامِ، وَاكتِمَالِ القِيَامِ بِأَوَامِرِ اللهِ لا يَكُونُ بالدَعْوَةِ إِلَى الأَخْلاقِ، بَلْ بالطَرِيقِ الـمُشَارِ إِلَيهَا مِنْ إِيجَادِ الـمَشَاعِرِ الإِسلَامِيَّةِ، وَالأَفْكَارِ الإِسْلَامِيَّةِ.
- البَدْءُ بِالعَمَلِ لِلإِسلَامِ يَقْضِي بإعدادِ كتلةٍ بالإِسْلامِ كُلِّهِ، يَكُونُ فِيهِا الأفرادُ كأجزاءٍ في جَمَاعَةٍ، لا كأفرادٍ مستقلِّينَ، ليحَمِلوا الدَعْوَةَ الإِسْلامِيَّةَ الكامِلَةَ في المجتمعِ، فيُوجِدُوا المشاعرَ الإِسْلامِيَّةَ، والأَفْكَارَ الإِسْلامِيَّةَ، فيدخُلَ الناسُ في الأَخْلاقِ أَفْواجاً تَبَعاً لدخولِهمْ في الإِسْلامِ أفواجاً.
- يَنْبَغِي أَن يُفْهَمَ جَليّاً أَنَّ قَوْلَنَا هَذَا يَجْعَلُ الأَخْلاقَ لازمةً لزوماً حَتْمِيّاً لأَوَامِرِ اللهِ، وتَطْبِيقِ الإِسْلامِ، ويؤكِّدُ ضَرورَةَ اتِّصافِ الـمُسْلِمِ بالأَخْلاقِ الحسَنَةِ.
- لَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تعالى في كثيرٍ مِن سُوَرِ القُرْآنِ الكريمِ الصفاتِ الَّتِي يَجِبُ أَن يتصفَ بِهَا الإِنْسَانُ، والَّتِي يَجِبُ أَنْ يُسْعَى إِلَيهَا. وَهَذِهِ الصِّفَاتُ هِيَ العقائدُ، والعباداتُ، والمعاملاتُ، والأَخْلاقُ، ولا بُدَّ مِنْ أَن تَكَوْنَ هَذِهِ الصِّفَاتُ الأربعُ مُجتَمِعَةً.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.