- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة "رمضان كريم" كلمات قصيرة
اليوم الحادي عشر
رمضان يهذب النفوس، ويزكيها، ويحملها على فعل الخيرات
إِخْوَانَنَا الكِرَامْ.. أخَوَاتِنَا الكَرِيمَاتْ.. مَعَاشِرَ الصَّائِمِينَ، وَالصَّائِمَاتِ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهْ.
الحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَصَلَاةً وَسَلَامًا عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَفَى. أمَّا بَعدُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، وَالجَهْلَ، فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ). هَذَا الحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي بَيَانِ الحِكْمَةِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الصِّيَامِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَشْرَع الصِّيَامَ لأجْلِ الامْتِنَاعِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ المُبَاحَاتِ فِي الأصْلِ؛ وَإِنَّمَا شَرَعَ الصِّيَامَ لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ، ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الحَدِيثِ، وَذَكَرَهَا اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ، أَلَا وَهِيَ تَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَتَقْوَى اللهِ تَعَالَى تَكُونُ بِاتِّبَاع شَرْعِهِ وَعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ، بِفِعْلِ مَا أمَرَ بِهِ، وَتَرْكِ مَا نَهَىَ عَنْهُ. وَقَولُ الزُّورِ هُوَ الكَذِبُ، وَالعَمَلُ بِهِ يَعْنِي العَمَلَ بِالبَاطِلِ. وَالجَهْلُ هُوَ السَّفَهُ، وَيَدْخُلُ فِي الجَهْلِ جَمِيعُ المَعَاصِي؛ لِأنَّهَا مِنَ الجَهْلِ بِاللهِ العَظِيمِ جل جلاله. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «مَنْ عَمِلَ السُّوءَ؛ فَهُوَ جَاهِلٌ». دَلَّ هَذَا الحَدِيثُ عَلَى أمْرَينِ اثْنَينِ: الأَوَّلُ: أنَّهُ يَتَأكَّدُ عَلَى الصَّائِمِ تَرْكُ الذُّنُوبِ، وَالمَعَاصِي أكْثَرَ مِنْ غَيرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِصَيَامِهِ مَعْنَى. وَالثَّانِي: أنَّ الذُّنُوبَ وَالمَعَاصِي تُؤَثِّرُ فِي الصَّومِ فَتَجْرَحُهُ، وتُضْعِفُ ثَوَابَهُ. فَالصِّيَامُ مَدْرَسَةٌ يَتَرَبَّى فِيهَا المُسْلِمُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، فَلَا بُدَّ أنْ يَتَمَيَّزَ المُسْلِمُ فِي صِيَامِهِ بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا، فَيَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي الوَاجِبَاتِ، وَيَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ مِنَ المُنْكَرَاتِ، وَيَتَحَلَّى بِالأَخْلَاقِ الحَمِيدَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ».
فَشَمِّرُوا عَنْ سَوَاعِدِ الجِدِّ، فَاقْرَءُوا مَصَاحِفَكُمْ، وَاجْبُرُوا تَقْصِيرَكُمْ، وَأطِيلُوا سُجُودَكُمْ، وَزِيدُوا فِي نَوَافِلِكُمْ، وَألِحُّوا فِي دُعَائِكُمْ، وَاجْعَلُوا رَمَضَانَ حَيَاةً لِقُلُوبِكُمْ؛ فَإِنَّ ضَيفَكُمْ هَذَا عَجُولٌ، وَفِيهِ نَفْحَاتٌ إِيمَانِيَّةٌ، يَحْسُنُ بِكُمْ أنْ تَتَعَرَّضُوا لَهَا؛ وَذَلِكَ امْتِثالًا لِأمْرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم القائل: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا». (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ)
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.