مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 190

السنة الخامسة للهجرة - حادثة الإفك - الجزء الثاني

نكْمِلُ حديثنا عن حادثة الإفك التي حدثت مع السيدة عائشة - رضي الله عنها - وكان أول من أشاع حديث الإفك عبد الله بن أبيِّ بن سلول في جماعة من المنافقين، ثم أشاع ذلك في المدينة بعد دخولهم إليها!!

قالت عائشة: «فاضطرب العسكر، ثم قدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهراً - أي مرضت - والناس يخوضون في قول أصحاب الإفك، وانتهى الحديث إلى رسول الله ﷺ، وإلى أبَوَيَّ، ولا أشعر بشيء من ذلك، إلا أني قد أنكرت من رسول الله ﷺ بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني، ولطف بي، كان إذا دخل وعندي أمي تمرضني سلّم ثم قال: «كيف تيكم؟» - أي كيف أنتما - لا يزيد على ذلك، ثم ينصرف.

قالت عائشة: «حتى بَرِئْتُ من وجعي، فخرجت ليلة لبعض حاجتي، ومعي أم مِسطح، فقالت: تعِسَ مِسْطَح، فقلت لها: بئس ما قلت أتسُبين رجلاً شهد بدراً؟  فقالت: أوَمَا بلغك ما قال يا بنت أبي بكر؟ قلت: وما قال؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك، فرجعت إلى بيتي، ووعِكت، فدخل عليّ رسول الله ﷺ فسلم، ثم قال: «كيف تيكم؟»، فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبواي؟ قال: «لا عليك».

قالت عائشة: «فدخلت الدار، فقالت أمي: ما جاء بك يا بنية؟ فأخبرتها، وقلت لها: يغفر الله لك، تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً، فقالت: يا بنية، هوني عليك، والله لقلّما كانت امرأة حسنة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا حسدنها، وكثّرن عليها، وكثّر الناس عليها، فقلت: وقد علم به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسول الله ﷺ؟ قالت: نعم». فخرّت عائشة - رضي الله عنها -مغشياً عليها، فما أفاقت إلا وعليها حُمَّى برِعْدَةٍ شَدِيدَةٍ.

قالت عائشة: «فاستعبرت، وبكيت، فسمع أبو بكر صوتي، وهو فوق البيت يقرأ، فنزل، فقال لأمي: ما شأنها؟ فقالت: بلغها الذي ذُكر من شأنها، ففاضت عيناه، وقال: والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط، فكيف وقد أعزنا الإسلام؟ فبكى أهل الدار، ثم قال: أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت»... يتبع بإذن الله الجزء الثالث من حادثة الإفك التي حدثت مع السيدة عائشة - رضي الله عنها -... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين ... اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وارزقنا شفاعته!!

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة تغمرنا بها بمحبتك؛ ليهون علينا كل شيء، ونعرفك بها، ويصغر لدينا كل شيء، ونوحدك بها يا ربنا، ولا نشرك بك شيئاً، وتجعلنا بها في حصنك؛ لنكون من الآمنين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه صلاة يزكو فيها العمل، ونبلغ بها غاية الأمل.

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي