- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 172
السنة الرابعة للهجرة - غزوة بني النضير (2)
قطع النخيل: لما أمر رسول الله ﷺ أصحابه بقطع النخيل وإحراقها، ناداه اليهود: يا محمَّد، قد كنت تنهي عن الفساد، وتعيب على من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها؟ وكانت النخلة أعجب، وأحب إلى اليهود من الخدم، فخاف المسلمون أن يكونوا قد فعلوا فسادًا في الأرض، فأنزل الله - عز وجل - قوله تعالى في سورة الحشر: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ). (الحشر ٥) فاطمأن المسلمون، وكان قطع النخيل خِزيًا لليهود.
هل نصر المنافقون اليهود؟ خذل المنافقون اليهود ولم ينصروهم، فأنزل الله عز وجل من سورة الحشر قوله تعالى: (لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ). (الحشر ١٢)
ثم قذف الله الرعب في قلوب اليهود، وقالوا: نحن نخرج من بلادك، فأخذوا من أموالهم، وأمتعتهم كل ما تستطيع أن تحمله الإبل، وكان معهم ستمائة بعير، وكانوا يهدمون بيوتهم؛ ليحملوا ما استحسنوه من أبواب، ونوافذ، بل إن بعضهم حمل أوتاد السقف حتى لا ينتفع منها المسلمون من بعدهم، ثم حملوا النساء، والصبيان على الهوادج، ومعهم الدفوق والمزامير، يعزفون خلفهم بفخرٍ ما رُئيَ مثله، وخرجوا إلى الشام، وكان الله قد كتب عليهمُ الجلاء، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل.
تقسيم غنائم بني النضير: قبض رسول الله ﷺ ما تركوه من الأموال والسلاح، فأعطى أكثر الغنائم للمهاجرين، وقسمها بينهم خاصة؛ ليرفع بذلك مؤونتهم عن الأنصار. ويُروى أن رسول الله ﷺ دعا الأنصار فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر ما صنعوا بالمهاجرين من إيثارهم على أنفسهم، ثم قال: «إن إخوانكم المهاجرين ليس لهم أموال، إن شئتم أعطيتهم، وخرجوا من دوركم، وإن شئتم أمسكتم أموالكم، وقسمت هذه فيهم خاصة». فقالوا: "بل اقسم هذه فيهم، واقسم لهم من أموالنا ما شئت، ويكونون في دورنا كما كانوا". ونادت الأنصار: رضينا، وسلّمنا يا رسول الله. فقال رسول الله ﷺ: «اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار». وأنزل الله تعالى فيهم قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ). فقسم رسول الله ﷺ ذلك بين المهاجرين، ولم يعطِ أحدًا من الأنصار إلا رجلين محتاجين منهم.
السورة التي نزلت في غزوة بني النضير: نزلت سورة الحشر كاملة في أمر بني النضير، ومدح فيها الأنصار، وذمّ المنافقين، وفضح ما كان بينهم وبين اليهود. وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول: عن سورة الحشر: "إنها سورة بني النضير".
هذا، ولا زال للحديث عن يهود بني النضير، وعمَّا نزل من القرآن في أيام حصارهم لا زال لهذا الحديث بقية... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين ... اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا، وارزقنا شفاعته!!
اللهم صلِّ على سيدنا محمَّد صلاة تعرض عليه في كل وقت وحين، وتعلو بمن يصليها إلى أعلى عليين، وتكرم من يداوم عليها بحسن الخواتيم، وعلى الآل، والصحب، والذرية، والمُحبين، والمحبوبين، ونحن منهم أجمعين، يا رب العالمين.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد النادي