الجمعة، 25 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  منهج المتكلمين يُعطي العقل حرية البحث في كل شيء (ح 73)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 منهج المتكلمين يُعطي العقل حرية البحث في كل شيء (ح 73)

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام :

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثالثةِ وَالسَّبعِينَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "منهج المتكلمين يُعطي العقل حرية البحث في كل شيء".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ثالثًا - إن منهج المتكلمين يُعطي العقل حرية البحث في كل شيء، فيما يحس وفيما لا يحس، وهذا يؤدي حتماً إلى جعل العقل يبحث فيما لا يمكنه أن يحكم عليه، ويبحث في الفروض والتخيلات، ويقيم البرهان على مجرد التصور لأشياء قد تكون موجودة وقد لا تكون موجودة، وهذا يؤدي إلى إمكانية إنكار أشياء موجودة قطعًا إذا أخبَرَنا عنها من نَجزمُ بصدق إخباره ولكن العقل لا يُدركها، ويؤدي إلى إمكانية الإيمان بأمور وهمية لا وجود لها ولكن العقل تخيّل وجودها، فمثلاً بحثوا في ذات الله وصفاته فمنهم من قال الصفة عين الموصوف، ومنهم من قال الصفة غير الموصوف، وقالوا علم الله هو انكشاف المعلوم على ما هو عليه، والمعلوم يتغير من حين لآخر، فورقة الشجرة تسقط بعد أن كانت غير ساقطة والله يقول: (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ). (الأنعام 59) وعلم الله ينكشف به الشيء على ما هو عليه، فهو عالم بالشيء قبل أن يكون على أنه سيكون، وعالم بالشيء إذا كان على أنه كان، وعالم بالشيء إذا عدم على أنه عدم. فكيف يتغيّر علم الله بتغـيُّر الموجودات؟ والعلم المتغـيِّر بتغير الحوادث علم محدث والله لا يقوم به محدث لأن ما يتعلق به المحدث محدث. ومن المتكلمين مَنْ أجاب على هذا بقوله: إن من المسلَّم به أن عِلمنا بأن زيدًا سيقدم علينا غير علمنا بأنه قدم فعلًا، وتلك التفرقة ترجع إلى تجدد العلم، ولكن ذلك في حق الإنسان؛ فهو الذي يتجدد علمه؛ لأن مصدر العلم وهو الإحساس والإدراك يتجدد. أما في حق الله فلا تفرقة عنده بين مُقَدَّر سيكون، ومحقق كان، ومُنجز حدث، ومتوقع سيحدث، بل المعلومات بالنسبة له على حال واحدة.

 

وأجاب متكلمون آخرون: أن الله عالم بذاته بكل ما كان وما سيكون، وكل المعلومات معلومات عنده بعلم واحد، والاختلاف بين ما سيكون وما كان يرجع إلى الاختلاف في الأشياء لا في علم الله. فهذا البحث كله بحث في شيء لا يقع عليه الحس ولا يمكن للعقل أن يصدر حكمًا عليه ولذلك لا يجوز للعقل أن يبحثه، ولكنهم بحثوه ووصلوا إلى هذه النتائج جريًا على طريقتهم في إعطاء العقل حرية البحث في كل شيء. وقد تصوروا أشياء فبحثوها، فمثلًا تصوروا أن إرادة الله لفعل العبد تعلقت به حين أراد العبد الفعل أي أن الله خلق الفعل عند وجود قدرة العبد وإرادته لا بقدرة العبد وإرادته". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يواصل الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - بيان خطأ منهج المتكلمين، فيذكر خطأ ثالثًا وقعوا فيه إضافة إلى الخطأين السابقين:

  1. منهج المتكلمين يعتمدون فيه في إقامة البرهان على الأساس المنطقي، وليس على الأساس الحسي.
  2. منهج المتكلمين يجيز لهم قياس الله تعالى على الإنسان.
  3. منهج المتكلمين يُعطي العقل حرية البحث في كل شيء، فيما يحس وفيما لا يحس.

أولًا: بين الشيخ تقي الدين - رحمه الله - النتائج المترتبة على إعطاء العقل حرية البحث في كل شيء فيقول: "إن منهج المتكلمين يُعطي العقل حرية البحث في كل شيء، فيما يحس وفيما لا يحس، وهذا يؤدي حتمًا إلى:

  1. جعل العقل يبحث فيما لا يمكنه أن يحكم عليه، ويبحث في الفروض والتخيلات.
  2. يقيم البرهان على مجرد التصور لأشياء قد تكون موجودة وقد لا تكون موجودة.
  3. هذا يؤدي إلى إمكانية إنكار أشياء موجودة قطعًا إذا أخبَرَنا عنها من نَجزمُ بصدق إخباره، ولكن العقل لا يُدركها.
  4. ويؤدي إلى إمكانية الإيمان بأمور وهمية لا وجود لها ولكن العقل تخيّل وجودها".

ثانيا: يورد الشيخ تقي الدين - رحمه الله - أمثلة إعطاء المتكلمين العقل في بحث كل شيء فيقول: "فمثلاً بحثوا في ذات الله وصفاته" وأورد طائفة من أقوالهم في هذا الشأن فقال:

  1. فمنهم من قال: الصفة عين الموصوف.
  2. ومنهم من قال: الصفة غير الموصوف.
  3. وقالوا: علم الله هو انكشاف المعلوم على ما هو عليه.
  4. والمعلوم يتغير من حين لآخر، فورقة الشجرة تسقط بعد أن كانت غير ساقطة والله يقول: (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا). (الأنعام 59)
  5. وعلم الله ينكشف به الشيء على ما هو عليه.
  6. فهو عالم بالشيء قبل أن يكون على أنه سيكون.
  7. وعالم بالشيء إذا كان على أنه كان.
  8. وعالم بالشيء إذا عدم على أنه عدم.
  9. فكيف يتغيّر علم الله بتغـيُّر الموجودات؟
  10. والعلم المتغيِّر بتغير الحوادث علم محدث.
  11. والله لا يقوم به محدث؛ لأن ما يتعلق به المحدث محدث.

ثالثا: ذكر الشيخ أن من المتكلمين مَنْ أجاب على مسألة أن الله تعالى لا يقوم به مُحدَثٍ فقال:

  1. إن من المسلَّم به أن عِلمنا بأن زيدًا سيقدم علينا غير علمنا بأنه قدم فعلًا.
  2. تلك التفرقة ترجع إلى تجدد العلم، ولكن ذلك في حق الإنسان فهو الذي يتجدد علمه لأن مصدر العلم، وهو الإحسـاس، والإدراك يتجدد.
  3. أما في حق الله، فلا تفرقة عنده بين مُقَدَّر سيكون، ومحقق كان، ومُنجز حدث، ومتوقع سيحدث، بل المعلومات بالنسبة له على حال واحدة.

 

رابعًا: ذكر الشيخ طائفة أخرى من المتكلمين فقال: وأجاب متكلمون آخرون مسألة أن الله تعالى لا يقوم به مُحدَثٍ فقالوا: إن الله عالم بذاته بكل ما كان وما سيكون، وكل المعلومات معلومات عنده بعلم واحد، والاختلاف بين ما سيكون وما كان يرجع إلى الاختلاف في الأشياء لا في علم الله.

 

خامسًا: رد الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - على المتكلمين الآخرين، وقد جاء رده مشتملًا على نقطتين، فقال:

  1. هذا البحث كله بحث في شيء لا يقع عليه الحس، ولا يمكن للعقل أن يصدر حكمًا عليه؛ ولذلك لا يجوز للعقل أن يبحثه، ولكنهم بحثوه، ووصلوا إلى هذه النتائج جريًا على طريقتهم في إعطاء العقل حرية البحث في كل شيء.
  2. إن هؤلاء المتكلمين تصوروا أشياء فبحثوها، فمثلًا: تصوروا أن إرادة الله لفعل العبد تعلقت به حين أراد العبد الفعل، أي أن الله خلق الفعل عند وجود قدرة العبد، وإرادته، لا بقدرة العبد، وإرادته.

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع