مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 84

الهجرة الثانية إلى الحبشة (ج3)

 

 

 

فقال النجاشي - بعد أن سمع القرآن من جعفر: "إن الذي جاء به نبيكم، وجاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة، انطلق يا جعفر أنت ومن معك، فعيشوا بأرضي بسلام".

 

ثم نظر النجاشي لعمرو، وقال: "والله يا عمرو، لن أسلمكم إياهم ولا بجبل من ذهب!!"

 

وانفض المجلس، وخاب عمرو، ولكنه داهية العرب لم يستسلم من الجولة الأولى قال: سأغدو غدًا إلى النجاشي، وأوقع جعفر، ومن معه بمسألة مع النجاشي لم تخطر ببالهم.

 

النجاشي وقومه يعبدون المسيح عيسى هو إله في نظرهم. فذهب عمرو إلى النجاشي في اليوم الثاني، وقال: أيها الملك، أنا على سفر، وجئت أودعك، ولكن للأمانة والعلاقة، والصداقة بيني وبينك لا أريد أن أسكت عن شيء قال: ما هو؟ قال: إن هؤلاء يقولون عن المسيح قولاً، لا يرضيك أبدًا!!

 

قال النجاشي: وما يقولون؟!! تكلم قال: لا أدري، ولكن سمعتهم يقولون: إن عيسى بشر كسائر البشر، فغضب النجاشي، وأرسل الملك إليهم مرة ثانية قائلًا: أحضروهم إليَّ، ففزع المسلمون، وقالوا لبعضهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟؟ قال جعفر رضي الله عنه: نقول فيه الذي قال الله وما جاءنا به نبينا.

 

حضر جعفر، وحضر الصحابة، والبطارقة، وحضر النجاشي، وعمرو وعبد الله بن ربيعة قال النجاشي: يا جعفر ماذا تقول في عيسى ابن مريم؟؟ قال جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا هو عبد الله ورسوله، وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول. ثم قال لجعفر: انطلقوا في أرضي سالمين آمنين من سبكم غرم!! من سبكم غرم!! من سبكم غرم!! والتفت إلى البطارقة وقال: أرجعوا إلى عمرو هداياه، ثم نظر لعمرو، وقال له: ارجع لقومك، والذي نفسي بيده، والذي وهبني المُلك من غير رشوة.. لا آخذ رشوة بعبد من عباد الله. ثم أشار النجاشي بأصبعه إلى الصحابة وقال: يا عمرو هؤلاء الرجال خير عندي من جبال الأرض ذهبًا. 

 

 

أمران مهمان:

1. عمرو بن العاص داهية قريش أسلم في السنة الثامنة للهجرة سيمر معنا بإذن الله.
2. ترك المهاجرون إلى الحبشة المال، والولد، والأهل، وهاجروا من أجل الله تعالى إلى بلدٍ غريبة، وحياةٍ موحشة، يبتغون بذلك رضا الله ورسوله، فلم يتركهم الله تعالى، بل كان معهم، أعزهم، ونصرهم.

تعالوا بنا نترك المعاصي، والشهوات، أو العادات السيئة من أجل الله تعالى، وتيقنوا أن الله سيعيننا، ويسعدنا، ويكون معنا... صلوا على الحبيب المصطفى.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي