الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول (ح 63)  الآيات المتشابهات يوقف منها موقف التسليم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

(ح 63)

 الآيات المتشابهات يوقف منها موقف التسليم

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثالثة والستين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "بعض الآيات المتشابهات فيها إجمال، وعدم وضوح للباحث".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ثم إن الآيات المتشابهة التي فيها إجمال، وفيها عدم وضوح للباحث، جاءت عامة دون تفصيل، وجاءت بشكل وصف إجمالي للأشياء أو تقريرًا لوقائع يظهر فيها عدم البحث والاستفاضة والاستدلال. فلا ينفر منها القارئ ولا يدرك حقيقة ما ترمي إليه إلا بمقدار مدلولات ألفاظها. ولذلك كان من الطبيعي الوقوف منها موقف التسليم كما هي الحال في وصف أي واقع، وتقرير أي حقيقة، دون تعليل أو تدليل. فآيات تصف جانباً من أفعال الإنسان فتدل على الجبر، وآيات تصف جانباً آخر فتدل على الاختيار. يقول الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). (البقرة 85)

 

ويقول: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ). (غافر31) ولكنه مع ذلك تجده يقول: (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا). (الأنعام 125)

 

وجاءت آيات تثبت لله تعالى وجهًا ويدًا وتعبر عنه بأنه نور السماوات والأرض، وتقول: إنه في السماء: (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ). (الملك 16)، (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا). (الفجر22)، (وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ). (الرحمن 27)، (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ). (المائدة 64)

 

وجاءت آيات تـثبت له التنزيه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). (الشورى 11)، (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا). (المجادلة 7)، (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ). (النمل 63)، ‎(سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ). (الصافات 159‏)

 

وهكذا وردت في القرآن آيات في نواح يظهر فيها التناقض، وقد سمَّاها القرآن بالمتشابهات قال تعالى: (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ). (آل عمران 7)". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يلقي الشيخ تقي الدين - رحمه الله - الضوء على موضوع خاض فيه المتكلمون خوضًا كبيرًا، أبعدهم الفهم الصائب، ونأى بهم عن اتخاذ الموقف الصحيح، وهو موضوع الآيات المتشابهات. وقد سار الشيخ في هذا البحث على النحو الآتي:

 

أولا: بيَّن الشيخ المقصود بالآيات المتشابهات في ثلاث نقاط حيث قال:

  1. "ثم إن الآيات المتشابهة التي فيها إجمال، وفيها عدم وضوح للباحث".
  2. وقال: "جاءت الآيات المتشابهة عامة دون تفصيل، وجاءت بشكل وصف إجمالي للأشياء".
  3. وقال: "أو جاءت الآيات المتشابهة تقريرًا لوقائع يظهر فيها عدم البحث، والاستفاضة، والاستدلال، فلا ينفر منها القارئ، ولا يدرك حقيقة ما ترمي إليه إلا بمقدار مدلولات ألفاظها".

ثانيًا: بيَّن الشيخ الموقف الذي ينبغي أن يتخذه المسلم تجاه الآيات المتشابهة، ألا وهو الإيمان الكامل، والتسليم المطلق، فقال: "ولذلك كان من الطبيعي الوقوف منها موقف التسليم كما هي الحال في وصف أي واقع، وتقرير أي حقيقة، دون تعليل أو تدليل".

 

ثالثًا: أورد الشيخ أمثلة من القرآن على الآيات المتشابهات. فقال: "فآيات تصف جانبًا من أفعال الإنسان فتدل على الجبر، وآيات تصف جانباً آخر فتدل على الاختيار. يقول تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). (البقرة 85) ويقول: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ).

 

(غافر31) ولكنه مع ذلك تجده يقول: (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا). (الأنعام 125)

 

رابعا: أورد الشيخ أمثلة من القرآن على الآيات التي تتحدث عن الله جل في علاه، فقال: "وجاءت آيات تثبت لله تعالى وجهًا ويدًا، وتعبر عنه بأنه نور السماوات والأرض، وتقول: إنه في السماء: (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ). (الملك 16)، (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا). (الفجر22)، (وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ). (الرحمن 27)، (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ). (المائدة 64)

 

خامسًا: ثم أورد الشيخ آيات تثبت التنزيه لرب العالمين، فقال: "وجاءت آيات تـثبت له التنزيه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). (الشورى 11)، (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا). (المجادلة 7)، (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ). (النمل 63)، ‎(سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ). (الصافات 159‏)

 

سادسًا: ذكر الشيخ خلاصة البحث فقال: "وهكذا وردت في القرآن آيات في نواح يظهر فيها التناقض، وقد سمَّاها القرآن بالمتشابهات قال تعالى: (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ). (آل عمران 7)".

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالإثنين, 14 آب/أغسطس 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع