- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 163
السنة الثالثة للهجرة - غزوة أحد - تفقد المسلمين شهداءهم
مصيبة النبي صلى الله عليه وسلم بعمه حمزة بن عبد المطلب:
لما انصرفت قريش عائدةً إلى مكة، خرج رسول الله ﷺ مع أصحابه يتفقدون الشهداء، وخرج رسول الله ﷺ يلتمس حمزة، وجعل يقول: «ما فعل عمي؟ ما فعل حمزة؟». فأخبروه عن مكانه فسار نحوه، فوجده قد مُثِل به!! منظرٌ لم يَرَ صلى الله عليه وسلم أوجع لقلبه منه، فبكى حتى شهِق، وقال: «لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً قط أغيظ إليَّ من هذا»، ثم قال: «رحمة الله عليك، قد كنت وَصولاً للرحم، فعولاً للخيرات». فنزل جبريل عليه السلام فقال: "إن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في أهل السماوات السبع أسد الله، وأسد رسوله".
وقوف النبي عند جثمان مصعب بن عمير:
وتفقد النبي ﷺ باقي الصحابة، وكُفن مصعب بن عمير رضي الله عنه، في بُردَةٍ لَمْ تُغَطِّ رِجلَيهِ، فقال النبي ﷺ: «غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه الإذخِر».- والإذخِرُ: هو نَباتٌ عُشبيٌّ عَريضُ الأوراقِ، له رائحةٌ لَيمونيَّةٌ عَطِرةٌ، أزهارُه تُستَعملُ مَنقوعةً كالشَّايِ، وهو نَباتٌ نافِعٌ في حَرْقِهِ بَدَلًا مِنَ الحَطَبِ، ويَجعَلونَه في أسقُفِ بُيوتِهم، وكذا لِسُقُفِ قُبورِهم - فلما دُفن مصعب - رضي الله عنه - وقف عليه ﷺ فقال: «لقد رأيتُكَ بِمَكَّةَ وَمَا بِهَا أَحَدٌ أَرَقُّ حُلَّةً، وَلَا أحْسَنُ لِمَّةً مِنكَ، ثُمَّ أنْتَ شَعِثُ الرَّأسِ في بُرْدَةٍ». - واللِّمَّةُ شعر الرأس-!!
ولما فرغ رسول الله ﷺ من دفن الشهداء وقف عليهم، وقال: «أشهد أنكم أحياء عند الله، فزوروهم، وسلموا عليهم، فو الذي نفس محمَّد بيده لا يُسلِّمُ عليهم أحدٌ إلا ردُّوا عليه إلى يوم القيامة».
جمع الشهداء ودفنهم:
أمر رسول الله ﷺ بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد، والجلود، وأن يدفنوهم حيث قُتلوا بدمائهم، وثيابهم، وقال: «لا تُغسلوهم، فإن كل جرح، أو كل دم يفوح مسكًا يوم القيامة». وكثُر القتلى، وقلت الثياب، فكان الرجل، والرجلان، والثلاثة يُكفنون في الثوب الواحد، ثم يُدفنون في القبر الواحد، وكان رسول الله ﷺ يقول لهم: «انظروا أكثر هؤلاء جمعاً للقرآن فاجعلوه أمام أصحابه في القبر!!».
عِدّةُ الشهداء، وعدد قتلى المشركين:
بلغ عدد الشهداء من المسلمين يوم أُحد سبعين رجلاً: أربعة من المهاجرين: حمزة، ومصعب، وعبد الله بن جحش، وشمّاس - رضي الله عنهم - وخمسة وستين من الأنصار، ورجلًا من اليهود كان قد أسلم. وبلغ عدد قتلى المشركين سبعاً، وثلاثين رجلا.
عودة النبي ﷺ إلى المدينة: وعاد النبي ﷺ مع أصحابه إلى المدينة، وبكى المسلمون قتلاهم، واستعانوا بالله عز وجل، وصبروا على ما أصابهم، فسُرَّ بذلك المنافقون في المدينة، وأظهروا الشماتة بالمسلمين، وبات المسلمون ليلة قدومهم يحرسون مداخل المدينة، ومخارجها، وقد أنهكهم التعب، وبات الأنصار على باب النبي ﷺ، يحرسونه خوفاً من كرة العدو على المدينة... كيف لقلب رسول الله ﷺ أن يحتمل موت كل هؤلاء الصحابة في يوم واحد، وهو بمنزلة الأب لهم؟! بأبي أنت وأمي يا رسول الله!!
ومع وقفة عند غزوة أحد ... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين ... اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وارزقنا شفاعته!!
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي