- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 175
السنة الرابعة للهجرة
زواج النبي من أم سلمة - رضي الله عنها -
تقول السيدة أم سلمة: "أتاني أبو سلمة يوماً من عند رسول الله ﷺ فقال: لقد سمعت من رسول الله ﷺ قولاً فسُررت به، قال: «لا تصيب أحداً من المسلمين مصيبةٌ، فيسترجع عند ذلك، ثم يقول: اللهم عندك أحتسب مصيبتي هذه، اللهم اخلُفنِي خيراً مِنهَا إلا أعطاه الله ذلك».
ومعنى (يسترجع) أن يقول: (إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ) قالت: "فلما مات أبو سلمة استرجعْتُ، وَقلتُ: اللهم عندك أحتسب مصيبتي هذه، فائجرني فيها، وكنت إذا أردت أن أقول: فأبدلني خيراً منها، قلت في نفسي: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أوَّلُ بَيتٍ هَاجَرَ، ثُمَّ إني قلتها، فأخلفَ اللهُ لِي رسولَ اللهِ ﷺ".
فلما انقضت عدتها، خطبها أبو بكر فردته، ثم خطبها عمر فردته، فأرسل إليها رسول الله ﷺ يخطبها لنفسه، فردت عليه أم سلمة: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك رغبة فيَّ، ولكني امرأة في غيرةٍ شديدة، فأخافُ أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به، وَأنَا امرأة قد دخلت في السِّنّ، وأنا ذات عيال. فقال ﷺ: «أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يُذهبها الله عز وجل عنك، وأما ما ذكرت من السن، فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي». فتزوجها النبي ﷺ في بيت زينب بنت خزيمة أم المساكين بعد أن ماتت، وذهبت عنها غيرتها، كأنها ليست من النساء لا تجد ما يجدن من الغيرة.
تقول السيدة عائشة: "لما تزوج النبي ﷺ أم سلمة، حزنت حزناً شديداً، لما ذكر لنا من جمالها، فتلطفت حتى رأيتها، فرأيت والله أضعاف ما وُصِفَتْ لِي فِي الحُسْنِ، وَالجَمَالِ، فذكرتُ ذَلكَ لِحَفصَةَ - وكانت هي وعائشة يداً واحدة - فقالت لها عائشة: لا والله ما هي من الجمال كما يقولون، فتلطفتْ لها حفصة حتى رأتها، فقالت: لا والله ما هي كما تقولين، ولا قريب إنها لجميلة. فقالت عائشة: "فرأيتها بعد ذلك، فكانت كما قالت حفصة، ولكن كنت غيرى".
وقفة عند السيدة أم سلمة: لاحظنا تعلق أم سلمة الشديد بزوجها، ولكن ثقتها بالله، واسترجاعها في مصيبتها، جعلها الله سيدة نساء النبي ﷺ، وأمّاً للمسلمين. فكانت أم سلمة - رضي الله عنها - وزيرةَ صدقٍ عِندَ زَوجَاتِ النَّبي ﷺ بعد ما أخرج الله من قلبها الغِيرَة، فكانت داعية وئام، ومحبة، وألفة، وكانت تعد الرَّاوِيَةَ الخَارِجِيَّةَ لأحداث النبي ﷺ، إذ كان رسول الله ﷺ يُقرع بين زوجاته أيتهنَّ ستخرُجُ معه في الغزوة، فكانت تقع غالبية القرعة على السيدة أم سلمة حِكمَةً مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ لِمَا فِيهَا من عقلٍ رَاجحٍ، وَرَأيٍ سَدِيدٍ. وَسَنَرَى فيما بعد - في صلح الحديبية - كَيفَ كان لَهَا الفضلُ فِي إنقَاذِ الأمَّةِ مِنَ الهَلَاكِ بِحكْمَتِها، فَرَضِيَ اللهُ عَن أُمِّنَا أمِّ سَلَمَةَ وَأرضَاهَا.
وفاة أم سلمة رضي الله عنها: كانت أمُّ سَلمَةَ آخِرَ أمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهُنّ وَفَاةً، إِذ تُوفِّيتْ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَكَانَ لَهَا مِنَ العُمرِ أرْبَعٌ وَثَمانُونَ سَنَة.
وعودة إلى غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ومع غزوة ذات الرقاع... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين!!
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين بقدر حبك إياه، وزدنا يا مولانا حبًا له، اللهم إكرامًا لنبيك صلى الله عليه وسلم فرِّج عنَّا ما نحن فيه.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي