الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 78) كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 (ح 78)

كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (3)

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثامنة وَالسَّبعينَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (3)".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "وقد اتجهوا في بحثهم اتجاه الفلاسفة اليونان، فبحثوا في الإرادة، وفي خلق الأفعال، فقالوا في مسألة الإرادة: إنا نرى أن مُريد الخير خـيّر ومُريد الشر شرير، ومُريد العدل عادل، ومُريد الظلم ظالم، فلو كانت إرادة الله تتعلق بكل ما في العالم من خير وشر، لكان الخير والشر مرادين لله تعالى، فيكون المريد موصوفًا بالخيرية، والشَّرية والعدل، والظلم، وذلك محال في حق الله تعـالى.

 

ويقولون بأن الله لو كان مُريدًا لكفر الكافر، ومعاصي العاصي ما نهاه عن الكفر والعصيان، وكيف يُتَصَور أن يريد الله من أبي لهب أن يكفر ثم يأمره بالإيمان، وينهاه عن الكفر؟ ولو فعل هذا أحد من الخلق لكان سـفيهاً، تعـالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ولو كان كفر الكافر وعصـيان العاصي مُراداً من الله تعـالى ما اسـتحقا عقوبة ولكان عملهما طاعة لإرادته...

 

وهكذا يمضون في الدليل في قضايا منطقية، ثم يعقبون ذلك بأدلة نقلية من القرآن الكريم. فيستدلون بقوله تعالى: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ). وبقوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ). وبقوله تعالى: (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ). وقوله: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)".

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يتابع الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - حديثه عن بيان الكيفية التي نشأت بها عند المتكلمين مسألة القضاء والقدر، وذلك من خلال الأفكار الآتية:    

 

أولًا: يذكر الشيخ خطأ آخر ارتكبه المعتزلة أوقعهم فيه اتِّباعهم لمنهج الفلاسفة اليونان حين بحثوا في صفات الله تبارك وتعالى، ومن أهمها صفتي: (العدل الإلهي)، و(الإرادة الإلهية)، وأورد بعض كلامهم في هذا الشأن فقال: "وقد اتجهوا في بحثهم اتجاه الفلاسفة اليونان فبحثوا في الإرادة وفي خلق الأفعال. فقالوا في مسألة الإرادة: إنا نرى أن مُريد الخير خيّر، ومُريد الشر شرير، ومُريد العدل عادل، ومُريد الظلم ظالم. فلو كانت إرادة الله تتعلق بكل ما في العالم من خير وشر، لكان الخير والشر مُرادين لله تعالى، فيكون المريد موصوفًا بالخيرية، والشَّرية والعدل، والظلم، وذلك محال في حق الله تعالى.

 

ثانيا: ذكر الشيخ قولا آخر من أقوال المعتزلة يحاولون فيه تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به. فيقول: "ويقولون بأن الله لو كان مُريدًا لكفر الكافر، ومعاصي العاصي ما نهاه عن الكفر والعصيان، وكيف يُتَصَور أن يريدَ اللهُ من أبي لهب أن يكفر ثم يأمره بالإيمان، وينهاه عن الكفر؟ ولو فعل هذا أحد من الخلق لكان سـفيهًا، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. ولو كان كفر الكافر، وعصيان العاصي مُرادًا من الله تعالى ما استحقا عقوبة، ولكان عملهما طاعة لإرادته".

 

ثالثا: ذكر الشيخ أن الذي أوقع المعتزلة في تلك الأخطاء هو منهجهم في عرض قضايا منطقية توصلوا عن طريق العقل ثم يستدلون عليها بأدلة نقلية من  القرآن فقال: "وهكذا يمضون في الدليل في قضايا منطقية، ثم يعقبون ذلك بأدلة نقلية من القرآن الكريم. فيستدلون بقوله تعالى: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ). (غافر31) وبقوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ). (الأنعام148) وبقوله تعالى: (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ). (الأنعام149) وقوله: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). (البقرة 185)

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالسبت, 07 تشرين الأول/أكتوبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع