مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 72

الهجرة الأولى إلى الحبشة

 

 

 

فلما رأى ﷺ أنه في منعة في أهله وغيره معذبون، لم يرضَ لهم التعذيب، ولا يملك لهم من الأمر شيء فقال لهم: «أرى أن تتفرقوا في البلاد، حتى يأذن الله بجمعكم». قالوا: أين نذهب يا رسول الله؟؟ قال: «إلى الحبشة؛ فإن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد».

 

فهاجر أصحابه ممن كان يستطيع الخروج، فكان أول المهاجرين هو عثمان بن عفان رضي الله عنه مع زوجته رقية بنت النبي ﷺ، فتشجع باقي الصحابة للهجرة إلى الحبشة. وكان الخارجون في الهجرة الأولى إلى الحبشة عشرة رجال، وخمس نسوة، وكان من بينهم عامر بن ربيعة، وزوجته ليلى.

 

ولنا وقفة مع عامر وزوجته، فقد كانا ممن يعذبان في قريش. تقول ليلى: ذهب زوجي عامر يتفقد الطريق قبل خروجنا، ووقفت أنا عند المتاع، فإذا بعمر بن الخطاب يمر بدارنا، وكان من أشدِّ قريشٍ لنا إيذاءً، فلما رأيته يقترب قلت: سَلّم اللهُمَّ سَلّم، فلما رآني، ونظر إلى المتاع، وقف وَسلّمَ، وقال: عِمتُم مَساءً قالت: وأنت يا ابن الخطاب!! قَالَ: ما الخبرُ؟ قالتْ: آذيتمونا في الله، وفي ديننا، فنحن نريد أن نضرب في الأرض، فرقّ عمر رقة لم نعهدها عليه من قبل، وقال: صحبكمُ اللهُ يا ليلى!! قالت: فلما رأيته بتلك الطيبة، رجوت أن يسلم تلك الساعة...!!

 

ثم جاء زوجي عامر قلت له: لقد مر بنا عمر بن الخطاب، ولقد رأيت منه طيبة لم أرها عليه من قبل، لو رأيت عمر يا عامر، ورِقته وحزنه علينا!! قال: أطمعتِ في إسلامه؟ قالت: نعم قال: فلا يُسلمُ الذي رأيتِ حتى يُسلم حِمَارُ الخطاب، ثم انطلقوا مهاجرين. ولحقت قريش بمن هاجر، ولكن حفظهم الله، ولم يستطيعوا أن يلحقوا بهم، فرجعوا إلى مكة خائبين، ووصل الخبر للنبي ﷺ فحمد الله على سلامة قومه. وقبل أن نكمل ما حدث مع المسلمين في الحبشة، سنقف هنا عند حدث مهم، ألا وهو إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يتبع إن شاء الله... صلوا وسلموا على سيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي