مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 49

إسلام أبي بكر الصديق، وخمسةٍ معه أسلمُوا على يديه

 

 

لما نزل قول الله تعالى: (يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر، ولا تمنن تستكثر، ولربك فاصبر). هنا علم النبي ﷺ أن وقت الراحة، والنوم قد انتهى، وبدأ وقت اليقظة والعمل والتشمير!! وكان أول من أسلم به ﷺ امرأته السيدة خديجة، يقول ﷺ فيها: «لقد فُضلت خديجة على نساء أمتي كما فُضلت مريم على نساء العالمين».

 

ولما علم، وأيقن النبي ﷺ أنه رسول الله إلى هذه الأمة كان له صديق حميم، وكان أحب الرجال إلى قلب النبي ﷺ إنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان أصغر من النبي ﷺ بثلاث سنوات. وكان أبو بكر خلوقًا، متواضعًا، وكريمًا، ولا يقرب لأماكن الفساد، وكان يخدم الناس، لم يسجد لصنم في حياته قط، ولم يشرب خمرًا قط لا في الجاهلية، ولا في الإسلام، فدعاه النبي ﷺ إلى الإسلام فأسلم، وكان ﷺ يقول: «ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كَبوةٌ ونظرٌ وتردُّد، إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة ما عَكَمَ عنه حين ذكرته له، وما تردّد فيه». كبوة أي وقفة عند شيء يكرهه الإنسان، عكم: أي تلبّثَ.

 

تُرى هل توقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند النطق بالشهادتين واكتفي بذلك فقط؟؟ والجواب: لا انظروا ماذا فعل رضي الله عنه وأرضاه!!

 

لما علم أبو بكر أن هذا الدين نجاة من النار، وفيه رضا ربنا الرحمن، والبشرى بدخول الجنان، ذهب مسرعًا إلى أحب الناس إليه من أصدقائه، الذين يثق بهم، من أجل أن يدعوهم إلى دين الله، من باب المحبة، وعلم أنها ليست مهمة النبي فقط، بل هي مهمة كل مؤمن، يجب عليه أن يقوم بواجب الدعوة إلى دين الله في الأرض؛ فذهب إلى صديقه عثمان بن عفان، وكان يثق به فدعاه؛ فأسلم رضي الله عنه. ثم ذهب إلى عبد الرحمن بن عوف فدعاه؛ فأسلم رضي الله عنه. ثم ذهب إلى أبي عبيدة فدعاه؛ فأسلم رضي الله عنه. وذهب إلى الزبير بن العوام فدعاه؛ فأسلم رضي الله عنه. ثم ذهب إلى طلحة فدعاه؛ فأسلم رضي الله عنه ... يتبع مع المسلمين الأوائل رضي الله عنهم جميعًا...

 

نتابع في الحلقة القادمة إن شاء الله.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ محمد النادي