الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول   (ح 81)  كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (6)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 81)

كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (6)

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الحادية والثمانين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (6)".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "هذه هي مسألة (القضاء والقدر) وهذا هو رأي المعتزلة فيها. وفحواها أنها مسألة إرادة فعل العبد وما يحدث في الأشياء من خاصيات نتيجة فعل الإنسان. وفحوى رأيهم أن العبد حر الإرادة في أفعاله كلها، وأنه هو الذي يخلق أفعاله ويخلق الخواص التي تحدث في الأشياء من أفعاله.

 

وهذا الرأي من المعتزلة أثار ثائرة المسلمين، وكان رأيًا جديدًا عليهم، ورأيًا جريئًا في الأساس الأول في الدين وهو العقيدة. ولذلك انبروا يردون عليه. فقام جماعة يُطلق عليهم (الجبرية) ومن أشهرهم جهم بن صفوان. فقال هؤلاء الجبريون: إن الإنسان مجبور وليست له إرادة حرة، ولا قدرة على خلق أفعاله، وهو كالريشة في مهب الريح أو كالخشبة بين يدي الأمواج، وإنما يخلق الله الأعمال على يديه. وقالوا: إذا قلنا أن العبد خالق أعماله ترتب عليه تحديد قدرة الله وأنها لم تشمل كل شيء. وأن العبد شريك لله تعالى في إيجاد ما في هذا العالم.

 

والشيء الواحد لا يمكن أن تتعاون عليه قدرتان. فإن كانت قدرة الله هي التي خلقته فلا شأن للإنسان فيه، وإن كانت قدرة الإنسان هي التي خلقته فلا شأن فيه لقدرة الله. ولا يمكن أن يكون بعضه بقدرة الله وبعضه بقدرة العبد. فالله هو خالق فعل العبد وبإرادته وحده فَعَلَ العبد الفعل. ويرون أن أفعال العباد واقعة بقدرة الله وحدها وليس لقدرة العبد تأثير فيها، وليس الإنسان إلا مَحَلاً لما يُجريه الله علي يديه، فهو مُجبر جبراً مطلقاً، وهو والجماد سواء لا يختلفان إلا في المظهر". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يتابع الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - حديثه عن بيان الكيفية التي نشأت بها عند المتكلمين مسألة القضاء والقدر، وذلك من خلال الأفكار الآتية:    

 

أولا: ذكر الشيخ - رحمه الله - فحوى مسألة القضاء والقدر فقال: "هذه هي مسألة القضاء والقدر، وفحواها أنها مسألة إرادة فعل العبد وما يحدث في الأشياء من خاصيات نتيجة فعل الإنسان".

 

ثانيا: ذكر الشيخ - رحمه الله - فحوى رأي المعتزلة في مسألة القضاء والقدر فقال: "وهذا هو رأي المعتزلة فيها، وفحوى رأيهم أن العبد حر الإرادة في أفعاله كلها، وأنه هو الذي يخلق أفعاله ويخلق الخواص التي تحدث في الأشياء من أفعاله".

 

ثالثا: ذكر الشيخ - رحمه الله - أثر رأي المعتزلة في مسألة القضاء والقدر على المسلمين، فقال: "وهذا الرأي من المعتزلة أثار ثائرة المسلمين، وكان رأيًا جديدًا عليهم، ورأيًا جريئًا في الأساس الأول في الدين وهو العقيدة؛ ولذلك انبروا يردون عليه.

 

رابعًا: ذكر الشيخ - رحمه الله - أن جماعة يُطلق عليهم (الجبرية) قاموا للرد على المعتزلة، ومن أشهرهم جهم بن صفوان. فقال هؤلاء الجبريون: إن الإنسان مجبور، وليست له إرادة حرة، ولا قدرة على خلق أفعاله، وهو كالريشة في مهب الريح، أو كالخشبة بين يدي الأمواج، وإنما يخلق الله الأعمال على يديه".

 

خامسًا: ذكر الشيخ - رحمه الله - قولًا آخر من أقوال الجبرية: فقال: "وقالوا: إذا قلنا: إن العبد خالق أعماله ترتب عليه تحديد قدرة الله، وأنها لم تشمل كل شيء. وأن العبد شريك لله تعالى في إيجاد ما في هذا العالم".

 

سادسًا: يسترسل الجبريون في كلامهم عن خلق الإنسان لأعماله، فيقولون: "والشيء الواحد لا يمكن أن تتعاون عليه قدرتان. فإن كانت قدرة الله هي التي خلقته فلا شأن للإنسان فيه، وإن كانت قدرة الإنسان هي التي خلقته فلا شأن فيه لقدرة الله، ولا يمكن أن يكون بعضه بقدرة الله، وبعضه بقدرة العبد، فالله هو خالق فعل العبد، وبإرادته وحده فَعَلَ العبد الفعل.

 

سابعا: يذكر الشيخ - رحمه الله - خلاصة رأي الجبريين فيقول: "ويرون أن أفعال العباد واقعة بقدرة الله وحدها، وليس لقدرة العبد تأثير فيها، وليس الإنسان إلا مَحَلًا لما يُجريه الله علي يديه، فهو مُجبرٌ جبرًا مطلقًا، وهو والجماد سواء لا يختلفان إلا في المظهر".

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ محمد النادي

 

 

آخر تعديل علىالسبت, 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع