الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 64) -  كيف فهم المسلمون الأوائل الآيات المتشابهات؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

أيها المؤمنون:

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

64)

 كيف فهم المسلمون الأوائل الآيات المتشابهات؟

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الرابعة والستين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كيف فهم المسلمون الأوائل الآيات المتشابهات".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "وحين نزلت هذه الآيات وبلَّغها الـرسـول للناس، وآمن بها المسلمون وحفظوها عن ظهر قلب، لم تثر فيهم أي بحث أو جدال، ولم يروا فيها أي تناقض يحتاج إلى التوفيق، بل فهموا كل آية في الجانب الذي جاءت تصفه أو تقرره، فكانت منسجمة في واقعها وفي نفوسهم، وقد آمنوا بها وصدقوها وفهموها فهمًا مجملًا، واكتفوا بهذا الفهم، واعتبروها وصفًا لواقع، أو تقريرًا لحقائق. وكان كثير من ذوي العقول لا يستسيغ الدخول في تفصيل هذه المتشابهات والجدال فيها، ويرى أن ذلك ليس من مصلحة الإسـلام. ففهم المعنى الإجمالي لكل من فهم بمقدار ما فهم يغنيه عن الدخول في التفصيلات والتفريعات. وهكذا أدرك المسلمون منهج القرآن وتلقوا آياته وساروا على ذلك في عصر الرسول، ثم من بعدهم حتى انتهى القرن الأول بكامله". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: وَضَّحَ الشيخ تقي الدين - رحمه الله - كيف فهم الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - الآيات المتشابهات، وكيف كان موقفهم منها، وذلك على النحو الآتي:

 

أولا: بين موقف الصحابة من الآيات المتشابهات، فقال: "وحين نزلت هذه الآيات، وبلَّغها الـرسـول للناس، وآمن بها المسلمون، وحفظوها عن ظهر قلب".

 

ثانيًا: بين تأثير الآيات المتشابهات على الصحابة، فقال: "لم تثر فيهم أي بحث أو جدال، ولم يروا فيها أي تناقض يحتاج إلى التوفيق".

 

ثالثًا: بين طريقة فهم الصحابة للآيات المتشابهات فقال: "بل فهموا كل آية في الجانب الذي جاءت تصفه، أو تقرره، فكانت منسجمة في واقعها، وفي نفوسهم، وقد آمنوا بها، وصدقوها، وفهموها فهمًا مجملًا، واكتفوا بهذا الفهم، واعتبروها وصفًا لواقع، أو تقريرًا لحقائق.

 

رابعا: ذكر أن كثيرا من الصحابة كانوا لا يستسيغون الدخول في تفصيل الحديث عن الآيات المتشابهات، فقال: "وكان كثير من ذوي العقول لا يستسيغ الدخول في تفصيل هذه المتشابهات والجدال فيها، ويرى أن ذلك ليس من مصلحة الإسـلام.

 

خامسا: ذكر الشيخ خلاصة البحث فقال: "ففهم المعنى الإجمالي لكل من فهم بمقدار ما فهم يغنيه عن الدخول في التفصيلات والتفريعات. وهكذا أدرك المسلمون منهج القرآن، وتلقوا آياته، وساروا على ذلك في عصر الرسول، ثم من بعدهم حتى انتهى القرن الأول بكامله".

 

وفي خلافة الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بدأت قصة صبيغ بن عسل التميمي بتساؤله عن متشابه في القرآن عندما قدم إلى مصر، فبعث به عمرو بن العاص والي مصر إلى الخليفة عمر بن الخطاب، وكان عمر ذا فهم راق لآيات القرآن، ومنها الآية الكريمة من سورة آل عمران التي ذكر فيها قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).

 

فهم الفاروق عمر - رضي الله عنه وأرضاه - من هذه الآية الكريمة أن من يسأل عن الآيات المتشابهات يسعى لإثارة الفتنة بين المسلمين، وأنه ينبغي وأدُ هذه الفتنة في مَهدِها، وَمُعَاقبةُ مُثيريها أشد العقوبة!!   

 

فلما أتاه الرسول المرافق لصبيغ بالكتاب فقرأه فقال الخليفة: أين الرجل؟ فقال الرسول: في الرحل، قال عمر: "أبصر أن يكون ذهب؛ فتصيبك مني به العقوبة الموجعة"، فأتاه به، فلما دخل عليه جلس، فقال له عمر: من أنت؟ فقال: أنا عبد الله صبيغ فقال عمر: وأنا عبد الله عمر، ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك العراجين، فما زال يضربه حتى شجه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد واللهِ ذهبَ الذي كنت أجد في رأسي، ثم بدأ صبيغ التميمي بسؤال عمر بقوله: أخبرني عن (والذاريات ذروًا) قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن (فالحاملات وقرًا) قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن (فالجاريات يسرًا) قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن (فالمقسمات أمرًا) قال: هن الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، فقال عمر: "تَسْأَلُ مُحْدَثَةً؟" أي تريد إحداثَ فِتنةٍ بَينَ المُسلِمينَ؟ فأرسل عمر إلى رطائب من جريد، ثم أمر به فَضُرب مائة، وجعل في بيت، فلما برأ دعاه، فضرب مائة أخرى، فضربه بها حتى ترك ظهره دبرة، ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له، ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود له، فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي، فاقتلني قتلاً جميلاً، وإن كنت تريد أن تداويني، فقد والله برأت. فأذن له، وبعث إلى أبي موسى الأشعري، وأهل العراق أن لا يجالسه أحد من المسلمين، فلو جاء إلى حلقة ما قاموا وتركوه، فاشتد ذلك على الرجل، فكتب أبو موسى إلى عمر: أن قد حسنت توبته، فكتب عمر: أن ائذن للناس بمجالسته.

 

ولما توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وحدثت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، جاء مثيرو الفتن إلى صبيغ؛ ليأخذوه معهم، فأخذ يتحسس ظهره، ويقول: لقد داواني ذلك الرجل وأدبني، ورفض الذهاب معهم!!    

 

هذه القصة موجودة في كتب التفسير في «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير أو «الجامع لأحكام القرآن تفسير القرطبي» لشمس الدين القرطبي أو «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني» لشهاب الدين الآلوسي، عند قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول يقوله ما قلته
آخر تعديل علىالسبت, 19 آب/أغسطس 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع