الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول (ح 44)  الدليل على الإيمان باليوم الآخر دليلٌ نقليٌ، وليس عقليًا

بسم الله الرحمن الرحيم

  

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

44)

 الدليل على الإيمان باليوم الآخر دليلٌ نقليٌ، وليس عقليًا

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

أيها المؤمنون:

 

أحبّتنا الكرام:

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الرابعةِ والأربعين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "الدليل على الإيمان باليوم الآخر دليلٌ نقليٌ، وليس عقليًا".

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "وأما الدليل على الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة، فهو دليل نقلي وليس دليلًا عقـليًا، لأن يوم القيامة لا يدركه العـقـل. قال الله تعالى: (وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ). (الأنعام ‎92) وقال: (فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ). (النحل ‎22) وقال: (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ). (النحل 60) وقال: (وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا). (الإسراء 10‏)

وقال: (‏فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ‎(13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ‎(14)‏ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ‎(15)‏ وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ‎(16)‏ وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ‎(17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ). (الحاقة 18)

وقال رسول الله r: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث» أخرجه البخاري من طريق أبي هريرة.

هذه هي الأمور التي يجب الإيمان بها وهي خمسة أمور: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن أيضًا بالقضاء والقدر ولا يطلق الإيمان بالإسلام على الشخص ولا يعتبر مسلمًا إلا إذا آمن بهذه الخمسة جميعها وآمن بالقضاء والقدر. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا). (النساء 136‏)  فقد جاء القرآن والحديث ينص على هذه الأمور الخمسة بشكل صريح ظاهر التنصيص على كل منها باسمه ومسمَّاه، ولم يرد الإيمان بغير هذه الخمسة بنص صريح قطعي بأمر معين باسمه ومسماه كما ورد بهذه الأمور، وإنما النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة وردت بهذه الأمور الخمسة ليس غير". 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: اللهم اغننا بالعلم، وزينا بالحلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية.

يَا مَن لَهُ عَنَتِ الوُجُوهُ بِأسْرِهَا ... رَغَبــًا وَكُـلُّ الكَائِنَــاتِ تُوَحِّــدُ

أنتَ الإلـهُ الواحِـدُ الحَـقُّ الذي ... كــلُّ القلــوبِ لَـهُ تُقِرُّ وَتَشْــهَدُ

وصلى الله وسلم وبارك على عين الرحمة وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، سيدنا محـمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

إنَّ من أركان العقيدة الإسلامية، ومن مقتضيات صحة إيمان المسلم، تصديقه الجازم بأنَّ الله عزَّ وجلَّ أعدَّ وقتًا ينهي فيه حياة الخلائق في الحياة الدنيا، وهذا التصديق الجازم يعرف بمصطلح: "الإيمان باليوم الآخر"، وقد قرن الله عزَّ وجلَّ الإيمان بهذا اليوم بالإيمان به في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم، ومنها قول الله تعالى: (وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).

ولا بدَّ من التنويه إلى أنَّ الإيمان باليوم الآخر له ثمرات عائدة على حياة الفرد، والمجتمع إذ إنَّ المسلم الذي يؤمن بهذا الركن ينقل جُلَّ اهتمامه إلى الدار الآخرة؛ فيخشى الله، ويتقيه حق تقاته، فيطيعه بتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه خوفًا من ناره، وطمعًا في دخول جنته التي أعدها لعباده الصالحين، فيعود ذلك بالخير عليه، وعلى المجتمع بطمأنينة يبثها الله عزَّ وجلَّ في قلوب عباده.

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "وأما الدليل على الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة، فهو دليل نقلي وليس دليلًا عقـليًا، لأن يوم القيامة لا يدركه العـقـل.

أجل إخوة الإيمان، الآن أيقنت حقا أن الدليل على الإيمان باليوم الآخر دليل نقلي، وليس دليلًا عقليًا، فقبل أن أتعرف إلى أفكار حزب التحرير، وحين كنت أدرس في معهد إعداد المعلمين، عرض لنا أستاذ مادة الثقافة الإسلامية ثلاثة من الأدلة العقلية على الإيمان باليوم الآخر، ولكنني حين تأملتها وتدبرتها وجدتها ليست أدلة عقلية صرفة، وإنما هي أدلة عقلية مستندة إلى أسس مسلم بها مأخوذة من أدلة نقلية، ومن هذه الأسس: قدرة الله على الخلق، وإقامة العدل بين الناس، وكون الدنيا دار ابتلاء، والآخرة دار جزاء، والأدلة العقلية الثلاثة التي ساقها الأستاذ هي:

  1. إنَّ الإله القادر على بدء الخلق، لن يعجزه إعادة الخلق، إذ إنَّ الإعادة أهون من البدء.‏ وهذا الدليل مستند إلى قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). ‎(الروم 27)
  2. إنَّ السماوات والأرض من أعظم المخلوقات، ومن قدر على خلق الأعظم؛ فهو على غيره أقدر. وهذا الدليل مستند إلى قوله تعالى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). ‎(غافر 57)
  3. إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو أعدل العادلين، وأنَّ عدله يقتضي أن يأخذ كلَّ ذي حقٍ حقه، وبما أنَّ بعض البشر قد يدركهم الموت قبل أن يستوفوا حقوقهم كاملة، وكون أنَّ هذه الدنيا دار ابتلاء، والآخرة دار جزاء، كان لا بدَّ من وجود حياةٍ أخرى توزع فيها الحقوق توزيع جزاءٍ لا توزيع بلاء. وهذا الدليل مستند إلى قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ). ‎(آل عمران 25) وقوله: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). ‎(غافر 17)‏

والآن إخوة الإيمان تعالوا بنا نستعرض ما جاء بالفقرة التي اقتبستها لكم من كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول:

أولا: ذكر الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - أن الدَّلِيلَ على الإيمان باليوم الآخر دليل نقليٌ، وَلَيس دليلًا عقليًا فقال: "وأما الدليل على الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة، فهو دليل نقلي وليس دليلًا عقـليًا، لأن يوم القيامة لا يدركه العـقـل".

ثانيا: ذكر الشيخ خمس آيات كريمات بوصفها دليلًا نقليًا من كتاب الله تعالى على الإيمان باليوم الآخر، وهذه الآيات هي:

  1. قوله تعالى: (وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ). (الأنعام ‎92)
  2. قوله تعالى: ( فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ). (النحل ‎22)
  3. قوله تعالى: (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ). (النحل 60)
  4. قوله تعالى: (وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا). (الإسراء 10‏)
  5. قوله تعالى: (‏فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ‎(13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ‎(14)‏ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ‎(15)‏ وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ‎(16)‏ وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ‎(17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ). (الحاقة 18‏)

ثالثا: ثم ذكر الشيخ - رحمه الله - دليلًا نقليًّا آخر من الوحي الثاني بعد القرآن وهو السنة النبوية المطهرة أي الحديث النبوي الشريف قال رسول الله r: «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث». أخرجه البخاري من طريق أبي هريرة.

رابعا: ثم قال الشيخ - رحمه الله رحمة واسعة -: هذه هي الأمور التي يجب الإيمان بها وهي خمسة أمور: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن أيضًا بالقضاء والقدر.

خامسًا: ثم بين- رحمه الله -: متى يطلق على الشخص أنه "مؤمن" أو "مسلم"؛ فقال: "ولا يطلق الإيمان بالإسلام على الشخص ولا يعتبر مسلمًا إلا إذا آمن بهذه الخمسة جميعها وآمن بالقضاء والقدر". وأتى الشيخ - رحمه الله - على ذلك بدليل من القرآن. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا). (النساء ‏136)

سادسًا: أكد الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله على أن الإسلام حصر الأمور التي يجب الإيمان بها في هذه الأمور الخمسة ليس غير فقال: "فقد جاء القرآن والحديث ينص على هذه الأمور الخمسة بشكل صريح ظاهر التنصيص على كل منها باسمه ومسمَّاه، ولم يرد الإيمان بغير هذه الخمسة بنص صريح قطعي بأمر معين باسمه ومسماه كما ورد بهذه الأمور، وإنما النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة وردت بهذه الأمور الخمسة ليس غير".

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي

آخر تعديل علىالثلاثاء, 23 أيار/مايو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع