الأربعاء، 23 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول (ح 66)  خطأ منهج المتكلمين في جعل العقل أساسًا للقرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

(ح 66)

 خطأ منهج المتكلمين في جعل العقل أساسًا للقرآن

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام :

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ السادسة والستين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "خطأ منهج المتكلمين في جعل العقل أساسا للقرآن".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "فكان التأويل أول مظاهر المتكلمين، فإذا أداهم البحث إلى أن الله منـزه عن الجهة والمكان أولوا الآيات التي تُشعر بأنه تعالى في السماء وأولوا الاستواء على العرش. وإذا أداهم البحث إلى أن نفي الجهة عن الله يستلزم أنَّ أعْين الناس لا يمكن أن تراه، أولوا الأخبار الواردة في رؤية الناس لله، وهكذا كان التأويل عنصرًا من عناصـر المتكلمين وأكبر مميّز لهم عن السلف.

 

فهذا المنهج من البحث في إعطاء العقل حرية البحث في كل شيء فيما يُدرك وفيما لا يُدرك، في الطبيعة وفيما وراء الطبيعة، فيما يقع عليه الحس وفيما لا يقع عليه الحس يؤدي حتمًا إلى جعله الأساس للقرآن، لا جعل القرآن أساسًا له، فكان طبيعيًا أن يوجد هذا المنحى في التأويل، وكان طبيعيًا أن يتجه هؤلاء إلى أية جهة يرونها على اعتبار أن العقل يراها في نظرهم. وهذا يستلزم اختلافًا كبيرًا بينهم. فإن أدى النظر قومًا إلى الاختيار وتأويل الجبر، فإنه قد يؤدي النظر غيرهم إلى إثبات الجبر وتأويل آيات الاختيار، وقد يؤدي غيرهم إلى التوفيق بين رأي هؤلاء ورأي هؤلاء برأي جديد. وبرز على جميع المتكلمين أمران؛ أحدهما: الاعتماد في البراهين على المنطق وتأليف القضايا لا على المحسوسات، والثاني: الاعتماد على تأويل الآيات التي تخالف النتائج التي توصلوا إليها". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: تحدث الشيخ تقي الدين - رحمه الله - في هذه الفقرة عن خطأ كبير، بل جسيم وعظيم ارتكبه المتكلمون، ألا وهو جعل العقل أساسًا للقرآن الكريم، وسار في هذا البحث على النحو الأتي:

 

أولًا: ذكر الشيخ تقي الدين - رحمه الله - التأويل على أنه أول مظهر من مظاهر المتكلمين فقال: "فكان التأويل أول مظاهر المتكلمين".

 

ثانيًا: أورد الشيخ مثالا من أمثلة التأويل عند المتكلمين، فقال: "فإذا أداهم البحث إلى أن الله منزه عن الجهة والمكان أولوا الآيات التي تُشعر بأنه تعالى في السماء، وأولوا الاستواء على العرش.

 

ثالثًا: ثم تابع الشيخ حديثه عن لجوء المتكلمين إلى التأويل، فقال: "وإذا أداهم البحث إلى أن نفي الجهة عن الله يستلزم أنَّ أعْين الناس لا يمكن أن تراه، أولوا الأخبار الواردة في رؤية الناس لله.

 

رابعًا: ذكر الشيخ أن التأويل كان أكبر ما يميز المتكلمين عن السلف فقال: "وهكذا كان التأويل عنصرًا من عناصـر المتكلمين وأكبر مميّز لهم عن السلف".

 

خامسا: انتقل الشيخ إلى الحديث عن الخطأ الكبير، بل الجسيم، والعظيم الذي ارتكبه المتكلمون، ألا وهو جعل العقل أساسا للقرآن، فقال: "فهذا المنهج من البحث في إعطاء العقل حرية البحث في كل شيء: فيما يُدرك، وفيما لا يُدرك، في الطبيعة، وفيما وراء الطبيعة، فيما يقع عليه الحس، وفيما لا يقع عليه الحس، يؤدي حتمًا إلى جعله الأساس للقرآن، لا جعل القرآن أساسًا له".

 

سادسًا: ذكر الشيخ أن لجوء المتكلمين إلى التأويل هو الذي أدى بهم إلى جعل العقل أساسًا للقرآن، فقال: "فكان طبيعيًا أن يوجد هذا المنحى في التأويل، وكان طبيعيًا أن يتجه هؤلاء إلى أية جهة يرونها على اعتبار أن العقل يراها في نظرهم.

 

سابعا: ذكر الشيخ أن جعل العقل أساسًا للقرآن أوقع المتكلمين في متاهات، وأدى بهم إلى الاختلاف فقال: "وهذا يستلزم اختلافًا كبيرًا بينهم.

 

فإن أدى النظر قومًا إلى الاختيار وتأويل الجبر، فإنه قد يؤدي النظر غيرهم إلى إثبات الجبر وتأويل آيات الاختيار، وقد يؤدي غيرهم إلى التوفيق بين رأي هؤلاء ورأي هؤلاء برأي جديد".

 

ثامنًا: ذكر الشيخ أبرز أمرين ظهرا على جميع المتكلمين، فقال: "وبرز على جميع المتكلمين أمران:

 

أحدهما: الاعتماد في البراهين على المنطق، وتأليف القضايا لا على المحسوسات.

 

والثاني: الاعتماد على تأويل الآيات التي تخالف النتائج التي توصلوا إليها". ومن الأمثلة التي تحضرني على تأويل الآيات عند من توصلوا إلى أن صفة الكلام حادثة، وأن الله تعالى أزلي، وصفاته ينبغي أن تكون أزلية، فلما واجهتهم الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها: (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكلِيمًا) اضطروا إلى تأويل الآية الكريمة؛ ليعطلوا صفة الكلام لله تعالى، فجعلوا لفظ الجلالة (اللهُ) المرفوع على اعتبار أنه سبحانه وتعالى هو الفاعل، جعلوا لفظ الجلالة منصوبًا على التعظيم (اللهَ) على اعتبار أنه سبحانه وتعالى مَفْعُولًا به مقدمًا، وَصَارَ مُوسى فاعلًا مُؤخرًا، فأثبتوا صفة الكلام لمُوسى عليه السلام، وعطلوا إسنادها لله تعالى؛ فَصَارَ نَصُّ الآية كالآتي: (وَكَلَّمَ اللهَ مُوسَى تَكلِيمًا). 

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع