مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 52

دار الأرقم بن أبي الأرقم

 

 

ترى هل توقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن الدعوة إلى الله، واكتفى بما قدمه للإسلام؟؟ لا بل سنتابع في كل السيرة الدعوة الربانية التي نشرها أبو بكر رضي الله عنه، وكان ممن أسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه الصحابي الجليل الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه، وهذا الصحابي من الأوائل العشرة السابقين للإسلام، وقد شهد جميع غزوات الرسول ﷺ، وقد أطال الله في عمره، وتوفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان وكان عمره ثلاثة وثمانين عامًا، وكان بيته على جبل الصفا.

 

فبعد نزول قوله تعالى: (يا أيها المدثر) أخذ رسول الله ﷺ يدعو إلى الله تعالى، وكان ﷺ يجتمع بمن آمنوا به سرًا لمدة ثلاث سنوات. فاتخذ النبي مقر دعوته في دار الصحابي الجليل الأرقم بن أبي الأرقم؛ فأصبحوا يجتمعون في بيته عند الصفا، وكان النبي ﷺ يجلس فيقرأ عليهم ما أُنزل عليه من القرآن، وكان يُعلمهم أخلاق هذا الدين، ويدعوهم إلى صدق الحديث، والأمانة وعدم وَأد البنات ودفنهنَّ بالتراب، وهن أحياء، ويدعوهم إلى الابتعاد عن الزنا، والحرام؛ فكانت أول تعاليم الإسلام، هي عن مكارم الأخلاق في دار بن الأرقم، وكان ﷺ يربيهم عليها، ويأمرهم أن يكتموا الأمر، ولا يخبروا إلا من يثقون به، وكان أحدهم إذا أراد أن يصلي يذهب إلى شعاب الجبال والأودية كي لا يراه أحد!! فلم يزالوا على هذا الوضع حتى نزل الوحي جبريل عليه السلام على رسول الله ﷺ بقوله تعالى في سورة الشعراء: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ‎﴿٢١٤﴾‏ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ‎﴿٢١٥﴾‏ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ‎﴿٢١٦﴾‏ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ‎﴿٢١٧﴾ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ‎﴿٢١٨﴾‏ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ‎﴿٢١٩﴾‏ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ‎﴿٢٢٠﴾‏

 

كما نزل قول الله تعالى في سورة الحجر: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ‎﴿٩٤﴾‏ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ‎﴿٩٥﴾‏.

 

أنزل الله هذه الآيات، وتعتبر هي آيات الدعوة جهرًا، ولكن خاصة لعشيرة النبي ﷺ كيف بدأ النبي ﷺ يدعو جهرًا؟ وكيف تقبل أهله الخبر، سنتابع أحداث تُدمع العين وتُحزن القلب بمعاناة النبي ﷺ وأصحابه ... نتابع في الحلقة القادمة إن شاء الله.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ محمد النادي