الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول (ح 68)  الأساس المنطقي مظنة للخطأ، لا يصح أن يجعل أساسًا في الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

(ح 68)

 الأساس المنطقي مظنة للخطأ، لا يصح أن يجعل أساسًا في الإيمان

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام :

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثامنةِ والستين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "الأساس: المنطقي مظنة للخطأ، لا يصح أن يجعل أساسًا للإيمان".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "أمَّا الوجه الثاني فإن الأساس المنطقي مظنة للخطأ بخلاف الأساس الحسي فإنه من حيث وجود الشيء لا يمكن أن يتطرق إليه الخطأ مطلقاً وما يمكن أن يتسرب إليه الخطأ لا يصح أن يُجعل أساساً في الإيمان.

 

فالمنطق عرضه لأن تحصل فيه المغالطة، وعرضة لأن تكون نتائجه غير صحيحة؛ لأنه وإن كان يشترط صحة القضايا، وسلامة تركيبها إلا أنه في كونه بناء قضية على قضية يجعل صحة النتيجة مبنيًا على صحة هذه القضايا، وصحة هذه القضايا غير مضمونة، لأن النتيجة لا تستند إلى الحس مباشرة بل تستند إلى اقتران القضايا مع بعضها فتكون النتيجة غير مضمونة الصحة. وذلك أن الذي يحصل فيه هو أن اقتران القضايا مع بعضها يجري فيه ترتيب المعقولات على المعقولات، واستنتاج معقولات منها، ويجري فيه ترتيب المحسوسات على المحسوسات، واستنتاج محسوسات منها. أما ترتيب المعقولات على المعقولات فإنه يؤدي إلى الانزلاق في الخطأ، ويؤدي إلى التناقض في النتائج، ويؤدي إلى الاسترسال في سلاسل من القضايا، والنتائج المعقولة من حيث الفرض والتقدير لا من حيث وجودها في الواقع، حتى كان آخر الطريق في كثير من هذه القضايا أوهاماً وأخاليط. ومن هنا كان الاستدلال بالقضايا التي يجري فيها ترتيب معقولات على معقولات عُرضة للانزلاق. فمثلًا يقال منطقيًا: القرآن كلام الله وهو مركب من حروف مرتبة متعاقبة في الوجود، وكل كلام مركب من حروف مرتبة متعاقبة في الوجود حادث، فالنتيجة القرآن حادث ومخلوق. فهذا الترتيب للقضايا أوصل إلى نتيجة ليست مما يقع تحت الحس فلا سبيل للعقل إلى بحثها أو الحكم عليها، ولذلك فهي حكم فرضي غير واقعي، فضلًا عن كونها من الأمور التي مُنعَ العقل من بحثها، لأن البحث في صفة الله بحث في ذاته، ولا يجوز البحث في ذات الله ولا بوجه من الوجوه.

 

على أنه يمكن بواسطة نفس المنطق أن نصل إلى نتيجة تناقض هذه النتيجة، فيقال القرآن كلام الله وهو صفة له، وكل ما هو صفة لله فهو قديم، فالنتيجة القرآن قديم غير مخلوق. وبذلك برز التناقض في المنطق في قضية واحدة، وهكذا في كثير من القضايا المترتبة على ترتيب معقولات على معقولات يصل المنطقي إلى نتائج في غاية التناقض وفي غاية الغرابة". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يتابع الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى بيان خطأ منهج المتكلمين فيقول: "ووجه الخطأ في هذا المنهج ظاهر في عدة وجوه:

 

أولاً: إن هذا المنهج يعتمدون فيه في إقامة البرهان على الأساس المنطقي وليس على الأساس الحسي وهذا خطأ من وجهين:

 

الوجه الأول: أنه يجعل المسلم في حاجة إلى أن يتعلم علم المنطق حتى يستطيع إقامة البرهان على وجود الله تعالى. وقد سبق الحديث عنه.

 

أمَّا الوجه الثاني: فإن الأساس المنطقي مظنة للخطأ بخلاف الأساس الحسي، فإنه من حيث وجود الشيء لا يمكن أن يتطرق إليه الخطأ مطلقًا، وما يمكن أن يتسرب إليه الخطأ لا يصح أن يُجعل أساسًا في الإيمان.

 

بيَّن الشيخ - رحمه الله - وجه الخطأ الثاني في اتباع المتكلمين الأساس المنطقي، وقد سار في الخطوات الآتية:    

  1. قال: "إن المنطق عرضه لأن تحصل فيه المغالطة، وعرضة لأن تكون نتائجه غير صحيحة؛ لأنه وإن كان يشترط صحة القضايا، وسلامة تركيبها إلا أنه في كونه بناء قضية على قضية يجعل صحة النتيجة مبنيًا على صحة هذه القضايا، وصحة هذه القضايا غير مضمونة، لأن النتيجة لا تستند إلى الحس مباشرة، بل تستند إلى اقتران القضايا مع بعضها فتكون النتيجة غير مضمونة الصحة.
  2. ذكر أن الذي يحصل فيه هو أن اقتران القضايا مع بعضها يجري فيه نوعان من الترتيب المنطقي:
  3. النوع الأول: يجري فيه ترتيب المعقولات على المعقولات، واستنتاج معقولات منها.
  4. النوع الثاني: يجري فيه ترتيب المحسوسات على المحسوسات، واستنتاج محسوسات منها.
  5. ذكر أن ترتيب المعقولات على المعقولات يؤدي إلى نتائج غير صحيحة، هذه النتائج هي:
  • أولا: يؤدي إلى الانزلاق في الخطأ.
  • ثانيًا: يؤدي إلى التناقض في النتائج.
  • ثالثًا: يؤدي إلى الاسترسال في سلاسل من القضايا.
  • رابعًا: يؤدي إلى النتائج المعقولة من حيث الفرض، والتقدير لا من حيث وجودها في الواقع، حتى كان آخر الطريق في كثير من هذه القضايا أوهامًا وأخاليط.
  1. ذكر الشيخ خلاصة البحث فقال: "ومن هنا كان الاستدلال بالقضايا التي يجري فيها ترتيب معقولات على معقولات عُرضة للانزلاق".
  2. أورد الشيخ مثالا على استخدام المنطق في الاستدلال على القضايا فقال: "فمثلًا يقال منطقيًا:

المقدمة الكبرى: كل كلام مركب من حروف مرتبة متعاقبة في الوجود حادث.

 

المقدمة الصغرى: القرآن كلام الله، وهو مركب من حروف مرتبة متعاقبة في الوجود.

النتيجة: إذًا فالقرآن حادث ومخلوق.

  1. علق الشيخ على هذا الترتيب المنطقي فقال: "فهذا الترتيب للقضايا أوصل إلى نتيجة ليست مما يقع تحت الحس، فلا سبيل للعقل إلى بحثها، أو الحكم عليها، ولذلك فهي حكم فرضي غير واقعي، فضلًا عن كونها من الأمور التي مُنعَ العقل من بحثها، لأن البحث في صفة الله بحث في ذاته، ولا يجوز البحث في ذات الله ولا بوجه من الوجوه.
  2. ذكر الشيخ أنَّه باستخدام المنطق نفسه يمكن التوصل إلى نتيجة تناقض النتيجة الأولى، وأورد على ذلك مثالا فقال: "على أنه يمكن بواسطة نفس المنطق أن نصل إلى نتيجة تناقض هذه النتيجة". فيقال:

المقدمة الكبرى: كل ما هو صفة لله فهو قديم.

المقدمة الصغرى: القرآن كلام الله، وهو صفة له.

النتيجة: إذًا فالقرآن قديم غير مخلوق.

  1. وبذلك برز التناقض في المنطق في قضية واحدة، وهكذا في كثير من القضايا المترتبة على ترتيب معقولات على معقولات يصل المنطقي إلى نتائج في غاية التناقض وفي غاية الغرابة.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالسبت, 26 آب/أغسطس 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع