- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة "رمضان كريم" كلمات قصيرة
اليوم الثالث
يتخرج الصائم من مدرسة الصيام يحمل شهادة التقوى
إِخْوَانَنَا الكِرَامْ.. أخَوَاتِنَا الكَرِيمَاتْ.. مَعَاشِرَ الصَّائِمِينَ، وَالصَّائِمَاتِ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهْ.
الحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَصَلَاةً وَسَلَامًا عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَفَى. أمَّا بَعدُ:
قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ العَزِيزِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (البقرة ١٨٣) أخْبَرَنَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنَّ أمَّةَ الإِسْلَامِ لَيْسَتْ بِدْعاً مِنَ الأمَمِ، بِلْ هِيَ خَيرُ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، كَتَبَ اللهُ عَلَيهَا الصِّيَامَ كَمَا كَتَبَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - الثَّمَرَةَ الَّتِي يَنبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى اكتِسَابِهَا مِنْ صَومِهِ، أَلَا وَهِيَ ثَمَرَةُ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى مِنْ جَوَامِع الكَلِمِ، فَهِيَ كَلِمَةٌ قَلِيلَةٌ فِي عَدَدِ حُرُوفِهَا، كَثِيرَةٌ فِي مَعَانِيهَا، وَالمُؤَمَّلُ أَنْ يَتَخَرَّجَ الصَّائِمُ مِنْ مَدْرَسَةِ الصِّيَامِ يَحْمِلُ بَيَمِينِهِ شَهَادَةَ التَّقْوَى، وَقَدْ تَحَقَّقَتِ التَّقْوَى فِي نَفْسِهِ، وَأثَّرَتْ فِي سُلُوكِهِ تَأثِيراً قَوِيّاً يؤَهِّلُهُ لِلْفَوزِ بِالجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِنْ النَّارِ. وَالتَّقْوَى كَمَا عَرَّفَهَا الإِمَامُ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - "هِيَ الخَوفُ مِنَ الجَلِيلِ، وَالعَمَلُ بِالتَّنْزِيلِ، وَالرِّضَا بِالقَلِيلِ، وَالاسْتِعْدَادُ لِيَومِ الرَّحِيلِ".
وَلَو حَرِصَ كُلُّ صَائِمٍ عَلَى أَنْ يُحَقِّقَ فِي نَفْسِهِ، وَفِي مُجْتَمَعِهِ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ هَذِهِ الأمُورَ الأرْبَعَةَ لَكَانَ حَالُنَا غَيرَ هَذَا الحَالِ!! فَالخَوفُ مِنَ الجَلِيلِ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ إِلَى أنْ يَجْعَلَ الحَلَالَ وَالحَرَامَ مِقْيَاساً لِأَعْمَالِهِ. وَالعَمَلُ بِالتَّنزِيلِ مَعْنَاهُ تَطْبيقُ شَرْع اللهِ تَعَالَى المُسْتَنبَطُ مِنْ كَتَابِ اللهِ تَعَالَى وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا أرْشَدَا إِلَيهِ مِنْ إِجْمَاع الصَّحَابَةِ، وَالقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ بِاجْتِهَادٍ صَحِيح. وَلَا يَخْفَى عَلَى كُلِّ ذِي لُبٍّ مَا فِي تَطبِيقِ شَرْع اللهِ تَعَالَى مِنْ خَيرٍ، فَقَد أخْبَرَنَا نَبِيَّنَا الصَّادِقُ المُصَدَّقُ صلى الله عليه وسلم أنَّ "إقَامَةَ حَدٍّ وَاحِدٍ مِنْ حُدُودِ اللهِ خَيرٌ مِنْ أنْ يُمطَرَ الناسُ أربَعين" وَلَمْ يُحَدِّد رَسُولُ اللهِ المَعْدُودَ لِلعَدِد أرْبَعِينَ أهُوَ يَوماً أوْ شَهْراً أو سَنَةً؟ فَمَا ظَنُّكُمْ بِتَطبِيقِ نِظَامِ الإسْلَامِ كَامِلاً فِي جَمِيعِ شُؤُونِ الحَيَاةِ؟! وَالرِّضَا بِالقَلِيلِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا مَعْنَاهُ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللهُ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَكُنْ أغْنَى النَّاسِ كَمَا أخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم. وَقَدِيماً قِيلَ: "القَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى". وَأمَّا الاستِعْدَادُ لِيَومِ الرَّحِيلِ فَهُوَ تَمَامُ الأمْرِ لِلْحُصُولِ عَلَى السَّعَادَةِ الأبَدِيَّةِ فِي الآخِرَةِ بَعْدَ الحُصُولِ عَلَى السَّعَادَةِ المُؤَقَّتَةِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.