مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 196

السنة الخامسة للهجرة - غزوة الخندق - الجزء الرابع

النبي ﷺ يبشر الصحابة بانفراج الشدة: أما رسول الله ﷺ، فإنه لما رأى ما في الناس من البلاء، والكرب جعل يُبشرهم ويقول لهم: «والذي نفسي بيده، ليُفرجنّ عنكم ما ترون من الشدة، وإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمنًا، وأن يدفع الله عز وجل إليّ مفاتيح الكعبة، ولَيُهلكنّ كسرى، وقيصر ولَتُنفقنّ كنوزهما في سبيل الله عز وجل».

استبسال صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم: وجعل النبي ﷺ النساء، والصبيان، والذراري في حصن مرتفع، وقال: «إنْ ألمَّ بِكُنَّ أحَدٌ فَألمِعْنَ بِالسَّيفِ». فجاء نفر من اليهود إلى الأُطُم - أي البيت المرتفع - وجعلوا يرمون الحصن، ودنا أحدهم إلى بابه، وجعل يطوف به، ورسول الله ﷺ، والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إليهم، فأخذت صفية عمة النبي ﷺ عمودًا، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، فرمت به على اليهود، فتفرقوا، وذهبوا، وهم يقولون: "قد علمنا أن مُحمَّدًا لم يكن ليترك أهلَهُ خُلُوفًا لَيسَ مَعَهُنَّ أحَدٌ". فلما أُخبر رسول الله ﷺ بذلك ضرب لصفية بسهم، كما كان يضرب للرجال، من غنائم بني قريظة.

استشارة النبي صلى الله عليه وسلم اثنين من صحابته في عقد صلح مع غطفان: وأراد النبي ﷺ أن يعقد صلحًا مع غطفان، وعقدًا على أن يُعطيهم ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا ومن معهم؛ فاستشار ﷺ سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، فقالا: "أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك، وبه نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم". فوافقهما النبي ﷺ.

اقتحام نفر من المشركين الخندق: وأقام رسول الله ﷺ، والمسلمون على الخندق، وعدوهم يُحاصرهم، ولم يكن بينهم قتال إلا المراماة بالنبل، حتى خرجت فوارس قريش على خيلهم، منهم عمرو بن عبد وُدّ، وعكرمة بن أبي جهل، وجعل عمرو بن عبد ودّ العامري يدعو إلى المبارزة ثلاثًا، وهو ابن تسعين سنة، وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراح، فلم يشهد يوم أحد، ولم يجرؤ أحد من المسلمين على النزول إليه؛ لما كان له من شهرة في القتال. فماذا فعل المسلمون بعد ذلك، ومن الفارس المسلم الذي تصدى لهذا العُتُلِّ؟؟!! ... هيا بنا نتابع وصلوا، وسلموا على هادي الأممِ سيدنا محمَّدٍ الأمينِ، قائدِ الغرِّ المُحجَّلين!! اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا، وارزقنا شفاعته!!

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة تغمرنا بها بمحبتك؛ ليهون علينا كل شيء، ونعرفك بها، ويصغر لدينا كل شيء، ونوحدك بها يا ربنا، ولا نشرك بك شيئًا، وتجعلنا بها في حصنك؛ لنكون من الآمنين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه صلاة يزكو فيها العمل، ونبلغ بها غاية الأمل.

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي