- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح 189
السنة الخامسة للهجرة - حادثة الإفك - الجزء الأول
في غزوة بني المصطلق وقعت حادثة الإفك التي كانت أعظم فتنة حاكها المنافقون، وأساءوا فيها إلى مقام رسول الله ﷺ، ونشروا الكلام حول عرضه وكرامته وأحب أزواجه إليه، فكان أكبر بلاء يتعرض له النبي ﷺ، ولنترك السيدة عائشة - رضي الله عنها - تروي لنا حادثة الإفك هذه قالت:
«كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها معه، فلما كانت غزوة بني المصطلق خرج سهمي، فخرجت مع رسول الله ﷺ بعدما أنزل الحجاب، فكنتُ أُحْمَلُ في هَودَجِي، وأُنزِلُ فيه - والهودج: هو المركب الذي يوضع على الجمل الذي تركب عليه النساء - حتى إذا فرغ رسول الله ﷺ من غزوته أذّن في الناس بالرحيل، فقمت فمضيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري، فإذا عقدٌ لي قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه - أي ذهابي للبحث عنه - وأقبل الرهط الذين كانوا يَرْحَلُونَ بِي، فاحتملوا هَودَجِي فرحّلوه عَلَى بَعِيري الذي كنت أركبُ عليه، وهم يظنون أنِّي فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافـًا لم يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، فلم يستنكر القوم خفة الهودج، وكنت جارية حديثة السن فساروا، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم، وليس بها من داعٍ، ولا مجيب، فأقمت بمنزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيتفقدونني؛ فيرجعوا إليَّ، فبينا أنا جالسة قد تلففت بجلبابي غلبتني عيني فنمت، فما استيقظت إلا بقول صفوان بن المُعطل السُلمي: "إنا لله، وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله ﷺ؟"، وكان صفوان من وراء الجيش؛ لأنه كان على السَّاقة يتخلف عن الناس؛ ليلتقط ما يسقط من المتاع، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، وقال: يا أمه، قومي فاركبي، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا، وكان ذلك في نهاية الظهيرة، فلما رأى ذلك الناس قالوا ما قالوا، وهلك من هلك بقول البهتان والافتراء». ماذا حدث في المدينة؟ ... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين ... اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا، وارزقنا شفاعته!!
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة تغمرنا بها بمحبتك؛ ليهون علينا كل شيء، ونعرفك بها، ويصغر لدينا كل شيء، ونوحدك بها يا ربنا، ولا نشرك بك شيئًا، وتجعلنا بها في حصنك؛ لنكون من الآمنين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه صلاة يزكو فيها العمل، ونبلغ بها غاية الأمل.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي